في حوار أجراه معه مستشار التحرير مزمل عبدالغفار نشر في (الأهرام اليوم) منذ أيام، قال السياسي عبدالله زكريا إن الرئيس الليبي معمر القذافي هو أعظم مفكر عربي إسلامي.. ومؤكد أن الذهول غمر كل الذين قرأوا هذا الكلام الغريب العجيب البعيد تماماً عن الحقيقة. والصداقة قيمة يجب المحافظة عليها.. والوفاء أيضاً والشعور بالعرفان لكن ذلك لا ينبغي أن يعمي المرء ويحول بينه وبين أن يرى الأشياء على حقيقتها.. والناس كما هم وليس كما يتمنى وعندما يعجز السياسي عن ذلك فإنه يخسر ثقة الناس في قدرته على التقييم الموضوعي القابل للتصديق. والفكر عموماً بضاعة ليست رائجة في هذه المنطقة من العالم وما أقل عدد المفكرين حتى في المواقع التي يفترض أن يكونوا فيها بالكوم، مثل الجامعات ومراكز البحث.. والفكر خاصة في العصر الحديث إنتاج غربي شأنه في ذلك شأن التكنولوجيا .. والآخرون خارج الغرب مستهلكون ومقلدون. والمفكر إنسان ذو قدرات عقلية متميزة إلى درجة ما وقرأ كثيراً ثم هضم قراءات ومشاهداته وملاحظاته ليبدع فكراً أو أفكاراً جديدة يؤمن بها البعض بالاقتناع وليس بالإرغام ولقد يبلغ حماسهم لهذه الأفكار الجديدة تلك الدرجة التي تجعلهم يروجون لها بمختلف الوسائل. وإذا كان عدد المفكرين في العالم العربي الإسلامي قليلاً للغاية حتى في المواقع التي يفترض فيها أن تكون أعدادهم كبيرة فإن هذا العدد يقل كثيراً في دوائر الحكم، خاصة في مستوياته العيا، ولا يقتصر ذلك على العالم العربي الإسلامي وإنما يشمل كل الدنيا. وما أندر الرئيس المفكر.. في هذا العصر الذي هو ليس عصر الرؤساء العمالقة وإنما هو عصر الرؤساء العاديين، كما كان يقول الصحفي الأمريكي ساليز بيرجر، مع ملاحظة أنه ليس بالضرورة أن يكون الرئيس العملاق رئيساً مفكراً. وقد اعتادت أجهزة الإعلام في النظم الشمولية وفي الدول المتخلفة أن تنسب للحكام ما ليس فيهم وكان من هؤلاء الحكام الرؤساء السابقون الراحلون من أمثال الكوري كيم إيل سونج والسوفيتي جوزيف ستالين والصيني ماو تسي تونج والألماني أدولف هتلر والعراقي صدام حسين.. إلخ. ومنهم أيضاً الرئيس الليبي معمر القذافي الذي كان من ألقابه القائد الأممي وملك ملوك أفريقيا ثم جاء عبدالله زكريا ليقول إنه أعظم مفكر عربي إسلامي. وقلنا ونعيد أن غرور الحكام والأخطاء التي تترتب على ذلك الغرور لا يتسبب فيها الحكام من تلقاء أنفسهم ولكن يساعد ويقود إليها ما يسمعونه ويقرأونه ومما يصدر من بعض المعاونين والمستشارين والوزراء والمؤيدين. وهم يرون ويعتقدون أنهم بذلك يخدمون الرئيس ويرسخون حكمه لكنهم في واقع الأمر يؤذونه ويعجلون برحيله. ونكتبها بالخط العريض أن الرئيس الليبي معمر القذافي ليس هو أعظم مفكر عربي إسلامي، ولو سألت الناس في كل العالم العربي وفي ليبيا تحديداً.. شارعاً شارعاً وزنقة زقنة عن من هو أعظم مفكر عربي إسلامي لما كانت الإجابة هي معمر القذافي.