{ سيِّدي الفريق أول «سلفاكير ميارديت»، رئيس جمهورية جنوب السودان: بعد التحية.. وخالص الاحترام.. { نبارك لك.. ولشعب الجنوب.. ميلاد الدولة الجديدة.. رغم حزننا العميق.. وحزنكم الأكيد، وإن توارى وراء ابتسامات الفرح.. الحزن الذي لم تستطع كتمانه الصغيرة «أنجلينا».. وهي ترد على زميلنا «بهرام» في مطار «جوبا» بدمعة غالية انحدرت إلى خدّها، وهي تغالب مشاعرها على فراق «الخرطوم»!! الحزن الذي نطق صفعةً على وجه (شمالي) أرعن قال إن (الخرطوم ما كويسة).. وهو يظنُّ أنه (يجامل) «لوكودو» العجوز، فإذا بالرجل «الثمانيني» يصفعه قائلاً: (كلامك دا ما كويِّس.. الخرطومو«جوبا».. بلد واحد)!! { هذه مشاعر مئات الآلاف.. بل ملايين الجنوبيين.. باستثناء مجموعتكم (السياسية) و(الإعلامية).. من لدُن «باقان» وإلى «ألفريد تعبان».. وهي - وحدها - التي تحاول عبثاً (تحويل) مجرى النهر الخالد..!! نهر الأواصر والدماء الجارية في شرايين هذا الشعب (الواحد).. وإن تقسَّم.. إلى حين. { المذيعة المضطربة ضعيفة الأداء في قناة «أبوني» - القناة الناطقة بعربي جوبا - تسأل أحد المواطنين من جنوب السودان عن رسالة يوجِّهها لقيادة الجنوب فيقول: (نحن نقول للرئيس سلفاكير.. أرمي قدّام.. وَرَا.. مؤمّن)!! هل مثل هذه الكلمات من (أدبيَّات) ومفردات الحركة الشعبية لتحرير السودان؟! { إنها ثقافة شعب واحد.. تختلف السحنات بين الجنوب والشمال.. مثلما هو الحال بين قبائل دارفور.. أو كردفان.. أو شرق السودان عندما تتفرَّس في ملامح «الهدندوة»، وتنقل البصر إلى سحنة «الرشايدة»!! { لسنا - اليوم - في مقام العتاب.. ولا الحساب.. عليكم.. أو علينا.. ولكنَّنا - سيدي الرئيس سلفاكير ميارديت - في مقام النصيحة.. فإن قبلتها فأنت رئيس جمهورية (جنوب السودان)، قائد شعبها نحو الرفاهية والاستقرار.. وإن رفضتها فإن لنا أجر المجتهد، ولكم فضل الاطلاع.. ونحن نعلم أنكم تقرأون صحف الخرطوم.. وإلاَّ لما صدر أمركم (السامي) بمنع صحيفتنا (الأهرام اليوم) من معانقة قرائها في «جوبا» وسائر بقاع الجنوب، قبل أكثر من (9) أشهر..!! { سيدي الرئيس: بعد أن ينجلي غبار هذا اليوم - التاسع من يوليو عام 2011م - ويغادر ضيوفكم الكرام، وعلى رأسهم السيد الرئيس «عمر حسن أحمد البشير»، فإن شعب الجنوب سيسألك، أو هكذا ينبغي، في اليوم التالي، أو الشهر التالي: ماذا أعددت لنا يا (ريِّس سلفا) في دولة الميعاد؟ أين نسكن؟ كيف نأكل؟ ماذا نشرب، غير الكحول اليوغنديّة؟! ماذا نعمل وكيف نكسب؟ أين يدرس أبناؤنا وبناتنا، ومن يدرِّسهم؟ من يعالجهم؟ في أي مشفى.. وكم صيدليّة؟ { قال صحفي بريطاني في ثنايا تقرير نشرته إحدى صحف «لندن» حول تغطيته لعملية الاستفتاء على تقرير المصير في (9) يناير عام 2011م: (إن الجنوبيين يظنون أنهم سيجدون أنفسهم يعيشون في «سويسرا» في اليوم التالي لإعلان الانفصال)!! { ولهذا بدت المشاعر مختلفة في «جوبا» تجاه (الشماليين) عشية إعلان دولة الجنوب (أمس)، عن ما كان عليه الحال (قُبيْل) و(بُعيْد) الاستفتاء على تقرير المصير!! { المشاعر كانت (عدائية) في يناير الماضي.. ولكن - الآن - وبعد أن مضت (6) أشهر على إعلان النتيجة بالانفصال، تأكد غالبية الجنوبيين