سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    images (21)    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس اللجنة القانونية لتحالف مزارعي الجزيرة والمناقل عثمان عمر الشريف ل(الأهرام اليوم):
نشر في الأهرام اليوم يوم 15 - 06 - 2011

في سعيها الدائب نحو سبر أغوار الحقيقة، (التي تبدو ولا تكون) - بحسب المقولة الفلسفية الرائجة - في سعيها ذيّاك؛ لا تفتأ (الأهرام اليوم) تدلف من كافة الأبواب، تعالج رتاج المغلق منها بغية الولوج والإحاطة بكل ما يكتنف أرض المحنَّة، الجزيرة الخضراء، ومشروعها العتيق في راهن أزمته.
استنطقنا في هذا المقام الناقمين على الإدارة، والساخطين على سياساتها، تماماً كما وجدت إفادات مناوئيهم من الطرف الحكومي حظها من النشر.. جلسنا إلى عديد المسؤولين الممسكين بملف المشروع، وتداولنا مع الملاك حيثيات قضاياهم وهموم التعويضات، راهن الأراضي ومآلاتها المستقبلية.
في السياق يجيء هذا الحوار مع أحد أبناء المنطقة، وأحد القانونيين المدافعين عن قضايا الولاية ومواطنيها، أمين التنظيم وعضو المكتب القيادي بالاتحادي الديمقراطي (الأصل)، عثمان عمر الشريف.. الرجل بالإضافة إلى هذا وذاك؛ رئيس اللجنة القانونية لتحالف مزارعي الجزيرة والمناقل، معاً نطالع إفاداته:
{ هل تعتقد أن تدهور المشروع بدأ في عهد الإنقاذ أم أن هناك حكومات سابقة ضالعة في ذلك؟
- الحكومة الحالية سارت على نهج حكومة نميري بالارتماء في أحضان البنك الدولي وأستطيع القول أن التدهور تعمق أكثر بسبب قرارت حكومة مايو واللجوء إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وكانت معالجاته إسعافية وشكلية. مع تدهور الإنتاجية تسبب تحويل وإضافة بعض بنود العمليات الزراعية للحساب المشترك و بلغ التدهور ذروته في مطلع الثمانينات عند دخول صندوق النقد والبنك الدولييين في البرنامج الاقتصادي لإعادة تعمير المشاريع المروية للفترة من عام 1978م إلى العام 1981م والبرنامج الثلاثي للفترة من م1981 إلى عام 1985م. وحكومة المؤتمر الوطني «تمت الناقصة» وفككت المشروع وأهملته وتعمدت خرابه والحكومة الحالية مسؤولة مسؤولية مباشرة عما يجري في المشروع.
{ يبدو أن دور المعارضة في هذه القضية هزيل وباهت؟!
- نحن في الحزب الاتحادي اليمقراطي وقوى الإجماع الوطني نعول كثيراً على المشروع، خاصة بعد ذهاب البترول للجنوب، ولنا خطة لمعالجة التصدعات التي أحدثتها سياسات الحكومة الزراعية، ونرى أن بيع مشروع الجزيرة والمناقل لحفنة من الرأسمالية الطفيلية، محليين أو أجانب، يعني تحويله إلى مقبرة لفقراء المزارعين والعمال الزراعيين وكل العاملين فيه. وسيؤثر سلباً لا على المنطقة التي يقع فيها، بل على كل الاقتصاد السوداني. وقف خصخصة المشروع يعتمد اعتماداً تاماً على نضال كل جماهير المزارعين وكل العاملين في المشروع, وبشكل خاص كل أبناء وبنات شعبنا في كل بقاع السودان وكل أبنائه في الخارج وابتداع أشكال نضال لمقاومة مخطط سياسات الرأسمالية الطفيلية (لجان مناصرة لوقف بيع المشروع) لأن المشروع كان وسيظل العمود الفقري للاقتصاد, إذا ما أعيد تأهيله وبقي ملكاً للقطاع العام بالشراكة مع المزارعين العاملين فيه وقد سارعت الأحزاب السياسية وبخطي حثيثة لوقف الخراب والدمار وعمليات النهب وعقدنا مع أصحاب الشأن، المزراعين، مؤتمرات بطيبة الشيخ عبدالباقي ولكن الحكومة «الفي راسها بتعملو ولو كرهت المعارضة».
