في زماننا ونحن صبية حينما يختلف اثنان حول شيء ما ويصل بهما الغضب إلى أقصى أفق له.. كان يتحدي أحدهما الآخر فيقول له: (طالعني الخلا) وهذه المطالعة في الخلاء تعبر عن شجاعة ما بعدها شجاعة وإن كانت صبيانية الهوى وبما أننا في زمان ليس به (خلاء) وإنما (رفيق فسل) فقط، فإننا نجد أن في مجال الكتابة هناك أيضاً (رفيق فسل) وفسالته أحد أوجهها (الكذب) إذ يظهر من خلال كتاباته بأجنحة (الملاك) بيد أنه يرتدي في داخله مسوح ثعبان أملس. هذا وأمثاله يفترون على القراء (الكذب) وما أبشعها من خصلة، هذا الكاتب الكاذب الأشر يحاول أن (يدغدغ) من خلال ما يدلقه على الورق؛ يدغدغ مشاعر من يطالعون سطوره بأنه (فارس التسامح) و(المتأبط خيراً) للمشهد الثقافي و(المداوي) لجراحات الكتاب مادياً ومعنوياً. هذا الكاتب الفسل لأنه يخشى المواجهة من خلال (السجال) فيحتمي بجدار أفراد أو عصبة تنافح عنه من خلف ستار ويجعل منها (حاشية) له ولأنه يعلم أن هؤلاء الأفراد لهم (مناقير) أقلام يمكن أن تنهشه إن لم يتقرب إليها زلفى، حتى يتقي شرها النقدي. المصيبة التي تصل حد البشاعة والقبح أن هذا الكاتب المتنطّع وأمثاله كثر، لا يتورع عن الادعاء بأنه يحمل راية المنافحة عن (حرية الكتاب) ويوعز بأنه المناضل الذي لا يشق له غبار في مناوأة السلطة.. وهو في الحقيقة (والغ) في (قدح السلطة) حتى أذنيه.. يأكل منها وبنهم لا يجاريه فيه حتى (أشعب)!! فصار من أكبر (المتكسبين) من (لحس) شوربة السلطة و(كوعها) أيضاً، وفي عينيه (نصف كوب من دموع التماسيح) ومعذرة للكاتب المصري المعروف صلاح عيسى وعنوان قصته ذاك، ليته كان معترفاً بذلك (اللحس) لاحترمنا قناعاته بيد أنه (يكابر) بأنه خارج حظيرة السلطة بالرغم من أنه دخلها طائعاً مختاراً والأدلة على ذلك موثقة لا ظنية وهو ما زال يبحث عمن يبايعونه ويركبون معه الموجة، ومع كل ذلك هناك من (يربتون) على ظهر مناقب (الشيخ الفسل) حتى تجد كتاباتهم الحظوة عنده.. وهناك أيضاً من (الكتاب) من يتملقونه ليبحر بهم صوب جزر قمر ملتقيات ثقافية خارج حدود الوطن، إنه المنتفع بامتياز من تلك الفعالية أو ذاك المؤتمر أو المهرجان.. إذ لا يرفض أية دعوة (قشة حلوة وليست مرة) توجه إليه ولو كانت غير ذات أهمية. إن هذا الكاتب الفسل لا بد أن يقف مع نفسه وقفة (عودة وعي) ويعترف بأنه لم يعد له تأثير على الرأي العام الثقافي ومع ذلك نطلق السؤال من عقاله: هل هناك من جدوى لفضح هذا الكاتب وأمثاله وهم ليسوا في قلب الحياة الفكرية والأدبية لدينا، إنما يزاحمون براياتهم ذوات الخروق، الفضاء الثقافي (توهماً) وقد نضب معينهم؟! نعم.. لن نعتقهم حتى لا يتطاولوا أكثر!! وحتى يعرفوا قدر أنفسهم فما عاد الصبر يجدي.. لأننا ندرك أنهم من (الجبن) بحيث لا يستطيعون (مطالعة) كتابتنا في (خلاء) المشهد الثقافي. سوف نقوم بتعريتهم الواحد إثر الآخر فهذا أوان (بلّ) الرؤوس!! وقد حان القطاف.