كشف المبعوث الخاص إلى السودان، برينستون ليمان، أمس (الجُمعة) عن اتفاق قريب يتعلق بسحب الحكومة لقواتها المسلحة من (أبيي)، ونوّه إلى أن الاتفاق ينص على سحب القوات المُسلحة من المنطقة وتعزيز وجود الأممالمتحدة مع قوات إثيوبية وتشكيل إدارة جديدة للمنطقة. وكان الرئيس عمر البشير ونائبه الأول رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت قد توصلا في قمتهما بالعاصمة الإثيوبية (أديس) في 14 يونيو الجاري إلى اتفاق يقضي بقبول الطرفين بنشر قوة إثيوبية في منطقة أبيي وإعادة نشر القوات المسلحة والجيش الشعبي إلى ما وراء حدود 1/1 /1956م. وحول مدى فاعلية القوات الإثيوبية في منطقة (أبيي) قال القيادي المسيري محمد عمر الأنصاري ل(الأهرام اليوم) أمس (الجُمعة) إن القوات المسلحة بسطت سيطرتها على المنطقة، داعياً الحكومة إلى نشر القوات الإثيوبية جنوب خط 1/1/1956م لا سيما أنهم ينظرون للقوات الجديدة بكثير من الشكوك والريبة وإن قدمت من دولة جارة. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أعلنت في الثالث عشر من يونيو الجاري أن واشنطن تدعم فكرة نشر قوة حفظ سلام في منطقة أبيي المُتنازع عليها، وسترحب بطلب شمال وجنوب السودان من إثيوبيا إرسال قوات للقيام بهذه المهمة، في الوقت الذي امتدح فيه مساعد رئيس الجمهورية نافع علي نافع الأربعاء الماضي مقترح الآلية الأفريقية بشأن تشكيل جسم بديل لمجلس إدارة أبيي وإحلال القوات الإثيوبية بديلاً للقوات المسلحة لحفظ الأمن بمنطقة أبيي عوضاً عن القوات الأممية (يونميس)، ونوّه إلى أن موقف الحكومة في أحداث جنوب كردفان وأبيي وجد تفهماً كبيراً بالرغم من محاولات التشويش من بعض الجهات. ورغم ترحيب شريكي نيفاشا (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) بنشر الكتيبة الإثيوبية إلا أن الأستاذ الجامعي والمُحلل السياسي إبراهيم ميرغني أكد ل(الأهرام اليوم) أمس (الجُمعة) أن القوات الإثيوبية بكل المقاييس قوة دولية رغم العلاقات الجيدة بين السودان وإثيوبيا في الوقت الراهن، لكنه عاد وقطع بأن تلك القوة تخضع لكافة التقلبات ما بين الحكومة وعلاقاتها الخارجية. الجدير بالذكر أن الخلاف بين شريكي الحُكم يتركز بصورة أساسية حول من يحق له التصويت، فبينما تعتبر الحركة الشعبية أنه يجب أن يكون حِكراً على قبائل دينكا نقوك، يرى حزب المؤتمر الوطني أن حق التصويت يجب أن يشمل كذلك قبائل المسيرية الرعوية التي تقضي عدة أشهر من العام في أبيي. وطبقاً لقانون استفتاء أبيي يشترط في الناخب أن يكون من سُكان منطقة أبيي حسب المادة (6) (1) من بروتوكول حسم نزاع أبيي وهم: (1) أعضاء مجتمع دينكا نقوك. (2) السودانيون الآخرون المقيمون في منطقة أبيي حسب معايير الإقامة التي تحددها المفوضية وفق المادة (14) (1) من القانون التي تنص على: «تضع المفوضية معايير الإقامة في منطقة أبيي وفقا للمادتين (6) (1) (ب) و(8) من بروتوكول حسم نزاع أبيي لتأمين وضمان تمتع الناخبين كافة دون تمييز بمباشرة حقهم في إبداء الرأي الحُر في استفتاء سري يجري وفقاً لأحكام الدستور وهذا القانون». المؤتمر الوطني كان قد دفع في وقت سابق بوثيقة إلى الحركة الشعبية اقترح فيها حلاً نهائياً لقضية أبيي بتحويل البلدة إلى منطقة «تكامل» منزوعة السلاح تابعة للشمال والجنوب معاً في حالتي الوحدة أو الانفصال، يُمنح مواطنوها الجنسية المزدوجة وحق ممارسة حقوقهم الدستورية كاملة في الشمال والجنوب في آن واحد، ورأى المُقترح ضرورة صياغة اتفاق جديد حول أبيي بعيداً عن البروتوكول الوارد في اتفاقية السلام الشامل، لكن المقترح قابلته الحركة الشعبية بالرفض القاطع. راهن أوضاع (أبيي) يقول عنه الأنصاري في إفادته ل(الأهرام اليوم): «الوضع هادئ ومستقر، ومجموعات النازحين بدأت في العودة إلى قراها بعد أن هطلت الأمطار بغزارة في المنطقة»، لكن الأنصاري عاد وأكد أن قوات (يونميس) أثبتت فشلها الكامل في أبيي، وأن القوات الإثيوبية لن تكون أحسن حالاً من سابقاتها، فيما اعتبر إبراهيم ميرغني أن الحكومة واجهتها الضغوط الدولية لذلك قبلت بالقوات الإثيوبية في منطقة (أبيي). وفي السياق فإن مقترح القوات الإثيوبية وجد كذلك رفضاً واسعاً من قبل أبناء قبيلة المسيرية إذ قال رئيس اتحاد القبيلة ل(الأهرام اليوم) أمس (الجُمعة) إن قبليته ترفض بشدة دخول كتيبة إثيوبية إلى منطقة أبيي، وتمسكت ببقاء القوات المسلحة لفرض الأمن والاستقرار، لافتاً إلى أن أفراد الكتيبة الإثيوبية غير مسلمين وسيفعلون أفعالاً منافية لتعاليم الدين الإسلامي.