ربما يفسر البعض الشكوى التي ظلت تجأر بها حكومة جنوب دارفور من ضعف التمويل وقلة الإمكانات بأنها تبرير لبعض إخفاقاتها وتعليقها على (شماعة) المركز إلا أن الواقع هنا في الولاية أصبح لا يحتمل أياً من الحالتين، سواء أكانت حكومة الولاية على حق أو أنها تعلق إخفاقاتها على الحكومة المركزية. فمواطن الولاية يتطلع إلى تغيير في الأوضاع التي يعيشها والخدمات التي يتلقاها، من واقع أن ولايته بحسب كل المعايير التي تتبعها الدول التي تتخذ من النظام الفيدرالي هادياً لها في الحكم، تستحق من الاهتمام ما يلبي طموحات شعبها الذي بلغ الملايين تعداداً، أي يفوق ثُمن تعداد السودان الحالي بولاياته الاربع عشرة، علاوة على أنها ولاية ضمن ولايات دارفور وهذا يكفي، ويدري القارئ ماذا تتطلب الأوضاع في دارفور. وفي هذا السياق جاءت الحكومة الاتحادية بإستراتيجية سلام دارفور التي تحتوي في طياتها على كثير من الدعم والتمويل للمشروعات الخدمية وكان من المقرر أن يبدأ تنفيذ الاستراتيجية منذ عدة شهور خلت إلا أن مواطن الولاية ما زال يتساءل عن أموال الاستراتيجية والمشروعات التي تنفذ عبرها، ففي الولاية حتى الحديث عن الاستراتيجية أصبح من أحاديث الماضي وبرز استياء حكومة الولاية من بطء تدفقات أموال الاستراتيجية. وقال والي جنوب دارفور؛ دكتور عبدالحميد موسى كاشا، في تصريحات عقب زيارته الأخيرة للخرطوم، إنه سلم مستشار رئيس الجمهورية، مسؤول ملف دارفور؛ دكتور غازي صلاح الدين، مذكرة طالب فيها بضرورة إعادة النظر في تنفيذ مشروعات استراتيجية سلام دارفور بالولاية والعمل على إحكام التنسيق بين الولاية والمركز في هذا الصدد. مضيفاً بالقول: لا يعقل الأموال في الخرطوم والمشروعات التي تحتاج للتنفيذ في الولاية. وجدد كاشا شكواه من تعثر تدفقات أموال استراتيجية سلام دارفور في ختام مؤتمر هيئة شورى المؤتمر الوطني بالولاية يوم الخميس، وأضاف أن هناك ضعفاً في التنسيق في برامج الاستراتيجية، وطالب أمانة دارفور في المركز العام للمؤتمر الوطني التي يترأسها دكتور أزهري التجاني، بمتابعة تدفقات أموال الاستراتيجية للولاية، لكن (الأهرام اليوم) أجرت عدداً من الاتصالات مع المسؤولين بولايتي شمال وغرب دارفور للاستفسار عن سير تنفيذ الاستراتيجية فكانت المعلومات تفيد بأن الوضع أفضل من جنوب دارفور، فالواقع هنا كما وصفه أحد المسؤولين بالولاية مزرٍ لجهة أن الولاية عاجزة عن معالجة كثير من القضايا التي تحتاج إلى أموال بل تتراكم مديوناتها بواقع (6) ملايين جنيه شهرياً إلى أن بلغ إجمالي العجز رقماً لا تستطيع الولاية الإيفاء به، حيث تجاوز ال(150) مليون جنيه، الأمر الذي أعجز حكومة الولاية عن الإيفاء بكثير من تعهداتها التي قطعتها لمواطني الولاية كبرنامج انتخابي لحزب المؤتمر الوطني بل دخلت عدد من مؤسسات الولاية في سلسلة إضربات مستمرة للعاملين، منها مستشفى نيالا وكلية نيالا التقنية، فضلاً عن أن الدفعة الأخيرة من الخريجين الذين تم توظيفهم في مايو الماضي لم تتمكن الولاية من توفير مرتباتهم، على الرغم من الوعود التي ضربتها بأن يتم صرف مرتبات هذه الدفعة في أول يونيو الماضي، بجانب أن هناك وظائف عمالية بوزارة الصحة ملئت ثم صرفوا مرتب شهر واحد وتوقفت مرتباتهم لأسباب يرجح بعضهم أنها لعدم وجود تمويل وكادت الولاية أن تفقد (23) طبيباً اختصاصياً يعملون في مستشفى نيالا التعليمى عندما هددوا بمغادرة ولاية جنوب دارفور بسبب عدم سداد استحقاقاتهم المالية المتوقفة لنحو (12) شهراً والتى تقدر بأكثر من مليون ونصف المليون جنيه عجزت الولاية عن سدادها بجانب أن كافة تقارير أداء الجهاز التنفيذي التي عرضت على المجلس التشريعي الولائي دون الطموح وكانت الوزارات تشكو من قلة التمويل الذي يمكنها من تنفيذ الخطط التي أجازها ذات المجلس في مطلع هذا العام، وأقر الوالي بأن خدمات البنية التحتية بالولاية (صفر)، وقال: يمكن أن نجد مبرراً للحكومة في الفترة الماضية في ما يتعلق بخدمات البنية التحتية لكن الآن يجب أن تنساب تلك الخدمات لمواطن الولاية الذي وقف مع برنامج حزب المؤتمر الوطني، وزاد أن تنفيذ أي مشروع حيوي بالولاية يرفع من نسبة التأييد للحزب وحكومته.