{ لم يهاجم السيد «مالك عقار» قلمٌ في صحافتنا، كما فعل قلمي هذا طيلة الأشهر المنصرمة من هذا العام، ورغم ذلك فإنَّني مقتنع تماماً بأن «عقار» لم يختَر ليل (الخميس) الماضي موعداً لانطلاقة تمرُّده الجديد من ولاية النيل الأزرق.. { سألتُ عدداً من العسكريين في «الخرطوم» وفي ميدان المعركة بالدمازين.. (هل أنا على خطأ أم صواب: ليل الخميس لم يكن «ساعة الصفر» المقترحة لإطلاق الرصاص)؟! فكانت إجاباتهم جميعاً: (أنت على صواب.. لم تكن تلك هي ساعة الصفر)..! { كان «مالك عقار» متنازعاً بين ضغوط كثيفة تُمارس عليه من داخل جيشه، ثم من «جوبا»، و«كاودا»، لإعلان التمرد، ومفارقة كرسي (الحاكم)، وضغوط أخرى (ذاتيَّة) تدفعه للبقاء حاكماً، وانتظار ما تسفر عنه تهديداته للخرطوم، مع تدخلات الوسطاء الدوليين والإقليميين (مليس زيناوي، ثابو أمبيكي، وبرنستون ليمان). { في رأيي، لم يوجِّه «مالك عقار» بإطلاق النار، بل إنه دُفع دفعاً إلى الحرب بواسطة بعض ضباط (الجيش الشعبي)، بإشارات من «جوبا»، و«كاودا»، ليكون أمام (الأمر الواقع).. حيث لا خيار له سوى الانخراط في حرب فُرضت عليه فرضاً، في توقيت لم يختره، وبطريقة لم يتوقَّعها، بل فوجئ بها..!! { كلُّ هذا مفهوم، ولكن هل كان «عقار» سياسياً عقلانياً، متسامحاً، ومسماحاً، وفاقياً، وسودانياً وطنياً داعياً إلى التوحُّد، نابذاً للتفرُّق، محارباً للتعنصر؟! { الإجابة عندي تقول: لا.. فبعد مقتل زعيم الحركة التاريخي «جون قرنق دي مبيور» في العام 2005م سافر إلى «جوبا» للمشاركة في مراسم التشييع وفدٌ رفيعٌ من (المؤتمر الوطني)، وقد روى لي أحد شهود العيان أن «مالك عقار» كان أكثر قيادات (الحركة) إظهاراً للكراهيَّة في ذلك اليوم تجاه وفد «الخرطوم»..!! كان «مالك» ملكيَّاً أكثر من (الجنوبيين)، مزايداً في عدائه للمؤتمر الوطني، بسبب، أو بدون سبب..!! { كلُّ تاريخ «مالك عقار» السياسي خلال السنوات الست الماضية، يجعله في ذات (الخانة) القبيحة التي تشاركها «باقان أموم»، و«ياسر سعيد عرمان». { ليس هناك (حاكم) لإقليم تابع لدولة في التاريخ الحديث، يمكنه أن يهدد رئيس الدولة - على الملأ - باجتياح (القصر الجمهوري)..!! { ليس هناك (حاكم)، بل ليس هناك (متمرِّد) محترم، يمكنه أن يقول: إن الكتوف اتلاحقت مع الرئيس، وإننا سنقتلع كرسي الحكم فنحن نملك جيشاً مثلما للرئيس جيش؟! { «مالك عقار» الذي ظل يهدِّدنا - كل السودانيين - بجيشه العرمرم، يشكو إلى الأخ مدير مكتب نائب الرئيس «إبراهيم الخواض» - حسب بعض الصحف - بأن جيشه مشتَّت، وأنَّه يقف تحت ظل شجرة في «الكرمك» صباح (الجمعة) الماضية..!! { لم يقرِّر «عقار» إطلاق النار، نعم، ولكنه كان يتدبَّر أمره، يفكر، يتأمل، ويحسب، وكان سيتمرد إن عاجلاً أو آجلاً، لأنه أضعف من مواجهة الضغوط الخارجية والداخلية (من بعض قادة جيشه). { وحكومتنا (مرزَّقة).. وليست ذكيَّة.. فما فعله العميد «جندي سليمان» كان رزقاً ساقه الله إليها.. لتنهي به (حالة الأرق) التي استطالت.. { نعم.. (الإنقاذ) مرزَّقة.. والمعارضة (سجمانة) و(رمدانة)، ولولا أنها كذلك، لما لوَّحت بخيارات (الثورة) ضد الحكومة، في وقت يتعاطف معها فيه غالبية أفراد الشعب السوداني.. { لو كانت (المعارضة) تفهم، لصمتت ودخلت في (إجازة) في أيام (الأزمات)، لأنها (موسم الرزق)، موسم أمطار (الإنقاذ)، ولكن أكثر الناس لا يفقهون..! { «عقار» متمرد.. متمرد.. ولو بعد حين.. سواء اتصل هو على «الخواض»، أو اتصل «الخواض» عليه، أو تحدث إليه السيد نائب الرئيس بنفسه.. { ويا سعادة اللواء «يحيى محمد خير» (اشتغل شغلك).. وعاوزين «الكرمك» نظيفة.. الدور والباقي على جنوب كردفان.. و«كاودا» ما بعيدة.. بعيدين نحنا..!!