يوليو هو شهر الانقلابات العسكرية في العالم العربي فالانقلابات التي حدثت فيه أكثر من تلك التي حدثت في أي شهر آخر. فأبو الانقلابات العسكرية في هذه المنطقة من العالم حدث في يوليو 1952م بمصر وهو أبو الانقلابات لا لسبقه وإنما لتأثيره في العالم العربي وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وقد نفذه الضباط الأحرار بقيادة المقدم جمال عبد الناصر.. وقد سبقته خمسة انقلابات اثنان في العراق في عامي 36 و1941م وقادهما كل من بكر صدقي ورشيد عالي الكيلاني وثلاثة في سوريا في عام واحد هو عام 1949م وقد قادها على الترتيب حسني الزعيم فسامي الحناوي فأديب الشيشكلي. وفي 14 يوليو 1985م نفّذ الجيش العراقي بقيادة عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف انقلاباً عسكرياً كانت أهم نتائجه إلغاء النظام الملكي الهاشمي وإعلان الجمهورية ثم في 18 يوليو 1968م نفّذ الضباط البعثيون وآخرون انقلاباً عسكرياً أطاح بالرئيس عبد الرحمن عارف. وفي يوليو أيضاً هنا في السودان حدثت ثلاث انقلابات عسكرية وكان الأول في يوم 19 وقاده الرائد هاشم العطا، وكان انقلاباً شيوعياً لم يستمر سوى 72 ساعة تقريباً ويحلو للشيوعيين والمتعاطفين معهم أن يتحدثوا عن جسارة هذا الانقلاب فقد تم نهاراً جهاراً. وفي 22 يوليو 71 حدث انقلاباً آخر، وحدث أيضاً نهاراً جهاراً وقد سبقته تظاهرات تنادي بعودة نميري الذي عاد فعلاً إلى الحكم وانهار الانقلاب الشيوعي ولم يعد الحزب الشيوعي يوصف منذ ذلك الوقت بأنه أكبر حزب شيوعي في إفريقيا والعالم العربي. وفي 2 يوليو 76 حدث انقلاب عسكري يختلف عن الانقلابات الأخرى في أن كثيراً من منفذيه لم يكونوا عسكريين وإنما كانوا مدنيين مسلحين وكان قائدهم ضابطاً محترفاً هو العميد محمد نور سعد وقد سيطر الانقلابيون على المرافق المهمة أو الاستراتيجية لكنهم انهاروا بعد يومين واسترد الجيش السلطة وعاد الرئيس نميري للحكم. وكان الانقلابيون فشلوا في تشغيل الإذاعة ولذلك فإن الكاتب الصحافي الراحل محمد جلال كشك سمى ذلك الانقلاب الانقلاب الأبكم وسماه الانقلابيون انقلاب المرتزقة. وكان من اشراقات تلك الأيام أنه عندما صمتت إذاعة أم درمان كانت إذاعة جوبا هي التي تنقل صوت السودان الواحد الموحد وكان الموقف الجنوبي الرسمي والشعبي أيضاً أنهم لا يعترفون إلا بحكومة نميري وكان معهم حق فهي التي أنصفتهم باتفاقية أديس أبابا 72.