{ حاولت وأكثرت من المحاولات لأفهم دلالات ما بثّه التلفزيون الليبي للعقيد معمر القذافي وهو يستقبل رئيس الاتحاد العالمي للشطرنج في هذا التوقيت، ولمّا أعياني عدم الفهم قررت أن أشرككم في همي علّي أجد من يفك حيرتي، فالرجل تعيش بلاده محنة لا أراها الله لحبيب، هو جزء كبير وسبب أساسي فيها، وقوات الناتو نازله فيه ضرب صباح مساء، والثوار يكرون ويفرون على كتائبه مكبدينها خسائر بالكوم، والرأي العالمي والأسرة الدولية تضيّق عليه الخناق، ويفترض - أو هكذا يبدو لي - أنه حزين على مقتل ابنه وأحفاده في غارة استهدفت مقر سكنه.. في عز هذه الأحداث التي تهز جبلاً يستقبل القذافي رئيس اتحاد الشطرنج!! مؤكد الحكاية ليست صدفة، والرجل جلس ليلاعب رئيس الاتحاد شخصياً في لعبة تعتمد على الذكاء والمراوغة وضرب الخصوم، وفيها ملك ووزير وجنود وطابية وحصان، يعني القذافي ما لقى إلا اللعبة دي؟ وكان بإمكانه، لو أراد أن يُشعر العالم بأن الحياة طبيعية ومنسابة في بلاده، اختيار مشاهدة مباراة للتنس، أو حتى كرة القدم، إن شاء الله يختار لجمهورها مجموعة من الكومبارس يؤدون دور المشجعين، لكن لا، فالرجل اختار الشطرنج لدلالات معينة وإشارات أراد أن يرسلها، وكأنه قد وضع خصومه في طاولة أمامه وألبس روحه لملك الشطرنج وأدار اللعبة. بالمناسبة الصورة لم تُظهر العقيد وهو يستقبل رئيس الاتحاد فقط، ولكنه ظهر جالساً وهو يلعب معه، وفي نهاية الخبر المصوّر مد يده للعقيد مصافحاً ومهنئاً، إذ يبدو أن العقيد هو من فاز باللعبة، ولا أدري كيف كان سيكون حاله لو أن خصمه في اللعب تفوّق عليه وقال له كش ملك. في كل الاحوال سيظل هذا الحدث لغزاً بالنسبة لي، طالما أن مهندسيه لن يجاهروا بالسبب الحقيقي لرسمه وتنفيذه وخروجه للعلن بهذه الطريقة، وسيظل الشمار (كاتلني) لأعرف النتيجة الحقيقية للمباراة، والله يكون في عون الرجل وهو يلاعب القذافي في لعبة هي عنده في مقام الجد.. والبغلبوه الثوار يتسدّاها في رئيس اتحاد الشطرنج..! { كلمة عزيزة جملة التقطتها من حديث تلفزيوني للشاعر الكبير عوض أحمد خليفة، قال فيها إن الراحل عثمان حسين ما كان محتاجاً أن يغني لأحد، وأنه لولا أنه في الإذاعة السودانية طُلب منه أن يغني أغنية حقيبة لما غنى لأحد. وهذا الحديث فيه دلالة واضحة أن لعثمان حسين بصمته وشخصيته، حتى قبل أن يعرف الناس تفاصيل وجوانب هذا الهرم العملاق، وحديث الشاعر عوض أحمد خليفة أهديه لكثير من الفنانين الشباب من أصحاب الأصوات الجميلة المتفردة الذين (يتهيبون) أن يقدموا أنفسهم بمنتجهم الخاص، وهم مؤمنون أنه لا بد لهم من ركوب قطار من سبقوهم من الفنانين للوصول لمحطة الانطلاق.. أقول لهم بدلاً من أن يشغلوا أنفسهم وينشغلون بإهدار زمنهم في محاكم الملكية الفكرية، ليتهم بذلوا هذا الوقت في البحث عن أعمال ذات لونية خاصة بهم، طالما أن حظهم العاثر أوقعهم في شراك من لا يريد لطير أن يطير، وبالتالي عليهم أن يكونوا أكثر تحدياً في أن يطيروا بأجنحتهم ويرفرفوا بمنتجهم الخاص، فلربما، أقول ربما، من خلال بحثهم عن الذات لقينا أكثر من عثمان حسين، وهي ليس أمنية لا سبيل لتحقيقها، طالما أن رحم الغناء السوداني يشهد كل صباح مولد صوت جديد. { كلمة أعز شخصياً أعلم أن (النقطة) التي تُمنح للفنان في بيوت الحفلات هي نوع من أنواع الكرم السوداني العفوي، لذا فإن أخونا الفنان شكر الله عزالدين (مكبرها) شوية تجاه نقطة هاجر كباشي.. يا شكر الله الحكاية ما بتستحق!!