دعت الولاياتالمتحدة والأمم المتحدة إلى وقف الاقتتال في ولاية النيل الأزرق السودانية وأبدتا قلقهما البالغ لما يحدث هناك، وذلك بالتزامن مع إعلان الرئيس السوداني عمر حسن البشير حالة الطوارئ في الولاية، ويخشى المراقبون توسع القتال، وربما تحوله إلى حرب مع دولة جنوب السودان. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن "واشنطن قلقة للغاية من اندلاع القتال في فاتح سبتمبر/أيلول بين القوات السودانية وجيش الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال بولاية النيل الأزرق وكذلك لاستمرار تعبئة قوات الطرفين". ودعت المتحدثة الطرفين إلى وقف الاشتباك وحماية المدنيين والبدء في حوار من أجل تجنب مزيد من تصاعد العنف، كما دعت القوات الجوية السودانية خاصة إلى وقف القصف الجوي. وجددت واشنطن دعوتها الطرفين إلى السماح بوصول المنظمات الإنسانية وعدم التعدي على حقوق الإنسان بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وفي السياق نفسه، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "عميقَ القلق" لتطورات الأوضاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ودعا إلى وقف المعارك والسماح بدخول منظمات الإغاثة، واحترام وقف أحادي لإطلاق النار أعلنه البشير الشهر الماضي لأسبوعين، واتُهمت حكومته بعدم احترامه. تطورات ميدانية وعلى صعيد التطورات الميدانية علمت الجزيرة نت من مصادر بولاية النيل الأزرق أن القتال لا يزال جاريا داخل مدينة الدمازين عاصمة الولاية وخاصة في حي الزهور حيث هاجم الجيش الحكومي خنادق أقامها مقاتلو الجيش الشعبي. كما أفادت المصادر اغتيال علي بندر نائب والي النيل الأزرق المقال مالك عقار، وينتمي بندر لقبيلة الأُدك المنافسة لقبيلة الأنقسنا التي ينتمي إليها الوالي، وأضافت المصادر أن سبب الاغتيال اتهام بندر بإفشاء خطط الوالي العسكرية. كما علمت الجزيرة نت أنه تم سحب مالك عقار بواسطة طائرة تابعة للأمم المتحدة إلى كينيا، في حين لا يزال العشرات من أعضاء حكومة الولاية والمدنيين محتجزين في مدينة الرُّصيرِص المجاورة للدمازين التي انسحبوا منها قبيل اندلاع القتال. وأضافت المصادر أنه جرى اعتقال القائد العسكري لقوات الحركة الشعبية في مدينة الدمازين ونحو مائة من المقاتلين فضلا عن عدد من القيادات الوسيطة في حكومة الولاية ووسطاء من المنطقة من بينهم محافظ الرُّصيرِص أحمد الشكري. نزوح ونسب مدير مكتب الجزيرة في الخرطوم المسلمي الكباشي إلى مصادر حكومية سودانية قولها إن الحركة الشعبية كانت أجْلت عائلات قيادييها من الدمازين إلى الكرمك استعدادا فيما يبدو للهجوم. وتحدث شهودُ عيان عن آلافٍ من السكان نزحوا عن الدمازين على متن السيارات وعلى ظهور الأحصنة والحمير، أو مشيا على الأقدام. وتقع النيل الأزرق وجنوب كردفان إلى الشمال من حدود دولة جنوب السودان الجديدة، لكن توجد فيها أعداد كبيرة من أنصار الحركة الشعبية قطاع الشمال. ومُنح سكان النيل الأزرق وجنوب كردفان بموجب اتفاق سلام 2005 حقَّ تنظيم "مشورات شعبية" للبت في مصير الولايتين، لكن الاستشارات لم تنظم. حالة الطوارئ تأتي هذه التطورات بعد إعلان الرئيس السوداني عمر حسن البشير حالة الطوارئ في ولاية النيل الأزرق بعد مواجهات بين الجيش والقوات الموالية للحاكم مالك عقار القريب من المتمردين الجنوبيين السابقين. وجاء في مرسوم إعلان حالة الطوارئ الذي نشرته وكالة الأنباء السودانية (سونا) أنه "يجوز لرئيس الجمهورية أو من يفوضه بالتشاور مع رئيس القضاء أن يشكل محاكم خاصة ابتدائية واستئنافية لمحاكمة أي متهم ويحدد الإجراءات التي تتبع في المحاكمة". ونص مرسوم حالة الطوارئ أيضا على أنه "يجوز للسلطة المختصة حسب الحال بعد التشاور مع وزير العدل ووزير الداخلية إنشاء نيابات خاصة للتحري والتحقيق وتولي الاتهام وفق أحكام هذا المرسوم". وقد عزل البشير والي ولاية النيل الأزرق المنتخب مالك عقار في خطوة اعتبرها الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان "ضربة سياسية وعسكرية للدستور ولاتفاق سلام 2005، وإرادة الشعب". تدافع المسؤولية وكان القتال قد اندلع في ولاية النيل الأزرق مساء الخميس بعد تعزيز للقوات في النيل الأزرق وتحذيرات من انتقال الصراع المستمر في ولاية جنوب كردفان المجاورة منذ ثلاثة أشهر عبر الحدود إلى جنوب السودان. وتحدث والي النيل الأزرق رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال مالك عقار، في تصريح للجزيرة، عن هجمات استهدفت مواقع الجيش الشعبي بالدمازين عاصمة الولاية بما فيها منزله، ووصف ذلك بأنه امتداد لما يحدث في جنوب كردفان وأبيي القريبتين. وقال بيان للحركة الشعبية قطاع الشمال إن الهجمات استهدفت منزل عقار، رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال وهي الحزب الرئيسي بالمعارضة في السودان، وموقع قائد القوات المشتركة في ولاية النيل الازرق جندي سليمان عند مدخل مدينة الدمازين عاصمة الولاية، ومركز مالك عقار الثقافي. وأضاف البيان أن عقار لم يصب بأذى غير أن الهجوم تكثف بعد ذلك ليشمل كافة مواقع الجيش الشعبي، دون تقديم تفاصيل عن خسائر بشرية. واتهم المتحدث باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد قوات من الحركة الشعبية -التي تحكم جمهورية جنوب السودان- موجودة في النيل الأزرق بمهاجمة الدمازين ومناطق أخرى، قبل أن تُدحر ويبسط الجيش السوداني سيطرته على المدينة، حسب تعبيره. وقال إن ما حدث يؤكد تصريحا لعقار قبل أسبوع دعا فيه شباب النيل الأزرق إلى التأهب للحرب. وطالبت الحكومة مقاتلي الحركة بالاستسلام أو مواجهة الاعتقال. وذلك رغم أن ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان مُنحتا حقَّ تنظيم مشورات شعبية للبت في علاقتهما بالخرطوم، لكن تلك المشورات لم تتم، وهي تشمل ضم مقاتلي الجبهة الشعبية إلى أحد جيشي البلدين أو تحويلهما إلى الدفاع المدني مع تعويض عن الرتب العسكرية.