جاءني تعقيب عمّا كتبت ذات شهر مضى عن إعلانات المدارس الخاصة، حديث من أهل الخبرة والشأن، رئاسة اتحاد مدارس التعليم الخاص، لكن قدمي الثقيلة في الوصول اليومي إلى بلاط صاحبة الجلالة (الاهرام اليوم) أخرت وصوله اليكم عبري، حتى الآن. وهو كامل لا أجرؤ على تقطيعه ولا تنقيحه لأني أهاب المعلمين احتراماً وتقديراً، سأعيد قرأته معكم مرتين على حلقتين.. وهو ما يلي: { على الرغم من ان جهات كثيرة كان يجب ان تتولى أمر التعقيب على مقالك (مدارس خمس نجوم) المنشور بتأريخ 18 يونيو إلا أننا في اتحاد اصحاب المدارس الخاصة نجد أنفسنا معنيين أكثر بالرد على كل ما يتعلق بالتعليم الخاص، فالعالم من حولنا ينظر إلى قطاع الخدمات كأهم وأكبر قطاع يساهم في الاقتصاد الكلي للدولة، لدرجة أن الخدمة التي تقدمها المرأة في بيتها لزوجها وأولادها تعتبر نشاطاً اقتصادياً، مع أن الفقه الإسلامي كان الأسبق عندما اعتبر إرضاع الأم لأطفالها خدمة اقتصادية يمكن أن يشتريها الأب من مرضعة لأخرى. ولأننا لم نستو على فكر أيدولوجي واحد منذ الاستقلال، فكتابنا ومثقفينا تتقاذفهم أمواج الاشتراكية تارة ووالرأسمالية تارة أخرى فيتمايلون مع (يا حارسنا ويا فارسنا) ويدندنون (في حماك ربنا في سبيل ديننا) وعندما يتحدثون أو يكتبون نجدهم مصابين بالانفصام الذي يجعلهم (يطوطمون) كل ما هو حكومي، فيبكون ويستبكون عليه صباحاً ويغنون ويرقصون لزواله ليلاً! فإذا اتفقنا أن التعليم خدمة اقتصادية لسهل علينا أن نعلم أنه يمكن شراؤها من الحكومة أو القطاع الخاص، وكون الدولة تمنح هذه الخدمة مجاناً حسب منطوق الدستور فهذا لا يقدح في منافسة القطاع الخاص في هذا المجال وتقديمه لهذه الخدمة في مستوى الخمس نجوم! مع العلم أن أي تلميذ انتقل إلى مدرسة خاصة كان بإمكانه الذهاب إلى مدرسة حكومية لكنه لم يفعل! ولو أجرينا دراسة على عشر أسر وسألناها لماذا اختارت التعليم الخاص لوجدنا عشر إجابات مختلفة، وهذا لا يقلل من جهد المدارس الحكومية، لكن القطاع الخاص دائما أكثر مرونة في اتخاذ القرارات وينعدم فيه الروتين، فمثلاً تعيين أو نقل معلم في المدارس الخاصة لا يستغرق أكثر من زمن المكالمة، بينما نجد الأمر في المدارس الحكومية قد يستغرق شهوراً وربما سنوات!! وإذا كانت المدارس مليئة بالتلاميذ فهذا واقع يستحق الانتقاد لا النقد. إن الأصل في الإسلام الحرية، وكما قال الفاروق لعمر بن العاص (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)؟ ولد الإنسان هكذا ويجب أن يعيش هكذا بلا وصاية إلا وصاية القانون. ولا معنى لهذه الحرية إذا أعدمنا الخيارات أو المقدرة على الاختيار مثل الزنوج الأمريكان عندما حررهم (ابراهام لنكولن) فتمتعوا بحرياتهم أياماً، وعندما عضهم الجوع عادوا الى أسيادهم لأنهم لا يحسنون التصرف من تلقاء انفسهم - (وجب هنا تعليق لاحق) - فلماذا نركض دائماً بحثاً عن الحكومة لتفعل لنا كل شئ، لماذا لا يدير مجتمعنا مؤسساته كما يحدث في العالم المتحضر وفق قانون العرض والطلب ويجلس المواطن موفور الكرامة أمام شاشة التلفزيون ليتبارى الجميع في عرض خدماتهم له وله مطلق الحرية في قبول هذا ورفض ذاك، والأمر كله متروك للذوق العام والقبول الشخصي. والتعليم الخاص الذي صنع لنا هذا الزخم حول نظامنا التعليمي يجب شكره لأنه وضع العملية التعليمية برمتها في مضمار المنافسة الحرة وهي الوسيلة الوحيدة لترقية الأداء! { فاصل ونواصل! الأستاذ حسن احمد علي طه رئيس اتحاد المدارس الخاصة