{ اتفقنا في أكثر من محفل وأكثر من منتدى وأكثر من ركن للنقاش أن العصر الذهبي للأغنية السودانية لم يخلو من (تفلتات) في بعض الأغنيات إن كان تصريحاً أو تلميحاً، واتفقنا أيضاً أن ما كان يسمى بالغناء «الدكاكيني» الذي وجد متنفساً في محيط المشهد الفني خلقته ظروف ربما أن أكثرها لا يخرج عن (ظرافة) الجلسة التي يجلسها الشاعر والملحن أو الشاعر والمغني، لكنها كانت تندثر في محلها ولا تجد الشيوع إلا على مستوى قليل من السامعين وتبقى جريمة يتبرأ منها الجميع، بدليل أن لا أحد يسعى أن يلصق اسمه بها مهما وجدت من الانتشار والإعجاب، وذات الظروف تخلقها الآن جلسات الشباب إن كانوا شعراء أو فنانين أو ملحنين، لكن الفرق بين المنتوج الخاص جداً الآن وزمان مستحيل أن نطلق عليه دكاكيني، باعتبار أن الوسائط المتعددة من بلوتوث وهواتف فيها العجب العجاب من تصوير وتسجيل صوتي، (مصائب) بالكوم تجعلني أقول إن من كان حريصاً على أن يقدم نفسه بتجارب مسؤولة ومحترمة؛ فعليه أن لا يسعى إلى ترديد الأغنيات الهايفة حتى لا تلطخه وتلطخ تجربة جيل بكامله. وكثيراً ما قلت لطه سليمان وشكر الله عز الدين وحسين الصادق، إنهم ما عادوا بحاجة إلى ترديد الكلمات الهايفة على اعتبار أنها لا تخدم قضيتهم الفنية إن كانوا ساعين إلى حمل رسالة الفن، باعتبار أنهم الأجيال القادمة التي يقع عليها هذا العبء، وكثيراً ما قلت لطه سليمان إن من يقدم أغنية كاملة الجمال مثل (سائلين عليك كل العباد) حرام أن يخصم من تجربته بأغنية لا تشبه جمال الفكرة والعطاء. { لكن، وبعد لكن دي أدوني أضانكم جيداً، إذ لم أكن أتخيل أن يتجرأ شاب على أن يغني أو يسمع مجرد سمع أغنية مثل أغنية (السيجارة) التي على ما أظن يغنيها الشاب محيي الدين أركويت، وليعذرني إن جردته من كلمة فنان طالما أنه سمح لنفسه أن يلوث أسماعنا بأغنية لا تندرج تحت قائمة الغناء الهايف ولا الهابط ولا أي مسمى أسوأ من ذلك، لأنها ببساطة من شاكلة «الغناءالجرثومي» الذي أخشى أن دفاعنا عن الفن المنلوجي سيكون فرصة لأن يجعله ينداح فيصيبنا بالأورام، لأنه والله هو أسوأ ألف مرة من المفاعل النووي الياباني الذي انفجر بزلزال وبراكين طوكيو، وهو بالضبط مفاعل جرثومي سينفجر بزلازل مثل هذه (الخرابيط). على فكرة الأغنية لم تترك شيئا عقوبته الجلد حداً أربعون جلدة إلا وتحدثت عنه مما يجعلني أسأل من أين وجد هذا المغني الجرأة أن يصدح بها وللأسف في رحاب جامعة وسط تصفيق وهتاف، بالمناسبة المغني الذي استمعت إليه في إحدى الجامعات هو واحد من الحمادات الذين انتشروا هذه الأيام، والله ما يوريكم كيف غناها وكيف كانت طلته على المسرح الذي نصب في واحدة من الجامعات لمناسبة ثقافية ترفيهية، لحظتها تمنيت ورغم أنني أعاني من الجيوب الأنفية أن يتكرر سيناريو كتاحة أول أول أمبارح (ويخم) المسرح بما فيه وطوالي على البحر!! في كل الأحوال سأظل أهمس للشباب أن الأغنيات الهايفة ربما ترفع من معدلات العدادات لكنهم مسؤولون أمام التاريخ في انخفاض معدلات الذوق، وهي تجاوز إن كان لا يعاقب عليه القانون فيفترض أن تعاقب عليه الأخلاق ويعاقب عليه الضمير. كلمة عزيزة {{ استمعت لزول غناي اسمه بلال موسى، صوته ملئ بالشجن والتطريب، أرجو أن يجد الفرصة للإطلالة مغنياً عبر الفضائيات حتى وإن كان الراجل قد تخطى الخمسين وليس من مرتدي التي شيرت والبرمودا!! كلمة أعز حتى لو أن طه غنى حرامي القلوب تلب وحتى لو قسونا عليه بالنقد لكن ليس لدرجة أن تصل للتحريض بالقتل، أستاذ السني الضوي أنت أجمل من أن تسمع مثل هذه الكلمة ناهيك أن تكون قائلها!!