{ مشروع الجزيرة داعم أساسي لاستقرار الولاية لكن يبدو أن وجه السياسة القبيح قد يعصف به إلى غير رجعة وأنتم جزء مما يحدث في المشروع؟
- نحن نبهنا أكثر من مرة في مخاطبات سياسية بأن ما يجري في الجزيرة أكبر كارثة وهي أكبر من انفصال الجنوب وأخطر من الأحداث الجارية الآن في جنوب كردفان أو التي قد تندلع في النيل الأزرق لأن الإشكالية الحقيقية في مشروع الجزيرة، هذه القرارات والسياسات نعتبرها مؤامرة وجريمة تمت بعناية شديدة خلال الحكومة الحالية بهدف تفتيت مشروع ومحاولة إلغاء العلاقات الاجتماعية والنمط الثقافي والحضاري والتعايش على مستوى الولاية وتشتيت المواطنين، وهذا في تقديرنا يعتبر انزلاقاً خطيراً يجر الولاية إلى متاهات غير حميدة وجريمة العصر، وأما عن مشاركتنا في انهيار المشروع فهذا عارٍ عن الصحة. كافة الأحزاب وحكومات العسكر حافظت على المشروع كوحدة قومية تدعم الاستقرار والأمن، وفي عهدنا التمويل عبر المالية ولم تقدم كافة الحكومات على بيع شبر أو عجل ولا حتى قطعت حديدة، الآن الأمر اختلف: تسعى الحكومة لتحويل المشروع لإقطاع.
{ تحالف الأحزاب المعارضة يعول على ولاية الجزيرة بتضامنه مع المزارعين والملاك للكسب السياسي وليس دفاعاً عن حقوقهم؟
- وقوفنا مع المزارعين والملاك دفاعاً عن حقوقهم والوقوف أمام أطماع الحكومة، وأي عمل لا يخلو من السياسة ما دمنا نحن منتمين إلى أحزاب سياسية، وقضية أهلنا في الجزيرة تحتاج إلى مساندة من كافة ألوان الطيف السياسي للضغط على الحكومة لاسترجاع حقوقهم المشروعة والجلوس مع أصحاب الحق للتفاوض على قيمة الإيجار والنزع.
{ الحكومة ممثلة في مجلس إدارة المشروع تنادي بعدم إقحام المشروع في حلبة الصراع السياسي فهل تستجيبون لهذا النداء؟
- لو لا وجه السياسة لم يجلس أعضاء هذا المجلس على كراسيه، وهذا الحديث تحايل على الرأي العام، فالسياسة مرتبطة بالنشاط الزراعي، وأي تعيينات تتم عبر الولاء السياسي، فأي حديث عن عدم الزج بالمشروع في السياسة يدل على جهل عميق، فالسياسة لها تعاريف عديدة ومختلفة فالسياسة هي علم إدارة المجتمع، هي الأداة وبموجبها تطلع البرامج والمشروعات وتنظيم الاقتصاد والتجارة والصحة والتعليم والزراعة وهي العمود الفقري الذي ترتكز عليه الحضارة والثقافة والمجتمعات؟!
