أكثر من عقد من الزمان قد مضى على أزمة الإسلاميين ومفاصلتهم الشهيرة، وفي المقابل أكثر من عقدة وغموض يكتنف مصير هذه الأزمة التي تطاولت لدرجة التساؤل الملحاح (أطويل طريقنا أم يطول)! وأشواق العامة تتطلع إلى يوم جمع والتئام، وفي المقابل إرادة الخاصة من القادة في الطرفين ترفض أي حديث عن هكذا عودة ولقاء! وفي كل 4 رمضان تتجدد بعض الهواجس والظنون على أن القوم، قوم شيخ حسن، قد خرقوا السفينة عن عمد وتمادوا في هذا الخرق، وهم يستمدون يومئذ قدسية هذه المفاصلة من القرآن الكريم، «أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً»، ويذهب بعضهم إلى أن حادثة (خرق سفينة الإنقاذ) مع عناية الله سبحانه وتعالى هي التي صرفت أنظار واشنطن عن السودان، ويفترض أن تلك الحمم والبراكين المشتعلة التي أمطرت بها أرض الرافدين، يفترض أن تكون وجهتها الأولى أرض النيلين، على الأقل أن الشهيد أسامة بن لادن كان يقيم في هذا البلد، وأن عمليات نيروبي ودار السلام قد نفذت من الخرطوم، وكانت واشنطن يومها تأخذ كل سفينة غصباً لكن كانت سفينتنا يومئذ معطوبة و(غرقانة) بفعل المفاصلة التي أخرجت شيخ حسن من السلطة، فالغرب كله يختزل (الأصولية السودانية) في عباءة هذا الشيخ.! غير أن هنالك شواهد أخرى على (مسرحة المفاصلة) نذكر منها على سبيل المثال. لم تكن المسوغات التي نهضت عليها المفاصلة مقنعة لأحد، وهي كلها تتمحور حول (تعيين الوالي وانتخابه)، هل يُعين الولاة أم ينتخبون، علماً بأن القصة قد انتهت إلى انتخابهم، وجهة النظر التي يتبناها المؤتمر الشعبي. الشاهد الثاني هو أن الإسلاميين أرادوا أن يسيطروا على الحكومة والمعارضة، فالمؤتمر الشعبي موجود في دهاليز المعارضة يخذلها ويثبط هممها من أن تفعل دورا ذا بال، ألم يرفض المؤتمر الشعبي في الانتخابات الفائتة أن تكون المعارضة على قلب مرشح واحد، وقد قال يومئذ بثقافة تشتيت الأصوات، وهو فعلياً كان يشتت أصوات المعارضة. طالما أن حزب المؤتمر الشعبي موجود في ردهات المعارضة فأنها لن ولم تتوحد حول (فكرة واحدة) لإقصاء المؤتمر الشقيق، فتكمن مهمة المؤتمر الشعبي في إضعاف المعارضة وإرباكها وتشتيت مكوناتها. لا يعقل أن الشيوعيين العدو اللدود تاريخياً للإسلاميين يصبحون أقرب مودة لإسلاميي الشعبي، وفي المقابل يكون أشدهم عداوة هم: (إسلاميو المؤتمر الوطني)! وهل يعقل أن يكون حزب الحركة الشعبية، التي نهضت ثورة يونيو بقيادة الترابي أصلاً لمجاهدتها وقدمت في سبيل ذلك آلاف الشهداء، هل تكون بقدرة قادر وضربة لازب حليفة المؤتمر الشعبي، وأن يكون الأخير أحد (أحزاب جوبا)! مالكم كيف تحكمون. وهنالك شاهد آخر، وهو كل بعد فترة يفرج المؤتمر الشعبي عن كادر من العيار الثقيل ليذهب ليعين إخوانه في الحكومة، وآخرهم القيادي الشرس الحاج آدم يوسف، وهنالك قادة في الطريق سيعودون تباعاً و.... و... ومسوغات عديدة لا يتسع لها هذا المقال. صحيح أن هذه السيناريوهات قد لا يدركها أناس من أمثال الأخ الأستاذ كمال وعمر وآخرين، وهنالك من يقول إنها محصورة في خمسة أشخاص فقط في كل المؤتمرين! إنها مسرحية طويلة تعرض بانتظام على مسرحنا السياسي لمدة عقد من الزمان.. وباتقان شديد.. تصوموا وتفطروا على خير.