سياسة الإدارة الأمريكية تجاه السودان، كيف يمكن فهمها؟ وفي أي أطر يجب وضعها؟ في ظل تصريحات نافذين في تلك الإدارة ابتداءً من سوزان رايس إلى جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي، ومن ملف الجنائية إلى دعم التدفق غير الشرعي للسلاح إلى بؤر التوتر بالبلاد، وإلى تجديد استمرارية وضع السودان على لائحة الإرهاب الأمريكية!! وهل سعي واشنطن وتل أبيب إلى تدفق أسلحة، وأسلحة ثقيلة، إلى جنوب البلاد؛ وراء سعيها لجعل السودان يغوص في «فوضى خلاقة» كما يطلقون عليها؟! هي أسئلة يتحتم علينا البحث لها عن أجوبة سريعة. وكما يستوجب الأمر النظر إلى تصريحات مسؤولين بتلك الإدارة من زوايا عدة. يتوجب الأمر كذلك قراءتها بذات الزوايا مع ربطها بواقع الحال في ما يتعلق بملفات حساسة، على رأسها بالطبع ملف الاستفتاء واستقرار البلاد. وبينما تصر تقارير واشنطن التي صدرت أمس الأول على استمرارية إدراج اسم السودان في قائمة الإرهاب؛ تتلمس قبلها الخطى لإحكام الحظر عليه اقتصادياً وثقافياً وصحياً، ويكفي منافاة واشنطن للحقوق الإنسانية أنّ تطبيق الحظر يشمل الأجهزة العلاجية والتشخيصية!! وما يشكك في الدور الأمريكي تجاه السودان، هو تصريحات لنافذين في الإدارة الأمريكية بالتشدّد في حظر تدفق السلاح إلى الخرطوم. واتهام الخرطوم مسبقاً بتورطها في تدفق السلاح إلى الجنوب على لسان الناطقة باسم الحكومة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس، بينما واقع الحال يؤكد تورط أمريكا نفسها في تدفق السلاح إلى الجنوب بجانب إسرائيل التي سبق وأكد سفيرها في واشنطن الشهر الماضي ضرورة العمل على توازن القوى العسكرية في السودان على حد قوله، الأمر الذي قد يبرر محاولات تل أبيب الجادة في تدفق الأسلحة والأسلحة الثقيلة إلى هناك. وتؤكد تقارير عدة من بينها تقرير نشرته شبكة الإعلام العربية أن الأسلحة بدأت تتدفق إلى جنوب السودان. التقرير يشير أيضاً إلى أن جهاز المخابرات الإسرائيلي يأتي في مقدمة أجهزة مخابرات دول عدة تورطت في صفقات تهريب السلاح إلى الجنوب، وبصفة أساسية من أوكرانيا! بينما أشارت مصادر إخبارية عدة إلى أن الجيش الشعبي بدأ بالفعل في زيادة عدد دباباته، ونقلت صحيفة البيان الإماراتية في وقت سابق عن الجيش الشعبي نفسه قوله إنه «يمارس حقه في تحديث عتاده الحربي»، لكن وبحسب الصحيفة نفسها نفى ما ذكرته تقارير أخرى حول تسلمه دبابات جديدة. غازي سليمان القيادي بالحركة الشعبية قال ل «الأهرام اليوم» إن مسألة حجم الجيشين وتسليحهما حددته الترتيبات الأمنية باتفاقية السلام، قبل أن يؤكد وجود خروقات. وكشف تقرير نشرته إحدى الدوريات الدفاعية المعروفة استناداً إلى صور بالأقمار الصناعية؛ عن حصول الجنوب على ما مجموعه «100» دبابة، ونشرت الدورية الدفاعية صوراً تم التقاطها بواسطة الأقمار الصناعية لمجمع للجيش الشعبي شمال شرق العاصمة جوبا كان يضم دبابات مغطاة بطريقة مموهة، تم وضعها وسط نباتات في أنحاء المجمع. التقرير يكشف عن عدد «12» دبابة جديدة كانت قد صورت، وهي ذات شكل الدبابة الأوكرانية طراز T-72 وأضافت أن صور الأقمار الصناعية كانت