{ الاستحقاقات التي أقرتها اللجنة الفنية هل هي القيمة الحقيقية لأرض الجزيرة؟
- ليس حساباتنا القروش «مش الصراع دار بأن الفدان ب (4) مليون أو (2) مليون»، ليس القضية الجارية الآن في تعويض الفدان بمليون في أرض الجزيرة ومجتمعها والقرى التي استقرت والمؤسسات التعليمية والصحية إذا فقد المواطن العلاقة بالأرض أنت تشتت وتلغي نظاماً ثقافياً امتد إلى قرن وأن القضية مخالفة لكل قواعد العدالة وأبسط مقومات العدالة وأنت تنزع الأرض يجب أن يكون هنالك تعويض عادل يكون مقبولاً للطرف الآخر، هذا التقييم في رأينا مجحف وظالم ومردود على الذين قرروه، وهؤلاء الذين يسمون باللجنة الفنية هم موظفون تابعون لمجلس الإدارة وأن ملاك المشروع على حق وما على السلطان إلا أن يستجيب. قوى الإجماع الوطني تبنت قضية الملاك وتقديم الدعم الكامل لها، وأنها تعمل على فضح أي مخطط للتغول على الحقوق القانونية للملاك. والحكومة ممثلة في مجلس الإدارة تجيد (المماطلة) والتسويف، لأن لجنة الملاك وصلت لأي مسؤول لديه علاقة بحقوقهم لكنهم لم يجدوا إلا تهرباً ومماطلة.
{ مجلس إدارة المشروع يرى أن الأراضي نزعت بالعقد الإيجاري، بوصفك قانونياً هل يمكن نزع أراضي الملك الحر بالتقادم والإيجار؟
- كيف يسقط الإيجار إذا كان العقد شريعة المتعاقدين؟ وإذا عقد إيجار ما بين حكومة السودان والمزارعين فكيف يسقط؟ يكون سقوط العقد في حالة عدم المطالبة والحق الذي يسقط صاحبه لا يطالب به.. فهل المزارعون تخلوا عن المطالبة بحقوقهم وألغوا الكروت؟ ولكن كل سنة والملاك يطالبون بمستحقاتهم والحكومة تتجاهل نداءاتهم وتتعذر بأنه ليس لديها أموال، وأنها في حالة ضائقة مالية، وقانون التقادم لإسقاط الإيجار لا يسري على مستحقات الإيجار لأن المطالبات مستمرة، والقانون يسري في حالة واحدة فقط على صاحب الملك الذي يترك ملكه ويهمله، لكن الشخص الذي قائم عليه ويطالب به ومحتفظ بالمستندات ويطالب الطرف الثاني بأن يفي بالتزاماته فلمصلحة من يكون السقوط بالتقادم؟ حتى إذا ما حدث سقوط بالتقادم لمصلحة من؟ من المستفيد؟ يتم تشكيل لجان وجمعيات وإذا كان هذا الملك الحر ظل في حيازة الحكومات منذ عام 67 حتى 2011 هي راغبة الآن في إلغاء إيجار حق هؤلاء الضعفاء وهنالك إيجار موجود منذ زمن المستعمر وإيجار ضعيف للكروت، والحكومة تنوي مصادرة أراضي مواطنيها بالقوة وتلك جريمة كبيرة في استغلال لظروف ناس الجزيرة، لظروف الفقر، وكثير من الملاك غير مرتبطين بالمشروع، وليس لديهم صلة بالزراعة، فلا يمانعون في بيع أراضيهم بأقل أسعار تعتبر مكسباً بالنسبة لهم. ليس هنالك شيء اسمه مسجل وما مسجل، المسجل للإظهار، فالحق الملاك مالكون على الشيوع ما دام الشخص طالب بحقوق يكون إحياء حقوق كل الناس، ليست المسألة للمغالطة ولا يمكن لحكومة السودان بكل ما تملك هي الآن تثير الحجج والدعاوي ضد المواطنين. الواجب عليها أن تحمي حقوق المزارعين والملاك، مسؤولية حمايتها تقع على عاتق الدولة. لا يمكن أن تكون الحكومة طرفاً وتتعدى.. أنها ملكت الأرض بعقد الإيجار.
