ذهب الناس مذاهب شتى في ما قد يفضي إليه الربيع العربي أي هذه التظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت في بعض الأقطار العربية وكان من نتائجها الإطاحة بالرئيسين المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي وفرار الرئيس الليبي معمر القذافي، فهناك المتفائلون بأن الغد سوف يكون هو الأفضل، وهناك المتشائمون الذين يرون أن التغييرات السياسية التي حدثت في بعض الدول العربية وتلك التي سوف تحدث في دول أخرى لن تؤدي إلا إلى نظم وأوضاع أسوأ من تلك التي تم تغييرها. ومن المحتمل أن يصل الإسلاميون إلى الحكم في هذا القطر أو ذاك من أقطار العالم العربي فهم حتى باعتراف خصومهم الأفضل تنظيما وهم أيضا أغنى من غيرهم وأكثر التفاتا إلى هموم المطحونين بالفقر واحتياجاتهم وقد أبدى البعض خارج وداخل العالم العربي مخاوفهم من وصول الإسلاميين إلى الحكم وأشاروا إلى ذلك الاحتمال الذي يصبح فيه الربيع العربي شتاء إسلاميا وقالوا إن هذا الشتاء سوف يكون راديكاليا أي أن التغيير المتوقع سوف يكون جذريا يتحقق فيه كل أو معظم ما يسعى الإسلاميون إلى تحقيقه. وربما كان أحد أشهر الربيعات السياسية ربيع براغ نسبة للعاصمة التشيكوسلوفاكية براغ وهي الآن عاصمة جمهورية التشيك بعد أن انفصلت عنها سلوفاكيا وأصبحت عاصمتها براتسلافا، ويعني ربيع براغ تلك الإجراءات الليبرالية التي تمت في تشيكوسلوفاكيا عام 1968م وكانت دولة شيوعية خضعت للهيمنة السوفييتية منذ أواخر الأربعينيات وتمثلت تلك الإجراءات في إلغاء الرقابة على الصحف وحق المواطنين في نقد الحكومة وأخذت الصحف تتحدث عن الفساد في دوائر الحكم العليا ومست الإشارات الرئيس نوفوتني وابنه. وفي مارس 1968م استقال الرئيس وحل مكانه سفوبودا، وفي أبريل أذاعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بيانا هاجمت فيه الرئيس وانتقدت أداءه الضعيف في مجالات الإسكان والمعيشة والمواصلات وجاء في البيان أن من حق عضو الحزب أن يتصرف وفقا لما يمليه عليه ضميره بدلا من أن يكون آلة يوجهها الحزب أينما شاء. وكان نجم ذلك الربيع هو دوبشيك الذي أصبح سكرتيرا للحزب الشيوعي وقال إنه ليس في نية بلاده تغيير سياستها الخارجية ولا فضّ تحالفها مع الاتحاد السوفييتي ورغم ذلك غزا الاتحاد السوفييتي في أغسطس 68 تشيكوسلوفاكيا وأجبر دوبشيك بعد زيارة قسرية قام بها ومعه الرئيس سفوبودا إلى موسكو إلى إصدار بيان جاء فيه أنه بعد محادثات رفاقية مع القادة السوفييت فإن تشيكوسلوفاكيا سوف تلغي برنامجها الإصلاحي. لقد سحقت الدبابات السوفييتية ربيع براغ ثم أقيل دوبشيك وطرد من الحزب وعاش فترة من عمره مهمشا في مهنة متواضعة.