التحية والتقدير سرني جداً تناولك في عمودك «ملاذت آمنة» مدينة الهلالية، وتتحدث عنها في شيء من الاحترام يقدره أهل الهلالية وكل من يعرف الهلالية. كان ذلك بعد زيارة السيد نائب الرئيس للهلالية، لكن كادت ملاذاتك الآمنة تتحول إلى غير آمنة، فحديثك عن الهلالية سرّ الكثيرين ولم يرض عنه آخرون، فأنت لم تتطرق لشيء يجلب عدم الرضا.. اللهم إلا هنة قد لا تكون ذات أهمية بالنسبة لك، إلا أنها تشكل ضلعاً كبيراً في تقييم الهلالية بالنسبة لناس الهلالية. فقد جاء ضمن عمودك أن قلت: (الهلالية أرض العبدلاب)- فهنا قد جافيت الحقيقة، وعلى ما يبدو أنك لم تتوخ الدقة في تعريف الهلالية، بل اعتمدت على الرواية السماعية من طرف غير ملم بتاريخ الهلالية، وهذا ما لا يرضاه كثير من العباد الذين يعرفون الهلالية، فنسبتها إلى ضلع وأهملت الأضلاع الباقية، وفي ذلك تجنٍّ على التاريخ (في ناس يعتبروها حقارة منك). فلو قلت مثلاً (منطقة الحلاوين) أرض الرفاعيين؛ لتعرضت لهجوم كاسح من أحفاد حلو، ولقدموا لك ما يثبت أحقيتهم في الاسم نسبة لجدهم حلو الذي أسسها، في حين أن هلال جد الهلاليين وحلو جد الحلاوين أخوان؛ ابنا حمد ود رافع. فإبراهيم إسحاق والقلقشندي وهارولد ماكمايكل والتجاني عامر والشيخ التاي والفكي الطاهر والشريف يوسف الهندي وودضيف الله وآخرون غيرهم؛ نقبوا في التاريخ وذكروا أن الهلالية أسسها هلال ود حمد ود رافع، وأن قدوم العبدلاب إليها كان بعد مرور زمن طويل على تأسيسها، فكيف تنسب إليهم أرض الهلالية وقد سبقهم إليها الرفاعيون (هلال ود حمد ود رافع الذي أسسها وسميت باسمه) ثم تبعهم العركيون بقيادة الشيخ دفع الله ود مقبل وزوجته هدية بنت عاطف الجميعابية، ثم الشيخ محمد فكرون وحاشيته وآخرون، ثم بعد كل هؤلاء قدم العبدلاب بقيادة الحاج الإسيد ود عجيب ود حمد العقيل ود الشيخ عجيب، وسكن شرق المسجد الذي تأسس في عهد بادي أبوشلوخ (1540) (في إشارة إلى أن الهلالية كانت موجودة قبل قدومهم). فهل حاول الحاج الإسيد - رغم أنه كان الحاكم - تغيير اسم الهلالية إلى اسم قبيلته وهو يعلم من أسسها؟ فمن أين لك بهذا التعريف والانتساب؟ (فأهل الهلالية أدرى بأرضها). نعم إن العبدلاب حكموا السودان، ورغم طول فترة الحكم لم تنسب إليهم أرض السودان، بل ظل السودان هو السودان، ولو كان الحكم يعطي الحاكم حق تبعية الأرض التي يحكمها لتغير اسم السودان أكثر من مرة ولقامت مئات الحروب بين القبائل كل قبيلة تريد أن تسمي البلد باسمها. فالهلالية ليست حكراً ولا ملكاً ولا أرضاً لقبيلة واحدة، وهي آخذة اسمها من سكانها الأوائل بني هلال ود حمد ود رافع الذين أسسوها، وهم فرع من قبيلة رفاعة الممتدة على ضفتي النيل الأزرق من الحدود الحبشية إلى المقرن، فالهلالية قامت على أنقاض مساكن النوبة الذين سكنوها قبل وأثناء الهجرات العربية المتلاحقة إلى السودان في القرن الثالث عشر الميلادي أيام الاختلاط الشهير بين العرب والنوبة، ورغم ذلك ظلت الهلالية هي الهلالية دون تحريف أو تعدٍّ على اسمها أو أرضها. الأستاذ أبشر، أنت لست في حاجة إلى التذكير لكن عليك توخي الدقة والحذر خاصة عندما تتناول ما يتعلق بالتاريخ والعباد، ورسالتك مد الناس بمعلومة هم في حاجة إليها دون تشويش أو مساس بأي عنصر بما يتسبب في إزعاجهم، وأعتقد أنك أهل لذلك لما لديك من أفق واسع. ختاماً أرجو المعذرة إن كان قد أصابك مني ما يزعجك.. مع وافر احترامي. بشرى عبد الرحمن أحمد الهلالية 4/رمضان 1432ه { من المحرر لو لم تنتج الهلالية إلا الشاعر الهادي آدم، ولو لم ينتج الهادي آدم إلا (أغداً ألقاك.. يا خوف فؤادي من غد) لكفاها ذلك فخراً وإعزازاً.. لكن الهلالية هي ما ذكرت أخي بشرى.. وما لم تذكر.. أعتذر لك ثانية وثالثة ولك وللهلالية كل الاحترام.