{ كيف ترى ما يحدث فى الجزيرة، وأنت تشرف على الإقليم الاوسط فى الحزب؟ وهل يمكن أن تتصاعد الأزمة إلى حد الصدام؟
نعم.. هذا فى النهاية صراع أعلى، لأنك عندما تقاتل الناس فى لقمة عيشهم «فالناس لازم يصارعوك»، ألا ترى ما يحدث الآن بأن الملاك والمزارعين والناس قد بدأوا التجمع والاعتصام فى بركات و«البوليس بفرتق فيهم»، أنا أعتقد أن هذا هو بداية الفعل ورد الفعل الذي يمكن أن يقود إلى «شغلة»، و«هو أصلاً شغلة عبد الواحد وخليل، دي جات من وين؟.. ديل ما أولاد الحركة الإسلامية ذاتهم، ما هى فعل ورد فعل». والآن إن قامت الحكومة بالقبض على الناس ومحاكمتهم واعتقالهم، سيؤدى هذا مع الذي يحدث فى الجزيرة إلى نتيجة مؤسفة للغاية، لا تقل عن الذي يحدث فى دارفور. ولهذا أنا أحذر وأحذر بشدة وأرفع صوتي عالياً لكل أصحاب العقول، وأناشدهم بأن ما يجري فى الجزيرة الآن خطير، لأن القوى التي تدير الصراع الآن هناك لحسابهم، تديره من أجل تفتيت السودان. وأؤكد أنه إذا جرت مواجهة قيادات المزارعين والملاك بنفس الطريقة التى تمت لعبدالواحد وخليل وقيادات دارفور، بالاعتقال والشدة وآخره، فإن هؤلاء لن يعدموا من يقدم لهم المساعدة.. ومن الممكن جدًا أن ندخل فى متاهات صراع لم تعهدها الجزيرة أو تعرفها من قبل، لهذا أقول إن حل مشكلة مشروع الجزيرة، وملاك الأراضي يجب أن تأخذ أولوية قصوى.
{ ما السبيل إلى حل هذا المشكلة؟
لا يمكن أن تفرض الحكومة على الناس نزع الملكية ب«اللفة»، وبأساليب لا يمكن أن تقبل. فالنخلة فى الشمالية قامت الحكومة بتقييمها بعشرة ملايين، فلا يمكن أن تقيم الفدان الذي من الممكن أن ينتج 100 مليون فى السنة بمليون ونص المليون، تخصم منها أيضاً 400 ألف بنيات أساسية، وكأنك «تبيع الموية فى حارة السقايين»، فالخزان بناه الإنجليز ودفع ثمنه من المشروع، والترع حفرها الإنجليز كذلك ودفع ثمنها من المشروع والمزارع. فأى بنيات أساسية تملكها أنت كى تبيعها إلى المزارع؟.. أنا أعتقد أن فى السلطة رجالاً عاقلين، وأناشدهم أن يتولوا قضية مشروع الجزيرة، لأن القضية إن تركت لما يعرف بإدارة المشروع أو للمجموعة المتحكمة الآن من المؤتمر الوطني فى الولاية، فستخرج من اليد وتصبح كارثة.
{ البعض يقول إن المطالب ليست مشروعة، وإن الأزمة تقف وراءها جهات سياسية؟
- «دا كلام ساكت، الجهات السياسية دي هى شنو؟»، عندما يقال أن قضية ما تقف من ورائها جهات سياسية، فهذا معناه أنه يقف من ورائها العقل والمنطق والحكمة، والرغبة فى الاستقرار والتطور. فالسياسي لا يمكن أن يخرب، ولو خرب السياسي بلاده، فماذا سيحكم.. «كوم رماد»؟. عندما يقولون إن هذه القضية من ورائها سياسيون، فهذا مدعاة للفرح ومعناه أنها ليست بمتآمر عليها، وأنها تستهدف مستقبل الناس وتطورهم وخيرهم. ولكن إذا قيل وأظن ذلك أن من ورائها مجموعة مصالح أو مجموعة منافع، أو الناس الذين يسعون إلى امتلاك الأرض، فعندها يجب أن تقرع الأجراس، أجراس الخطر يا بلد. وأقول بالبلدي إن الذين يحرضون بعض العاملين فى الحكومة، وهم من بعض الموجودين فى إدارة مشروع الجزيرة، من أصحاب المصلحة فى امتلاك الأرض وطرد مزارعيها، لإقامة كارتلات واحتكارات.. و«أوهام والله موجوده عندهم». فأيهم أفضل للسودان يا أصحاب الضمير: أن تكون الحركة السياسية من وراء هذه القضية، باعتبار أن هدفها لا يمكن أن يكون بأية حال من الأحوال تخريب الجزيرة، أم يكون من خلفها جماعة المصالح والكارتلات والأوهام؟.
