اقترب موعد ذهاب الفلسطينيين بقضيتهم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، مطالبين بالاعتراف بدولتهم المزمع قيامها على حدود 1967.. التي تضم الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. وهي كما قلنا مسألة رمزية لن تغير الحقائق التي على الأرض ما لم تقبل به - أي الاعتراف - الولاياتالمتحدة وإسرائيل ومنذ البداية كانت هاتان الدولتان رافضتين لذهاب الفلسطينيين للأمم المتحدة ومصرتين على أن للحل طريقاً واحداً هو التفاوض المباشر بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وكان الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي شرعا فعلاً في التفاوض المباشر لكن الفلسطينيين انسحبوا منذ بضعة شهور بسبب إصرار الإسرائيليين على بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وتتحسب إسرائيل لما قد يترتب عليه إعلان الاستقلال الفلسطيني من جانب واحد في الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر القادم، رغم أنها تعرف أنه لا يعني شيئاً بالنسبة لها طالما أنها ترفض الاعتراف به ومن هذه التحسبات استعداد الجيش الإسرائيلي وتجهيزه لاحتمال مواجهة عسكرية مع سوريا بعد الاعتراف الدولي بالاستقلال الفلسطيني سبتمبر القادم. ومن الواضح أن هذا الاحتمال لا وجود له إلا في الخيال الإسرائيلي، فالجبهة السورية هي أكثر الجبهات هدوءاً منذ عشرات السنين ومنذ حرب أكتوبر 73 لم يطلق السوريون رصاصة واحدة نحو مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967م، هذا فضلاً عن أن سوريا منذ مارس الماضي تعيش احتجاجات واسعة مطالبة بإسقاط النظام الذي يقوده الرئيس الدكتور بشار الأسد وتعاني الآن ضغوطاً خارجية وعقوبات اقتصادية وإلخ. إن هذا الاحتمال بحدوث مواجهة عسكرية إسرائيلية سورية وهو كما قلنا احتمال لا وجود له إلا في الخيال الإسرائيلي، يستند إلى أن النظام السوري من الممكن أن يفعلها لتشتيت الانتباه وصرف الأنظار عما يجري في سوريا من تظاهرات وقمع دموي لها ولقد تحقق له هذه المواجهة العسكرية شعبية ما هو في أمس الحاجة إليها وتقول جريدة هارتز في عددها الخميس أمس الأول الموافق 11 أغسطس إن الإسرائيليين كانوا مقتنعين أن الرئيس السوري بشار الأسد يحبذ استمرار الهدوء على حدود بلاده مع إسرائيل لكن مشكلاته الداخلية، بالإضافة إلى تشجيعه في مايو ويونيو لتظاهر الفلسطينيين على الحدود السورية الإسرائيلية غيرا هذا الاقتناع. ويتوقع الإسرائيليون أن تندلع التظاهرات الفلسطينية في الضفة الغربية سبتمبر القادم ويقولون إنه حتى إذا ما صحبها عنف وأعمال إرهابية فإن الجيش الإسرائيلي لن يستخدم الدبابات مثلما حدث في الانتفاضة الثانية، فالآن لا توجد خلايا إرهابية في الضفة الغربية ولا أسلحة تستوجب استخدام الدبابات. وهذا يعني أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تخضع الضفة لسيطرته كان متعاوناً إلى درجة ما مع الحكومة الإسرائيلية لكنها رغم ذلك لم تقدر هذا التعاون وأصرت على بناء المستوطنات وعلى معارضة ذهابه للأمم المتحدة مطالباً بالاعتراف ببلاده دولة مستقلة على حدود 1967م.