نقل الزميل السليك، الناشط في «حقل الإعلام الزراعي» عن السيد عبدالجبار حسين، الأمين العام لبرنامج النهضة الزراعية، منذ يومين «حزمة من الاعترافات الباهظة»، والمعوقات التي قال إنها حالت دون تنفيذ برنامج النهضة على الوجه الأكمل. وذكر من تلك المعوقات والعقبات «أزمة التمويل»، كما أشار السيد عبدالجبار إلى ضرورة وجود «إرادة سياسية» من قبل الحكومة لتحقيق التنمية المستدامة وتوفير الاستقرار. ومن جهته قال البروفيسور قنيف، مستشار النهضة الزراعية، حسب تقرير الزميل السليك، إن برنامج النهضة يهدف لتنوع الزراعة وإيجاد البيئة المواتية للإنتاج والبنيات التحتية المرتبطة بها. وأشار السيد قنيف إلى أهمية رفع القدرات وتطوير قاعدة المنتجين في القطاع المروي والمطري ونقل البحث العلمي واستخدام التقانة. وربما الجديد في الأمر، والحديث لمؤسسة الملاذات، الجناح الزراعي، هو أن النهضة الزراعية هي التي ذهبت بحر إرادتها هذه المرة إلى الإعلام في عقر داره، وكالة السودان للأنباء، لتدلي بهذه الاعترافات الباهظة، مستخدمة أدباً جديداً لم نعهده من قبل. درجت «آلية النهضة الزراعية» في كثير من الأحيان إلى التصدي إلى «الأعمال الإعلامية» والتقارير التي تتحدث عن «المخرجات الشحيحة» التي أنجزتها هذه الآلية الكبيرة، وقال عنها مرة السيد وزير الزراعة الدكتور المتعافي «إنها مشروع سياسي»، ولم نكن نبتغي من كتابتنا سوى «استنهاض النهضة». وصاحب هذه الملاذات وعلى فترات متباينة كتب عن «الإخفاقات الزراعية» التي لازمت مسيرتنا الزراعية الإنقاذية، والتي ربما لم تكن النهضة مسؤولة عن «عقودها الأولى» بصورة مباشرة، وكنا نود أن نصل إلى «محطة الاعترافات» التي وصلنا إليها أخيراً وذلك لأجل الإصلاح والتصحيح. لقد أنفق السودان أكثر من مليار دولار لاستيراد المواد الغذائية العام الفائت، والنهضة الزراعية قائمة بمؤسساتها ومستشارياتها ومكاتبها وورشها داخل القاعات! لقد ظهر في تقرير عن الأممالمتحدة مؤخراً «بأن السودان أكثر الدول حول العالم تضرراً من عمليات ارتفاع أسعار الغذاء»، والنهضة الزراعية يومئذ قائمة «تجتمع وتنفض» بقاعة الصداقة وتعج بالتقارير وتعد في الخطب وتتصدى لمقالات الصحف. كانت فرصة السودان مذهلة يومئذ، قبل الانفصال، لتحريك النفط وتحويله إلى «طاقة» لتشغيل المزيد من الماكينات الزراعية حتى نلحق بسوق الغذاء العالمي المحتدم لتوفير عملات صعبة لبلادنا، فضلاً عن إطعام أنفسنا، والنهضة الزراعية قائمة «تنتج في التقارير المحسنة». ومن المربك جداً أن تقول النهضة الزراعية مؤخراً بأن «عمليات التمويل والإرادة السياسية» هي التي خذلت مشروعها ومشروعيتها، والنهضة يومئذ برئاسة السيد النائب على عثمان وذلك لأجل الإرادة والتمويل. فضلاً عن «الخطة الممتازة» المتقنة التي طرحها السيد قنيف في «مؤتمر سونا» الأخير، والسؤال هنا، لم تخذلنا في يوم من الأيام الخطط على الأوراق والقاعات، ولكن أين هذه الخطط على الأرض، فلقد شبعنا طحناً ولم نر عجيناً. وبدا لي أن «النهضة» كما لو أنها تقول خطبتها الأخيرة بين يدي الجمهورية الثانية، وأنها خطبة مودع، غير أني أحفظ لها جرأتها وشجاعتها في الإدلاء بهذه الاعترافات، وأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أصلاً، وليس بعد النهضة إلا الثورة الزراعية. وشيخ علي نفسه ومنذ أيام بمنبر الهلالية قد قال إن زراعتنا لم تكن زراعة إن لم تكن رمية في سبيل اله. وأتصور، والحال هذه، أننا ذاهبون في جمهوريتنا الثانية لتجاوز «النهضة» الزراعية إلى مشروع «الرمية في سبيل الله»، أن ترتبط مشروعاتنا بمشروعنا الإسلامي الأكبر، وأن ترتبط إرادتنا بإرادته.. والله أعلم.