ثم ماذا نريد نحن، مثلاً، كسياسيين وكحزب اتحادي ديمقراطي.. وإن كان هدفنا تخريب البلاد.. فماذا سنحكم؟.
{ المعارضة عجزت عن تحقيق أهدافها لأكثر من عشرين عاماً والآن بعد ظهور قضية المزارعين والملاك سارعت للانضمام إليهم والاندساس وسطهم؟
- نحن لسنا بعاجزين عن مقاومة الحكومة، وكل التطورات التي حدثت في المجالات السياسية والحريات وغيرها ناتجة عن ضغوط المعارضة، ونقاوم بالطرق المشروعة وليس حمل السلاح والتمرد، وغالبية المزارعين والملاك ينضوون في تنظيمات الأحزاب السياسية، وليس الوقوف معهم هو اندساس لأن الحكومة ترى الملاك والمزارعين فئات ضعيفة يمكن السيطرة عليهم وإملاء رأيها وتنفذ مؤامراتها بنزع الأرض، لن ولا نترك المشروع والمزارعين للحكومة وسنقدم على محاسبة كل من ساهم في التدمير المتعمد والتخريب لولاية الجزيرة ومشروعها، وقضية الملاك لن تحل عبر سلب حقوقهم، سنحاسب المفسدين ولا شفاعة لهم يوم الحساب ونحن نؤكد عزمنا على تخليص الولاية من الاستهداف والتهميش و«الاستهبال» وأن هدفنا يرتبط بمبادئنا الأساسية في تخليص المواطنين من الجوع والفقر. إن انهيار المشروع ضاعف من معدلات الفقر ومسؤوليتنا التاريخية هى إنقاذ المشروع ومحاسبة كافة المتسببين في انهياره دون استثناء، ستكون محاسبة شاملة وصارمة وحازمة لن نعفي منها أحداً ولن نسمح بالإفلات من العقاب.
{ ما موقف أحزب قوى الإجماع الوطني من هذه القضية؟
نحن كحزب ندعم هذه الحركة، ونعتقد أن المشروع هو العمود الفقري الذي سيقوم عليه السودان الحديث. وسيكون الرائد للصادرات غير البترولية، وسيكون الأساس الذي يمكن أن يعتمد عليه اقتصاد البلد، أي أن عليه «التكل» لمواجهة احتياجات البلاد، التي نتوقع أنها ستفتقر للعملات الصعبة بعد خروجها. والأحزاب السياسية المناوئة للحكومة تعمل بأقصى صورة ممكنة لرفع قضية مشروع الجزيرة لتصبح قضية قومية، ونؤكد في تحالف المعارضة بضرورة استرداد الأصول المبيعة من المشروع والتي هي ملك للمزارعين - إعادة تمويل المشروع عن طريق وزارة المالية بدلاً من محفظة البنك التي أفقرت المزارعين، خروج شركات القطاع الخاص المشبوهة وعدم السماح بدخول أي شركة مشبوهة، تحت أي مسمى، إضافة إلى تجميد الديون الحقيقية وإلغاء ما أسموه بالديون الوهمية.
