على ذات السيناريو وبذات النهج بدأت تلويحات عرمان للجنرال كوخاخي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية بمطار بن غوريون.. يبدو أنها حملت العديد من الرسائل والمضامين والتطمينات أيضاً التي تؤكد أن المهمة تمت بسلام وأن الزيارة ناجحة للغاية في رصيد حسابات تل أبيب. وبينما أثارت الزيارة التي تسربت أخبارها إلى الصحف المحلية ردود أفعال واسعة وقوبلت باستنكار واسع، بينما حذرت جهات من مغبة إقبال قطاع الشمال على مثل تلك الخطوة، نفتها الحركة الشعبية ونفاها ياسر عرمان نفسه وقالوا إن قطاع الشمال يرتب إلى زيارة لجمهورية مصر وليس إسرائيل مما يؤكد أن قطاع الشمال نفسه تفاجأ بكسر طوق السرية الذي كان مضروباً على الزيارة. وبينما أكدت مصادر أن جوبا شاركت بفعالية وخططت لهذه الزيارة أكدت معلومات أن سفير إسرائيل لدى دولة جنوب السودان هو الذي رسم ورتب الزيارة مع مسؤولين من تل ابيب نفسها وبناء على ذلك ولاهمية الزيارة قررت تل ابيب إرسال طائرة إسرائيلية خاصة لنقل الوفد من مطار جوبا بدولة جنوب السودان. بروفيسور حسن مكي سبق وأن أكد ل«الأهرام اليوم» أن إسرائيل موجودة في الشمال وأشار إلى أنها سعت أيضاً لانفصال الجنوب وتسعى الآن لتفتيت السودان. أوساط سياسية سودانية أدانت الزيارة ووصفتها بالخيانة. المؤتمر الوطني الحزب الحاكم قال إن الزيارة تخطت المتوارث عليه في اطار علاقة السودان تجاه إسرائيل. وقد تعيد زيارة عرمان ووفده إلى إسرائيل إلى الأذهان زيارة جوزيف لاقو إلى تل أبيب في ستينيات القرن الماضي، فقد هرع الفريق معاش قائد الأنانيا الأولى إلى إسرائيل طلباً للمساعدة والدعم العسكري عندما التقى مع قيادات في المخابرات ومن جيش الدفاع الإسرائيلي لتتوالى بعد ذلك زيارة قيادات الحركة وتنسيقها التام مع تل أبيب تماماً على نسق زيارة عرمان الآن، وبينما لم تتوان قيادات إسرائيلية في استغلال السانحة ودعم لاقو بأصناف من الأسلحة ابتداء من المدافع الرشاشة إلى الثقيلة عبر اسقاطها جواً على ذات الخطى انفرجت اسارير أيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي عندما طلب منه وفد قطاع الشمال بقيادة عرمان دعمهم بالسلاح، وذهب باراك ابعد من ذلك عندما استحسن خطوة دمج الحركات المسلحة بدارفور وقطع فوراً بتلبيته طلبات الدعم لقطاع الشمال ولحركات دارفور بما فيها التدريب العسكري اسوة بضباط الحركة الشعبية الذين ظلت إسرائيل تنظم لهم دورات متقدمة في التدريب العسكري سواء في صحراء النقب بإسرائيل أو في معسكرات باحدى دول الجوار. ويرى مراقبون أن أهداف زيارة وفد قطاع الشمال إلى إسرائيل تخطت مسألة «الدعم العسكري» إلى أهداف سياسية أخرى لخصومها في الخرطوم الذين طالما رأت فيهم صورة العداء من خلال اتهامها بتورط الخرطوم في دعم حركة حماس بالسلاح والمال الأمر الذي ظل ينفيه المسؤولون في الخرطوم بشدة. بينما لم يستبعد محللون أن تتدخل تل أبيب فعلاً بدعمها للقطاع بكل ما تستطيع في اطار سياستها القديمة المتجددة تجاه السودان، سياسة شد الأطراف وبترها التي وضع اسسها بن غوريون وارساها العقيد في المخابرات الإسرائيلية موشي دايان.. بيد ان تدفق السلاح إلى قطاع الشمال وحركات دارفور قد يكون أولوية المخابرات العسكرية الإسرائيلية القادمة مثلما فعلت مع الجيش الشعبي والحركة الشعبية. فقد سبق ان أكد تقرير نشرته شبكة الإعلام العربية أن الأسلحة بدأت بالفعل تتدفق على أقاليم في السودان من بينها جنوب السودان واشار التقرير إلى أن المخابرات الإسرائيلية تأتي في مقدمة اجهزة مخابرات دول عديدة تورطت في صفقات تهريب السلاح. وكشفت تقارير اخرى ان وزارة الدفاع الإسرائيلية تمول عمليات تدفق السلاح إلى الحركة الشعبية بقيمة «13» مليون دولار. واشار التقرير إلى أن من بين المؤسسات التي تدعم تدفق السلاح هنالك مؤسسة «جلوبال» -TSC وشركة «كودو» الإسرائيلية وهي شركة مسجلة في سويسرا ويمتلكها كل من مزدوج الجنسية الامريكي الإسرائيلي ثلوي مايكليس ورئيس الموساد الاسبق داني ياتوم. وذكر التقرير ان ياتوم سبق وأن زار العام الماضي احدى دول الجوار بإيعاز من امريكا وإسرائيل بغرض التنسيق لنقل اسلحة إلى جنوب السودان تشمل دبابات وآليات مدرعة ووسائل دفاع جوي ومضادات دروع وراجمات صواريخ. وأكد داني ياتوم ان مؤسسة «كودو» ستطبق تجربتها التي خاضتها في شمال العراق هذه المرة في جنوب السودان «اي بناء جيش عنصري في الجنوب متفوق على الجيش السوداني في الشمال وقادر على مواجهته في المعركة». وكشف ان الصفقة تقدر بحوالي 30 مليون دولار تدفعها بالتناصف وزارتا الدفاع الامريكية والإسرائيلية. وكشف عن وجود مستودعات اسلحة لهذه المؤسسة في دول بالمنطقة!! أما مؤسسة جلوبال «سي اس تي» التي يمتلكها الجنرال «إسرائيل زيف» قائد القوات الخاصة الإسرائيلية سابقاً ونائب وزير الدفاع الإسرائيلي افريم سينة فقد وقعت حسب معلومات صادرة من مركز الدراسات المركزية ومعهد ابحاث الأمن القومي الإسرائيلي عقداً قبل عام بقيمة 25 مليون دولار يشمل مد الجيش الشعبي بأسلحة متطورة ومتقدمة وبناء وحدات خاصة داخل جيش جنوب السودان على غرار الوحدات الخاصة بالجيش الإسرائيلي «جولاني» و«جغعاتي» وتتولى تسليح هذه الوحدات وتدريبها وإلحاق القوات الجوية بدورات ملاحية ودورات صيانة في إسرائيل هذه المعلومات اكدتها ادبيات امنية وعسكرية إسرائيلية.