أوراق الطلب الذي قدمته حكومة الجنوب باستضافة (أفريكوم) هو الآن أمام طاولة قادة البنتاجون.. وحسب تصريحات نسبت لمجلة المخابرات الإفريقية التي تصدر عن الاتحاد الإفريقي فإن حكومة جنوب السودان تقدمت بطلب رسمي باستضافة «أفريكوم» بالجنوب على أن تكون قيادتها من العاصمة جوبا حسب اتفاقيات سابقة أرجعها المصدر إلى كل من جوبا وواشنطن- وحسب ذات المصدر فإن البنتاغون يعكف الآن على دراسة الطلب والرد عليه. بينما رشحت معلومات مسبقة تؤكد أن الإدارة الأمريكية تسعى منذ سنوات لتسكين قاعدتها الخاصة بإفريقيا في جنوب السودان بعد أن رفضت دول عديدة مغاربية استضافة القاعدة «أفريكوم» خاصة الدول التي تطل على الصحراء الكبرى وتخوف قادة تلك الدول وتحفظهم بحجة أن المشاكل التي قد تجلبها لها تلك الاستضافة جمة للغاية بما فيها إحراج تلك الدول وقوبل الأمر بالرفض الشديد على أساس أن تواجد القاعدة نفسها في دول عربية قد تثير من المشاكل وردود الأفعال أكثر من جلبها فوائد لتلك الدول بينما أبدى الين جونستون رئيس ليبيريا موافقته لاستضافة قوات أفريكوم إلا أن طلبه قوبل بالرفض من قبل قيادات بالدفاع الأمريكي.. وظلت (شتوتغارت) بألمانيا قاعدة انطلاق أعمالها في ما بعد. كيف انطلقت «أفريكوم» وما هي أهدافها والمصالح التي ترعاها؟ أسئلة قد نفهمها إذا علمنا أن التنافس العالي الذي احتدم بين أمريكا وشركائها الأوربيين وبين الآسيويين حول مصالحهم في إفريقيا أمر صعب تحمله. لم يكد ذلك اليوم الذي قرر فيه رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق مغادرة الوزارة يمر دون أن يودع تلك الطاولة المستديرة قراره الأخير القاضي بتشكيل وحدة قيادة أمريكية خاصة بإفريقيا التي ظلوا ينعتون العديد من دولها بإيواء وتغذية الإرهاب.. وتمخضت عن ذلك القرار إنشاء (أفريك - كوماندمينت) أو كما يعرف اختصاراً باسم «أفريكوم» مؤلفة من حوالي ألف عنصر وزعت على ثلاث قيادات فرعية في إفريقيا وكانت مهام الوحدة الجديدة في إفريقيا المعلنة هي متابعة تنفيذ البرامج المتعلقة بالأمن والاستقرار السياسي في القارة الإفريقية التي كانت وزارة الخارجية الأمريكية تشرف على تنفيذها في سابقة وبالفعل بدأت «أفريكوم» نشاطها فعلياً في أكتوبر من العام 2008م وظل محور عملها تمركز حركتها التدريبية واللوجستية والهجومية أيضاً ووضعت لها ميزانية سنوياً قدرت بنحو 80-90 مليون دولار. ويقدم رئيس «أفريكوم» تقارير منتظمة إلى الإدارة الأمريكية أسوة بالقيادات العسكرية الأمريكية الخمس الأخرى المتمركزة حول العالم.. وسبق أن قال عنها وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس إن أفريكوم ستمكن الولاياتالمتحدة من أن تكون لها نظرة أكثر فعالية وتماسكاً في إفريقيا على أنقاض الرواية الحالية التي قامت على مخلفات الحرب الباردة. أما مساعدته بنريزا فقالت عنها في مقال نُشر على موقع «أفريكوم» نفسه إن هذه القيادة ستؤمّن مناخاً مضموناً وآمناً للسياسة الأمريكية في إفريقيا بالتعاون مع وكلاء حكوميين وشركاء دوليين» ولم تفصح الوزيرة حينها عن هوية أولئك الوكلاء الحكوميين! ويرى مراقبون أن تلك النظرة الأمريكية لا تتوافق مع حسابات وشركاء آخرين من بينهم أوروبيون وآسيويون إذ يرون أن تواجد «أفريكوم» في إفريقيا مهدد خطر لمصالحهم هناك وينظرون إليها كتدعيم للنفوذ الأمريكي. بينما يقول محللون في حال انتقالها إلى جنوب السودان فإن الضربة سوف تكون أشد لخصوم أمريكا بحسبان أنها ضمن مناطق النفط التي يمتد إليها نفوذهم ويعتقدون أن وجودها هنالك هدفه توفير الصلابة اللازمة لحماية اقتصاد أمريكا نفسها خاصة وأنها تستورد ما يوازي 15% من احتياجاتها النفطية من إفريقيا ويرجع ارتفاعه إلى ما نسبته 25% العام القادم حسب مصادر أمريكية.