{ هل ساق هذا الموقف اتهام الأحزاب بزج المزارعين والملاك للاصطياد فى المياه العكرة؟
هذه العقلية السلطوية المستبدة، هذا الاتهام يصدر من عقلية لا ترى الآخر، ولا ترى أن هناك من يوجد فى الساحة ويجب أن يحترم ويستمع لرأيه. لهذا نحن الآن نتجاوز كل مجموعات المؤتمر الوطني المتحكمة والمتنفذة فى المشروع وفى الولاية، ونخاطب القيادة العليا، ممثلة فى الرئيس وعلي عثمان. ونعتقد أن هذين رغم أنهما قادة النظام أثبتت التجارب أنهما فى بعض المرات يمتلكان رؤية وطنية، ومستعدان لأن يضحيا من أجل الوطن ب«حاجة» . فلا بد من أن يفهما أن القضية وإن وقف من ورائها سياسيون، هم وطنيون، وهذا ما يحدث بالفعل، فإن الوقوف ينبع من رغبة حقيقية، بأن تذهب البلاد إلى الإمام.. وليس التخريب كما تدعي «كارتلاتهم»!.
{ بيد من ما يجري في الجزيرة وفي مشروعها العملاق؟
- إن مخطط الاستيلاء على المشروع بدأ بالتنفيذ الأعمى لسياسات البنك الدولي وتشريع قانون 2005 الجائر ونعمل على تشكيل قوة ضغط على الحكومة لاسترداد حقوق الملاك، ولا بد من عمل منظم لاستعادة الحق، يضم كافة قطاعات المشروع من ملاك وتحالف مزارعين وعمال، وسياسات المؤتمر الوطني وراء الانهيار الكامل في الريف السودان، طبعاً الحكومة متهمة في المقام الأول بتحالفها مع مجلس إدارة المشروع الذي ينفذ سياسات الحكومة، دون الأخذ في الاعتبار أن تفكيك المشروع يقود إلى زعزعة الاستقرار والاضطرابات ويؤدي إلى هجرة المواطنين، وبعض السياسيين من الولاية وراء كل ما يحدث وما حدث، فالمشروع لا يبشر بخير ويمضي على خطى قد تعصف به إلى غير رجعة، وعلى مواطني الجزيرة ضرورة الجهاد المدني لحل قضاياهم والحكومة تتعامل مع المشروع مثل «المرة الشافت المك وطلقت راجلها أو البدفق مويتو على الرهاب»، نحن في تحالف المعارضة متفقون على إلغاء قانون مشروع الجزيرة للعام 2005م واستبداله بقانون يشترك في صياغته أصحاب المصلحة، مع الاحتفاظ بالمشروع كمشروع اتحادي، وحظر التصرف في أراضي المشروع لحين البت في القضية دستورياً.
{ كيف تنظر لقانون 2005 بوصفك قانونياً من حيث فقراته؟ وهل سيحدث نقلة نوعية كما يروج له أصحابه؟
- القانون كارثة حقيقية على الزراعة ويدمر البنيات التحتية ويحول الملكية إلى إقطاع وهذا وضع بواسطة أناس لا علاقة لهم بالقوانين وإنما هم مجموعة من الأشخاص تفاكروا وكتبوا هذا القانون الذي يفتقر إلى تشريعات وتفسيرات عديدة. سنعمل على محاربة الفساد ومحاسبة كل من ارتكب خطأً في حق المواطن، لأن الحكومة تخطط لتدمير المشروع بصورة منهجية وطرد أهله ومن ثم الاستيلاء على المشروع.
{ هل هنالك رؤية مستقبلية للمعارضة لإسعاف المشروع؟
- هنالك برامج ورؤى لكافة الأحزاب تجاه المشروع تبدأ بتمكين المزارعين من زيادة دخولهم وإدخال التكنولوجيا لتطوير القطاع الزراعي وتعزيز فرص وصول منتجات المشروع لأسواق الصادر وتمديد شبكة طرق داخلية تربط مناطق الإنتاج بالاستهلاك ولا تستطيع أي حكومة ديمقراطية أو شمولية أو عسكرية أن تهمل القطاع الزراعي المروي والمطري لأن الزراعة تحدث استقراراً للأرياف وتحقق الاكتفاء الذاتي من الحبوب الغذائية، وعلى وجه الخصوص مشروع الجزيرة لأنه يروى بالري الانسيابي وكافة الأحزاب تولي المشروع اهتماماً متزايداً لأهميته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.