من أنهم خُدعوا، وغُرِّر بهم.. وأنهم مازالوا يعيشون في إقليم المسافة بينه و«سويسرا».. مئات السنين (الضوئية)!! { المشاعر اختلفت، عدا تلك المزيفة و(المصنوعة) التي يعبِّر عنها جماعة باقان في تلفزيون الجنوب (S.S.TV) أو قناة «أبوني» الناطقة (بعربي جوبا)!! { أرجو أن تستوعب - سيدي الرئيس سلفا - هذه الحقائق على أرض الواقع، ولا تدفع شعبك، وأهلنا، من «الدينكا» و«النوير» و«الشلك»، وقبائل الاستوائية العزيزة، إلى (محرقة)جديدة، عبر مواجهات قبلية أو سياسية (جنوبية - جنوبية)، وأخرى (مصطنعة) مع (الشمال) الذي يسلِّمك - اليوم - مفاتيح دولة الجنوب، لعلك تديره على الطريق الصحيح، مطبقاً لقواعد المرور. { تفرَّغْ لشؤون الدولة الجديدة.. الوليدة.. استغرق في هموم شعبك.. وقضاياه.. لا شأن لك بجبال النوبة في جنوب كردفان، فهذه ولاية (شمالية) وسكانها (شماليون)، ليسوا «دينكا» ولا «نوير»، ولا شأن لك بجنوب النيل الأزرق، حتى وإن كان «مالك عقار» نائباً لك في (الحركة الأم) قبل 9 يوليو، فهذا تاريخ مضى.. وينتهي اليوم، وأرجو ألاَّ تتدخل في قضية (دارفور).. فأمرها مختلف.. ولا كنائس في «نيالا» والفاشر و«الجنينة» { ولا تستمع لأوهام الواهم «عرمان».. ولا أصدقائه من صغار (الأمريكان)، الذين مازالوا يؤمنون بسياسة (شد الأطراف).. أطراف ما تبقى من السودان!! { تذكَّر - دائماً - أن أمريكا لم تستطع إنقاذ الرئيس «حسني مبارك» ولا إغاثة الرئيس «بن علي»، ولا مساعدة الرئيس «علي عبد الله صالح».. أمريكا عاجزة تماماً عن مواجهة الشعوب في الشرق الأوسط.. وشمال أفريقيا!! فإذا انتفض عليك شعب الجنوب.. أو مليشياته، فإن (المارينز) لن يفلحوا في حمايتك.. وكان أولى منك (رؤساء) خالدون في سجلات ال (C.I.A) ..!! { سيدي الرئيس «سلفا»: ننتظر منك بياناً - بعد يوم الاحتفال - تردُّ به على الاعتراف (الأول) بدولة الجنوب من (حكومة السودان)، وفيه تعلن إخلاء سبيل ما يسمَّى (قطاع الشمال).. أشكرهم على سنوات النضال، وأطلق سراحهم.. قُل لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء، لأن شعب الجنوب قد قرَّر مصيره.. واختار أن يكون (جنوبيَّاً) فقط..!! جنوبيَّاً خالصاً.. دون (قطاع للشمال)..!! أطلق سراحهم فعلاً.. لا مناورة.. أطلب منهم عدم استخدام (الماركة التجارية) لحزبكم.. الحركة الشعبية لتحرير السودان.. فقد مضى (السودان) إلى حال سبيله!! فنلتم استقلال (جنوب السودان)، فهل تريدون (تحرير) جمهوريّة السودان.. تحرير (الشمال) بعد أن دان لكم (الجنوب)؟!! لا أظن أن شعب الجنوب - كل شعب الجنوب - يريد (تحرير) الشمال بعد هذا اليوم.. يوم (الاستقلال)!! { سيدي الرئيس «سلفاكير ميارديت».. لتبدأ تاريخاً جديداً من علاقات التعاون بين دولتينا، في الشمال والجنوب، فإن المطلوب من فخامتكم تفكيك (خلايا) التوترات على الجانبين، وأُولى خلايا الحرب بين الدولتيْن تتمثل في ما يُسمّى قطاع الشمال وقيادته الموتورة (عقار - الحلو - عرمان). { لن يكسب (شعب الجنوب) من وجود هذا (القطاع) المقطوع.. في الشمال.. بل سيخسر كثيراً.. وهو ليس مستعداً للمزيد من الخسائر. { نبارك لكم مجدداً.. وقلوبنا تغالب حزننا.. { ودمتم.. ودام شعب الجنوب.