جمله تردد في آذاننا منذ أن تعلمنا الحديث والتقاط الجمل من أفواه أهلنا, بأن شهر رمضان هو شهر للخير والمغفرة, ولا أنسى أيامه التي قضيتها في مدينتي المحببة القضارف وكيف كنا نتسابق أنا وأخي الواثق - رد الله غربته - في شراب بقيه العصائر والمأكولات التي تكتظ بها الثلاجة وتفيض في دلالة واضحة على خيراته التي لا تنتهي, وحتى بعد أن تعلمنا صيامه فشهر رمضان بالنسبة لنا شهر يختلف بكل المعايير عن شهور السنة، وانتظاره سنوياً له طعم ومذاق مختلف, حتى بدأت تتلاشى خيراته عاماً بعد الآخر في ظل الظروف الضاغطة التي تعيشها البلاد منذ فترة وما زالت وغيرت وبدلت كل شيء. ولم يظل رمضان كما هو حافل بالمشروبات والمأكولات, وصارت الأسر تعاني في إحضار صنف أو اثنين في كل يوم بعد معاناة وعذاب حقيقي، بل ازداد العبء عليها وانعدمت العصائر التي كانت تمتليء بها الموائد عن آخرها بسبب أزمة السكر المفتعلة من قبل التجار وحكومتنا كالعاده تتفرج لأن توفير معينات الحياة الأساسيه بالنسبة لها ليس بذي أهمية في الوقت الراهن وليتصرف الجمهور والمواطن لأن القضايا المشغولة بها أهم من هذه السفاسف غير المجدية. بلد بها خمسة مصانع للسكر تنتج سنوياً حسب الإحصاءات 650 ألف طن من السكر, في الوقت الذي فيه حوجه البلاد أو استهلاك المواطن سنوياً مليون و250 ألف طن لتتم معالجة الفجوة من الاستيراد الذي توقف لأسباب لا نعلمها في شهر رمضان على وجه التحديد وتظل العبارة التي تردد عند دخولك لأي بقالة بأن «سكر مافي»، وإذا وثق فيك التاجر وباع لك ما تريد في الخفاء يصل سعر جال السكر كنانة إلى 280 جنيهاً، وبالتأكيد هذا سكر معقول للأسر الميسورة مالياً، وتتفرج البقية من الشعب السوداني أو يتجرعون الآبري دون سكر في بروفة حقيقية لاستقبال مرض السكري الذي سيصيب غالبية الشعب إذا استمرت الأوضاع كما هي عليه في مقبل الأيام, حتى رمضان أضحى بلا موائد ولا عصائر, حسبي الله ونعم الوكيل فيكم. السادة إدارة شركة السكر السودانية عقدوا مؤتمراً مطولاً قبل رمضان فيه كثير من الجعجعة الفارغة غير المفيدة كحديث للاستهلاك السياسي والتخدير الطبي الجديد للمواطن واعدين بحل الأزمة عن طريق استيراد سيدخل البلاد تدريجياً في شهر رمضان لسد الفجوة وحتى الآن لا حياة لمن تنادي, ولعل العاصمة أفضل حالاً من الولايات التي رجعت لعهد القهوة والشاي بالبلح, أي سنوات أخرى للوراء والعالم من حولنا يتطور! السؤال الذي يفرض نفسه إلى متى سيظل مواطننا يتعذب يومياً ويبحث في إيجاد عناصر وسلع أساسية للحياة بالنسبة له, حتى بعد أن وفر المال القليل لا يجد السلع للشراء؟! ألا تخشون من دعوات المسلمين في الشهر الكريم والتي تستجاب فيه الدعوات إن قالوا يارب وكانت الإجابه بآمين؟! ألا تعلمون يا دولة الإسلام أن الرعية مسؤوليتكم أمام الله ورعيتكم صارت تشكو قلة الفئران في مطابخها بعد أن جفت وصارت فارغه تماماً؟! كيف لكم أن تحاربوا وتتحاوروا باسمنا وأنتم حتى هذه اللحظه فاشلون في توفير استهلاكاتنا اليومية وجشع التجار يزداد يوماً بعد الآخر وأنتم تتفرجون وكأنكم جزء منهم وليس منا؟! هل الشعارات التي رفعتموها في انتخابات أبريل ذهبت أدراج الرياح كغيرها من الاستحقاقات التي وعدتم بها الشعب المغلوب على أمره؟! هل كراسي السلطة والمكيفات الباردة أنستكم حقوقنا عليكم ويوم الحساب ويوم العقاب؟! حتى شهر الخير والبركات نزعتم منه خيراته ولكن لن تستطيعوا أن تنزعوا منه رحمة الرب ودعوات المسلمين عليكم يومياً في الأيام المباركات منه ولنقل يا رب حتى يأتينا فرج من السماء بعد أن يئسنا من حلولكم غير المرئية.