نصت اتفاقية السلام الشامل التي وقعت بنيفاشا العام (2005) على منح طرفي الاتفاق في حالة اختيار المواطنين من جنوب السودان الانفصال.. فترة (6) أشهر يتم الاتفاق فيها حول الترتيبات اللازمة في مجالات الشؤون الأمنية والاقتصادية التي تؤدي إلى انفصال (سلس) وذلك تعزيزاً للمكاسب الاقتصادية التي حققتها اتفاقية السلام. القضايا الاقتصادية التي كان يجب أن يتم الترتيب والاتفاق حولها شملت (البترول، العملة، الأصول، الديون، التجارة، المياه، النقل الاتصالات)، للأسف الشديد فقد انتهت الفترة الانتقالية المذكرة في 8/ 7/ 2011 دون التوصل إلى اتفاق موقع بين الطرفين حول القضايا الاقتصادية سالفة الذكر. الأسبوع الماضي شهد خطاب رئيس الجمهورية التاريخي بالمجلس الوطني، والذي حدد خلاله ملامح المرحلة المقبلة كما نص خطابه على ضرورة إصدار عملة جديدة لشمال السوادن بالرغم من أن كل المؤشرات كانت تشير إلى عدم إصدار عملة جديدة، حيث لم يشر إليها من قريب أو بعيد فقد تفاجأ المواطنون بذلك من خلال خطاب رئيس الجمهورية.. إلا أن محافظ بنك السودان المركزي د. محمد خير الزبير، أكد أن المركزي احتاط لذلك فقد قام وفقاً لهذا التحوط بإعداد طبعة ثانية جديدة من العملة (بألوان مختلفة) وذلك لتفادي المخاطر التي سوف تترتب على استخدام عملة جنوب السودان المتداولة في الجنوب لغير صالح الاقتصاد السوداني، كما أنه تم (التحوط) كذلك في حالة عدم التوصل إلى اتفاق حول تسليم كميات الجنيه المتبادل في الجنوب بعد استبداله بعملة دولة جنوب السودان، وأضاف هذا ما حدث بالفعل. محافظ المركزي أشار في المؤتمر الصحافي الذي عقده صباح أمس (السبت) برئاسة البنك إنه وفي ما يتعلق بالعملة وفي أثناء المفاوضات فقد تم التوقيع على (محضر متفق عليه) أكد على قيام دولة الجنوب بإصدار عملة خاصة بها كما نص على ترتيبات لعمل مشترك لضمان نجاح عملية استبدال عملة جنوب السودان بعملة السودان المتداولة حالياً، غير أنه لم يتم الاتفاق حول نقطة جوهرية تتعلق بالاتفاق حول تسليم كميات العملة السودانية لبنك السودان المركزي بعد استبدالها بعملة حكومة جنوب السودان. الآن سوف يقوم المركزي بطرح الطبعة الثانية من الجنيه وإحلال الطبعة الأولى تدريجياً من خلال الجهاز المصرفي ونقاط الاستبدال بالمناطق النائية في كافة أنحاء السودان خلال فترة زمنية مناسبة تمكن المواطنين من استبدال نقودهم بسهولة ويسر، خاصة وأن للبنك المركزي - كما أكد المحافظ - تجربة ممتازة في استبدال الدينار بالجنيه، وأضاف: سنبدأ في إحلال الطبعة الثانية خلال هذا الشهر بعد أن اكتملت طباعتها وكافة الترتيبات القانونية والإجرائية والعملية لإطلاقها إلى جانب خطط التوزيع والطرح والاستبدال. السؤال الذي يفرض نفسه الآن كيف سيتم إعادة العملة المتداولة بالجنوب؟ د. محمد خير أكد هنا وهو يجيب علي هذا التساؤل إن موقف الحكومة هو أن يتم تسليم كميات الجنيه المتداول في الجنوب لبنك السودان المركزي بعد أن تتم عملية استبداله بعملة دولة جنوب السوادن، أما موقف حكومة جنوب السودان فهو أن تتم مبادلة الجنيه المتداول بالجنوب بعد استبداله بعملات أجنبية أو استيعابه في التبادل التجاري بين الدولتين، وحسب المركزي فإن الحكومة قد تمسكت بموقفها استناداً على أن عملة الجنيه المتداولة بعد استبداله بعملة جنوب السودان سوف تصبح لا قيمة لها سوى تكلفة الطباعة استناداً على تجارب الدول التي انفصلت في العالم. وفي السياق أكد المركزي استعداده التام للتوصل إلى حلول تضمن له استرداد العملة المتداولة بالجنوب بصورة رسمية فور استبدالها بواسطة بنك جنوب السوادن وبالكيفية التي يتفق عليها، كما أعرب البنك عن أمله في أن تنعقد المفاوضات بين الدولتين في أقرب موعد ممكن للاتفاق حول القضايا الاقتصادية المعلقة التي لم يتم الاتفاق حولها أثناء الفترة الانتقالية وأهمها التعاون في مجال البترول وإجراءات التجارة بين الدولتين بما في ذلك الترتيبات المصرفية ونظم الدفع للصادرات والوارادات بين البلدين بما يحقق المنافع المتبادلة للشعبين، وحسب نائب محافظ بنك السودان بدر الدين محمود فإن العملة الجديدة تم طباعتها داخلياً وخارجياً وهي تشابه العملة المتداولة حالياً فقط الاختلاف في الألوان، كما تم سحب الأشياء التي تتعلق بثقافة الجنوب وخريطة السودان القديم، كما تم إحداث تغييرات في بعض المسائل التأمينية في الشريط المعدني من الأمام إلى الخلف، كما أنها ستكون بنفس المقاسات والأبعاد السابقة مع التركيز على المسائل التأمينية الواردة والبالغة (16) إجراءً تأمينياً، وأضاف: (تكلفة العملة الطبعة الحديثة أقل من استبدال العملة الجديدة)، كما أن العملة المتداولة حالياً في الجنوب تبلغ (2) مليار جنيه سوداني فإذا تم ضخها بصورة فجائية فإنها حتماً سيكون لها تأثير على سعر الصرف، لذا فقد تحوطنا بالطبعة الجديدة، كما نؤكد أنه لا تأثير بسببها على زيادة الأسعار، كما أنها لا تؤثر على سعر الصرف وحسب مساعد المحافظ للعملة النور عبد السلام فإن الطرح للعملة الطبعة الثانية سيبدأ من خلال الجهاز المصرفي ثم الاستبدال في كل البنوك وسيتم فتح نقاط للاستبدال بالمناطق النائية وتلك التي ليس لها أفرع للمصارف، ونأمل أن يتم ذلك في أسرع وقت ممكن وقبل أن يستبدل الجنوب عملته وأضاف: (العملية طبيعية، وتجربتنا السابقة في استبدال العملة كانت سلسة فالعلامات التأمينية وضعت لتلافي حدوث التزوير، خاصة وأن العملة تمثل سيادة الدولة). وأبان: (نحن سيادة البلد لن نلعب فيها). المحافظ تناول كذلك احتياطي النقد الأجنبي الذي هو مطمئن ووفقاً للدكتور محمد خير فإن البرنامج الاسعافي الذي وضعته الدولة سيعمل على معالجة الاختلالات نتيجة لخروج البترول من الإيرادات، وأن وزير المالية علي محمود سيقدم البرنامج الإسعافي الثلاثي للبرلمان الأسبوع القادم الذي هو كفيل بإعادة الاستقرار الاقتصادي بحسب وصفه..