{ عميد الفن السوداني الراحل أحمد المصطفى، معلم من معالم هذا الوطن، وفي حقبة الخمسينيات والستينيات كان هو نغم السودان وشادي الألحان بلا منافس. هذا الشاب النحيل القادم من أطراف العاصمة غيَّر من مفاهيم أهل ذلك الجيل وكان مثالاً يُحتذى به في أدبه وتعامله مع الجميع وأناقته المفرطة في اللبس والسلوك، ولما ولج دنيا الفن أحبه الجميع وغيّر نظرة المجتمع آنذاك للفن والفنانين وسحر الناس وصار المثال وتطبّع الشباب والكهول بطبعه وعشنا عصر أحمد المصطفى ونهلنا من نبع ألحانه وتطبّعنا بأخلاقه العالية وأدبه الجم وتعامله الراقي ونفاخر كما قال أستاذنا علي المك أننا أسعد جيل «لأننا عشنا وعاصرنا عصر العميد أحمد المصطفى»، وشهد له الجميع وكان سفيراً للفن والإنسان السوداني في مصر وإثيوبيا وإنجلترا ولبنان وفرنسا وبقية البلدان. هذه المقدمة الموجزة أوجهها لهذا الجيل وعندي الكثير. { ما أود قوله في رسالة للابن عز الدين أحمد المصطفى، لمصلحة مَنْ يا تُرى ينزوي تراث العميد؟ أجدني في حيرة من قلة بث أغنياته في أجهزة الإعلام وللرجل «146» أغنية مسجلة ولما تجيء ذكرى استقلال السودان أتساءل: أين ذهبت أغنيته التي غناها في الاستقلال «اليوم عيدك يا وطن فأملأ بفرحتك الزمن قد حقق الشعب الجلاء ومزق الشعب الكفن»، وأين ذهبت أغنية آلام التي مطلعها «حنانك لي يا أمي تعبتي كتير عشان أسعد وأتهنى، رضيتي الناس عشان أدخل أنا الجنة» وغنى لفتاة الوطن «يا فتاه الوطن يا خير البلاد أنيري الوطن بنور الرشاد» وكم كان نبيلاً وهو يحمل الوطن في قلبه وفكره وسلوكه. أرجو يا إبننا عز الدين أن تمد أجهزة الإعلام (راديو وتلفزة)، بما عندك من درر لهذا الرجل العظيم الذي مهما كتب عنه لا يمكن أن أوفيه حقه، ويكفي ما قاله أستاذ الأجيال الراحل محمد أحمد المحجوب إن صوت أحمد المصطفى يذكرني برخاء السودان. { آطلق سراح أغانيه لينهل من معينها هذا الجيل عله يتشرب بأسلوب العميد. ولا أظن أن وسائل الإعلام تكتفي ب«أنا أم درمان». كل تراث العميد لدي مكتوب ومسجل ولكني أريد أن يسمع هذا الجيل (في سكون - غرام قلبي، أهواك)، وبقية الدرر وهذا أيضاً ينسحب على جيله؛ عثمان حسين، أبو داؤود، حسن عطية، رمضان حسن، صلاح محمد عيسى.. يا إذاعة ويا تلفزيون أعيدوا صياغة الشباب وانقلوا لهم القدوة ليقتدوا بها وللابن عز الدين التحية وهو يحافظ على تراث والده ولكن «أرخي القبضة» قليلاً ولكم كل حبي. الطاهر إبراهيم «أبو هدى» شندي مربع 15 { تلويح: هذا النداء العاجل والحزين وصلنا من العم «الطاهر» بكل ما يميزه من ثقافة ولطافة وحيوية، نتمنى أن يوليه الأستاذ «عز الدين» الانتباه، ويتكرم علينا بأن يمنحنا الحق في الاستمتاع بإرث والده العظيم، عسانا نريح أرواحنا بشفيف أغنياته ونريح آذاننا بعذب صوته في زمن الإنهاك والتردي واللهاث وراء متطلبات الحياة، فنحن نحتاج أن نتكئ على أغنيات «أحمد المصطفى» حتى نشحذ قوانا لجولة جديدة، فرجاءً: عز الدين أحمد المصطفى لا تردنا خائبين. وشكراً العم «الطاهر» على الثقة وكل هذا الجمال.