{ يبدأ رئيس جمهوريَّة (جنوب السودان) الفريق أوَّل «سلفاكير ميارديت» غداً (السبت) زيارة رسميَّة للخرطوم تمتد ليومين، يرافقه خلالها (8) وزراء، وذلك للتباحث حول سبل تسوية القضايا العالقة بين البلدين. { لا بدَّ أولاً أن نرحِّب بزيارة الرئيس «سلفاكير»، فالخرطوم التي استقبلته في بواكير صباه مواطناً من الدرجة الأولى، احتضنته نائباً أوَّل لرئيس الجمهوريَّة في العام 2005، وها هي تستقبله غداً رئيساً لجمهوريَّة (جنوب السودان)، هذا هو الواقع الذي يجب أن نعترف به، ونتعامل على أساسه، رغم مرارته في حلوقنا. { لكنَّنا نحتاج أن نذكِّر الرئيس «سلفاكير» أنَّ الشعب (الواحد) الذي قسَّمه الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، بدأ ينتفض في «واو» و«قوقريال» و«أويل» بعد أن اكتشف (أكذوبة المصير)، وكذب الوعود الأمريكيَّة والأوربيَّة، والشعب يجوع الآن في الاستوائيَّة، وبحر الغزال، وأعالي النيل، ويهتف ضد «الحركة الشعبيَّة» بل ويحرق علمها، ويرفع علم السودان (القديم) هناك.. في مسقط رأس الفريق «سلفا»..!! { الشعارات السياسيَّة لا تصلح أن تكون طعاماً.. سيِّدي الرئيس «سلفاكير».. فكيف يعيش الجنوبيُّون دون تعاون الشمال.. كيف يأكلون.. ومع مَنْ يتاجرون.. وإلى أين يسافرون..؟! إلى «كمبالا» التي استعمرتهم، وغيَّبتهم عن الوعي بواردات المشروبات (الكحوليَّة)؟! { (الجنوب) في حاجة ماسَّة جداً إلى (الشمال)، والشمال أيضاً في حاجة ماسَّة إلى الجنوب.. هذه (المعادلة) يجب أن تتنزَّل على أرض الواقع اتفاقيَّات (اقتصاديَّة)، و(سياسيَّة)، و(أمنيَّة) يوقَّع عليها الرئيسان «عمر البشير» و«سلفاكير ميارديت» بنهاية هذه الزيارة، وإلاَّ فإنَّها ستكون زيارة عديمة الفائدة، لا تحمل أيَّ بشريات للشعب (الواحد) من «نمولي» إلى «حلفا». { لماذا يسافر وفد من الحكومة، أو (المؤتمر الوطني) إلى «أديس أبابا» للتفاوض مع وفد من الحركة الشعبيَّة أو حكومة الجنوب للوصول إلى اتفاق بشأن تقاسم عائدات البترول؟! لماذا لا يتفاوضون هنا في «الخرطوم» أو هناك في «جوبا»؟! ما علاقة «ثابو أمبيكي» بالسودان.. ماذا يعرف عنه قبل أن يصبح وسيطاً بأمر الاتحاد الأفريقي وموافقة الولايات المتِّحدة الأمريكيَّة؟! هل كان صديقاً للسودان.. ما هو تاريخ مواقفه (النبيلة) تجاه السودان عندما كان رئيساً لجمهوريَّة «جنوب أفريقيا»؟! ومع احترامنا وتقديرنا لرئيس وزراء إثيوبيا «مليس زيناوي»، فإنَّ تفاوض (السودانيين) في الشمال والجنوب، دون (وسيط)، هو في حد ذاته أكبر (اتفاق). { لا بدَّ أن يصل الرئيسان إلى اتفاق في معظم القضايا العالقة، وعلى رأسها قضيَّة قسمة عائدات النفط وفق المقترحات المقدمة، والتوقيع على الاتِّفاق (المكتوب)، وليس (الشفاهي). { (السودان) يرغب في تعاون مشترك مع (جنوب السودان) في كافَّة المجالات، هذا هو عنوان لافتة استقبالنا للرئيس «سلفاكير»، ولكن إذا جاء إلى «الخرطوم» ليحدِّثنا عن (قطاع الشمال)، وجيش الحركة في جنوب كردفان، والنيل الأزرق، مؤجِّلاً قضايا التعاون (الاقتصادي) و(الأمني) على طريقته المعهودة، فالأفضل أن يختصر زيارته.. ورافقته السلامة.