في يوليو 2009م أقرّت محكمة العدل الدولية في العاصمة الهولندية لاهاي بأن لجنة خبراء ترسيم حدود منطقة “أبيي” المُتنازع عليها بين حكومة السودان والحركة الشعبية تجاوزت تفويضها في الحدود الشرقية والغربية للمنطقة، ولم تتجاوز التفويض بشأن حدود أبيي الشمالية والجنوبية التي كانت مثار خلاف بعدم رضاء المؤتمر الوطني وقبائل المسيرية عليها. لكن بركة أبيي الراكدة حركها المبعوث الخاص إلى السودان برنستون ليمان الذي قال إن الشمال والجنوب انتهكا الاتفاقيات المُبرمة بجلبهما لوحدات عسكرية مسلحة تسليحاً ثقيلاً لمنطقة أبيي المتنازع عليها، ونوّه إلى أن المواجهة بين الطرفين في أبيي يمكن أن تُشعل حرباً أهلية مرة أخرى بين الشمال والجنوب. دفعت الإدارة الأمريكية في سبتمبر 2010م بمُقترح حول منطقة أبيي طرحت في صلب بنوده أن يصبح دينكا نقوك والمواطنون الآخرون المقيمون على طول السنة في منطقة أبيي مؤهلين لأن يصبحوا مواطنين بجنوب السودان، وأن المسيرية والمجموعات الرعوية الأخرى التي لا تُعتبر مُقيمة على مدار السنة، بيد أنهم يعبرون بانتظام منطقة أبيي لأغراض رعي الماشية والحركة عبر منطقة أبيي سيحتفظون بمواطنتهم السودانية، إلا أن المُقترح وجد الرفض القاطع من المؤتمر الوطني. ويتركز الخلاف بين الجانبين “المؤتمر الوطني والحركة الشعبية” على من يحق له التصويت في استفتاء أبيي، فبينما ترى الحركة الشعبية أن التصويت يجب أن يكون حِكراً على قبائل دينكا نقوك، يرى حزب المؤتمر الوطني أن حق التصويت يجب أن يشمل كذلك قبائل المسيرية الرعوية التي تقضي عدة أشهر من العام في أبيي. وقال برنستون ليمان في مقابلة بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا الأسبوع الماضي إن الوضع في أبيي مقلق جداً وإن الأوضاع ستخرج عن السيطرة وتقودهم إلى حرب جديدة، لافتاً إلى أن الطرفين انتهكا الاتفاقيات الأمنية التي تنص على سحب القوات من المنطقة. وطبقاً لقانون استفتاء أبيي يشترط في الناخب أن يكون من سُكان منطقة أبيي حسب المادة 6 (1) من بروتوكول حسم نزاع أبيي وهم: (1) أعضاء مجتمع دينكا نقوك. (2) السودانيون الآخرون المقيمون في منطقة أبيي حسب معايير الإقامة التي تحددها المفوضية وفق المادة 14 (1) من القانون التي تنص: “تضع المفوضية معايير الإقامة في منطقة أبيي وفقاً للمادتين 6(1) (ب) و8 من بروتوكول حسم نزاع أبيي لتأمين وضمان تمتع الناخبين كافة دون تمييز بمباشرة حقهم في إبداء الرأي الحُر في استفتاء سري يجري وفقاً لأحكام الدستور وهذا القانون”. من جهته قال القيادي بالحركة الشعبية لوكا بيونق إن التحدي أمام المبعوث الأمريكي الجديد للسودان هو أبيي، موضحاً أن تعيينه جاء في الوقت المناسب، خاصة وأن الرجل لديه قدرات في فهم القضايا، فضلاً عن تزوده بخلفية جيدة عن اتفاق نيفاشا والسودان، منوهاً إلى أن الرجل أمامه تحدٍ كبير في حال استفاد المؤتمر الوطني من الفترة المقبلة وحل قضية أبيي. وكانت قبيلة المسيرية دفعت إلى السفير الأمريكي برنستون ليمان في أغسطس 2010م بمذكرة تتضمن (8) بنود تأكيداً وتثبيتاً للحقوق التاريخية والمُكتسبة للمسيرية في كامل ديارهم، بما في ذلك حدودها الجنوبية المعروفة بالخرائط والمستندات وفقاً لحدود 1/1/1956م، وتأكيد حقوق المواطنة الكاملة للمسيرية في منطقة أبيي وفقاً لتعريف المواطنة الوارد في دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005م. جدير بالذكر أن الإدارة الأمريكية دفعت في سبتمبر 2010م بمُقترح حول منطقة أبيي طرحت في صلب بنوده أن يصبح دينكا نقوك والمواطنون الآخرون المقيمون على طول السنة في منطقة أبيي مؤهلين لأن يصبحوا مواطنين بجنوب السودان، وأن المسيرية والمجموعات الرعوية الأخرى التي لا تُعتبر مُقيمة على مدار السنة، بيد أنهم يعبرون بانتظام منطقة أبيي لأغراض رعي الماشية والحركة عبر منطقة أبيي سيحتفظون بمواطنتهم السودانية. جدير بالذكر أن الاشتباكات اندلعت في أبيي في الثاني من مارس الماضي بمنطقة “ماكير” (12) كيلو شمال غربي البلدة بصورة شرسة أسفرت عن مقتل (9) أشخاص وجرح العشرات من طرفي النزاع “المسيرية ودينكا نقوك”. من ناحيتها أشارت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى تحديات كبيرة على الطريق، خاصة في ما يتعلق بمنطقة “أبيي” الحدودية المتنازع عليها، حيث قالت الأممالمتحدة إن كلاً من الشمال والجنوب نشرا قوات مجهزة بأسلحة ثقيلة، في خطوات يخشى محللون أنها قد تعيد إشعال الحرب الأهلية، وناشدت كلينتون الجانبين “المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لاتخاذ خطوات فورية لمنع الهجمات مستقبلاً واستعادة الهدوء بالمنطقة، ودعت كلينتون الجانبين للوصول إلى اتفاق أوسع بشأن منطقة أبيي قبل التاسع من يوليو. ورأى لوكا بيونق أن ليمان عليه التركيز على قرار لاهاي الخاص بحدود أبيي، إلى جانب رصد دعم خاص للتنمية في المناطق الرعوية خاصة للمسيرية كبدائل للاستقرار، إلى جانب تجديد حزمة الدعم من الجنوب وأمريكا والشمال للمسيرية لتقليل تشنج الوطني تجاه أبيي وإحداث انفراج في القضية وربطها بإنفاذ البترول والديون والسياسة الخارجية.