كانت جسارة الطيب صالح في أنه يحول الأشياء الصغيرة العادية إلى قضايا عظيمة تصيب الناس بالدهشة والفرحة والألم معاً، ولذا ستبقى أعماله وكتاباته معيناً لا ينضب، يغرف منه المخرجون والكتاب ويلتف من حولها الجمهور وهو مفتون بعبقرية كاتب رحل عنا لكنه ما يزال يسكن في دواخلنا. والأعمال العظيمة كالذهب تماماً، كلما صقلتها بالنار ازدادت لمعاناً وبريقاً وزادت قيمتها مهما مرت عليها السنون وتعاقبت عليها الأجيال. ينطبق هذا على أعمال الطيب صالح جميعها ومنها رواية «عرس الزين» ذات القماشة الروائية المتينة، ما يجعلها أداة طيعة للتحول من الطابع الروائي إلى الشكل المسرحي، لأن عظمة هذا العمل وملامسته لشيء في داخل كل مشاهد تمنحه صفة الصيرورة. ولعل هذا ما شعر به كل من شاهد «عرس الزين» خلال عرضها على المسرح الوطني بدولة قطر برعاية من الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري، زير الثقافة والفنون والتراث هناك ومن إعداد وإخراج محمد السني دفع الله. المسرحية من بطولة مهند محجوب وعزة صلاح، وضيفا الشرف نجما المسرح موسى الأمير ومصطفى أحمد الخليفة. ديكور الفنان نور الهادي الخضر، أشعار آسيا سكينجة، موسيقى وألحان عادل التجاني تمثيل فرقة «ستديو سودانوي». قال المخرج محمد السني دفع الله: «إن المحبة والنور كلمات تشرق دائماً في نص رواية عرس الزين في هذا العالم الذي ينام ويصحو على الكوارث والحروب والدمار. والناس أحوج ما يكونوا الى قلب كبير يجمع الناس حوله بالمحبة». وأضاف السني: «إن عرس الزين مسرحية بسيطة وعميقة ومكتنزة بالمعاني والدلالات وعابقة برسالة المحبة».