قد أظهرت أيضاً آثار جنازير تمتد من مطار جوبا إلى المجمع، مما يؤكد أنها تم نقلها جواً إلى الجنوب، ومن ثم قيادتها إلى المجمع، إلا أنه لا يمكن الجزم بأن الدبابات هي من طراز T-72 التي سبق وتم العثور عليها على ظهر سفينة أوكرانية كان قد اختطفها قراصنة صوماليون قبل عامين، قيل إنها كانت متجهة إلى جنوب السودان. وكشفت تقارير حديثة صدرت في مايو الماضي أن عدة مصادر أجنبية من بينها إسرائيل تعمل على تدفق السلاح إلى الجنوب، وأشارت إلى أن تنسيقاً أمريكياً وإسرائيلياً جار بخصوص ذلك، عبر تمويل عمليات التسليح التي تتولاها وزارة الدفاع الإسرائيلية، وكشف التقرير عن برنامج سري على صعيد التسليح بقيمة 13 مليون دولار، وأشار التقرير إلى أن من بين المؤسسات التي تدعم تدفق السلاح إلى الجنوب مؤسستيْ «كودو» و«جلوبال» - T.SC وأكد أن من بين الشركات التي تمول تدفق السلاح إلى الجنوب شركة «كودو» الإسرائيلية، وهي شركة مسجلة في سويسرا ويمتلكها كلٌّ من مزدوج الجنسية - الأمريكي الإسرائيلي - شلوي مايكليس ورئيس الموساد الأسبق داني ياتوم، وذكر التقرير أن ياتوم كشف خلال زيارة قام بها خلال مايو الماضي إلى دولة مجاورة أنه بإيعاز من أمريكا وإسرائيل تم نقل أسلحة إلى جنوب السودان تشمل دبابات وآليات مدرعة ووسائل دفاع جوي ووسائل مضادة للدروع وراجمات صواريخ ومعدات أخرى، وكشف داني ياتوم أن مؤسسة «كودو» ستطبق تجربتها التي خاضتها مع الأكراد في شمال العراق هذه المرة في جنوب السودان، وفسرها: «أي بناء جيش جنوبي عنصري متفوق على الجيش السوداني في الشمال بحيث يصبح قادراً على مواجهة المعركة»، وكشف أن الصفقة تقدر بحوالي 30 مليون دولار تدفعها بالتناصف وزارتا الدفاع الأمريكية والإسرائيلية. وكشف عن وجود مستودعات أسلحة لهذه المؤسسة في دول بالمنطقة!! الدور الإسرائيلي في تدفق الأسلحة إلى الجنوب كشف عنه الجنرال عوزي شي المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية الذي صرح في زيارة لإحدى الدول الأفريقية أنه مع قرب الاستفتاء فإن وزير الدفاع الإسرائيلي كلفه بإيصال قرار الحكومة الإسرائيلية عزمها تقديم شحنات ترسل إلى الجنوب عبر ميناء قريب تشمل دبابات T-65 ووسائل مضادة للصواريخ والطائرات، وعربات جيب مدرعة من نوع «تايجر» و«هامر»، بالإضافة إلى مدافع هاون تقدر قيمتها ب 15 مليون دولار!! أما مؤسسة جلوبال «سي إس تي» التي يمتلكها الجنرال «سرائيل زيف» قائد القوات الخاصة الإسرائيلية سابقاً ونائب وزير الدفاع الأسبق الجنرال أفريم سينه، فقد وقعت حسب معلومات صادرة من مركز الدراسات المركزية ومعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي؛ عقداً في مارس الماضي بقيمة 25 مليون دولار يشمل مدّ الجيش الشعبي بأسلحة متطورة ومتقدمة، وتشكيل وحدات خاصة في جيش الجنوب على غرار الوحدات الخاصة في الجيش الإسرائيلي «جولاني» و«جغعاتي»، وتتولى تسليح هذه الوحدات وتدريبها والبدء في تشكيل نواة للقوة الجوية عن طريق إلحاق عناصر من جيش جنوب السودان بدورات ملاحية ودورات صيانة في إسرائيل، هذه المعلومات أكدتها أدبيات أمنية وعسكرية إسرائيلية!!.