{ جملة مكونة من أربع كلمات قالها البروفيسور أحمد محمد علي اسماعيل، هذا النيل الذي تشرب منه جامعة الأحفاد ماءً عذباً سليل الفراديس، لخّص ما كنت أحاول شرحه لكثيرين استغربوا أنني أحياناً أكتب في السياسة أكثر مما أكتب عن الفن، والجملة كالتالي حيث قال البروفيسور أحمد إن أم وضاح «تكتب في السياسة من أجل الإنسانية»، هذا بالضبط ما أردت أن أقوله في أكثر من مرة لأوضح أنني لست مع الحكومة ولا ضدها، ولست مع المعارضة ولا ضدها، وهذا ليس نوعاً من مسك العصا من الوسط، ولكنه إيمان مني بأن التطرف في السياسة يقود للمكابرة وارتكاب الأخطاء، وهذه الأخطاء ضحاياها البشر بالدرجة الأولى، مما يجعل الثمن فادحاً وكبيراً، وطالما أن معايش الناس يسيّرها الساسة فعليهم أن يفتحوا قلوبهم لأي نقد ويستوعبوا أبعاده، لأن كراسيهم التي يجلسون عليها لا رغبة لنا في أن نزاحمهم فيها بقدر ما همنا الأول أن لا تكون «كرعينها» من عظام العباد، وبهذا الفهم دعوني أقول لو أن الحكومة التي تمثلها هيئة مياه المدن أصرت على أن تركّب عدادات الجمرة الخبيثة للمياه فلتذهب هذه الحكومة الليلة قبّال بكره، لأنه ما معقول أن تباع لهذا الشعب الكادح المويه بالقطارة والنيل يلفه بروافده من كل اتجاه. ولأن هذه العدادات ذات نظرة تجارية بحتة، بمعنى أنها لم تُستجلب لرفع المعاناة عن الجمهور بل لزيادة همومه ومشاكله، فالشعب السوداني ليس معنياً بأي صفقة تجارية تذهب أرباحها للهيئة القومية لمياه المدن، وكفاية علينا نشتري الكهرباء ونشتري العلاج ونشتري التعليم، كمان جابت ليها بيع مويه؟ على فكرة لفت نظري أن سكان حي العمارات الذين يفترض أنهم من أصحاب الدخول العالية «داقين جرس» ورافضين للجمرة الخبيثة، وهذا حقهم، وأنا أعلم أن أكثرهم معاشيون، حتى لو كانوا يسكنون الڤلل، فما بالكم بساكني الأحياء الشعبية الذين يعجزون عن توفير رسوم فاتورة المياه نهاية الشهر وعاملة معاهم فرقة، ويتلصصون نظراً لعدادات الكهرباء مستغنين عن إضاءة الحيشان إلا للشديد القوي توفيراً للاستهلاك!! نعم شرب الناس المويه بي دودها وهو مثل كان يضرب للاستحالة حتى رأينا بأم أعيننا، لكن أن تكون المويه بقروش والدود بلاش فهذه مهزلة واستهانة وإهدار لحق المواطن في أن يعيش حياة كريمة مستورة. على فكرة أخشى اليوم الذي يأتي ولا يجد فيه البعض حقّ المويه لغسل جنازته بعد أن يكون المرحوم قد مات لأنّه ما لقى حق العلاج، فلم يكن الموت راحة له، بل هم آخر يضاف لجسد بلا روح!! { في كل الأحوال لا بد من أن نسمع صوت نواب البرلمان الذين يمثلوننا رفضاً للجمرة الخبيثة، لأنني أشك أن يكون هناك شخص راضياً بأن يصيبه هذا البلاء الذي أفلح السودانيون في منحه التسمية الصحيحة بأنه جمرة خبيثة، حتى لا تتحول حياة أهلنا الغبش إلى رحلة معاناة قد تصل إلى أن نبخل على ضيوفنا (بجغمة) موية. { كلمة عزيزة نعم نحن ضد الغناء الهايف أو لنقل الهابط كما يسميه البعض، لكن ليس لدرجة الآراء المتعصبة التي تدعو إلى العنف، وكأن هؤلاء المغنين مقطوعين من شجرة، لا أهل ولا أسرة ولا مجتمع ينتمون إليه، إذ أنني تفاجأت بتصريح لزيدان ابراهيم عقب تصريح الفنان السني الضوي الكارثة، مطالباً فيه هو الآخر «بجلد» كل من يغني أغنية هابطة من وجهة نظره علقة ساخنة لمّن يقول بس! نحن أخي الفنان زيدان مجتمع متسامح ولا يحمّل الأمور أكثر مما هي عليه ولا يمنحها انطباعاً متطرفاً يدخل صاحبها مدخل المهالك، ولو كان الأمر على هذا القياس لكنتَ أوَّل المعاقبين على أغنية «أبقى راهب ليها وأعبدها»، لكن أحداً من سامعيك أو معجبيك أو غيرهم لم يؤول المعنى ويجعله قنبلة ناسفة.. فرفقاً بهؤلاء الشباب!! { كلمة أعز مثلما للكلمة المسموعة فعل السحر، فإن للمكتوبة سحر يدغدغ الروح ويجلب الفخر، فقد سعدت أيما سعادة بما سطره الأخ الأستاذ ود الشريف عن شخصي بصفحته الفنية بالزميلة «ألوان»، وأقول له إن مثل هذه الكتابات الداعمة ستجعلني أدخل تجربة «بنات حواء»على هارموني بقلب قوي، فشكراً ود الشريف وأنت جميل الدواخل كجمال كلمات محمد رودي الذي تعشقه وأعشقه أنا!!