تحليل سياسي قالت أنباء واردة من العاصمة الأمريكيةواشنطن – الاثنين – ان أبناء النوبة المقيمين بالولايات المتحدة والمنضويين تحت لواء الحركة الشعبية - قطاع الشمال - أبدوا رفضاً صريحاً وواضحاً حيال وجود ياسر عرمان على مقعد الأمانة العامة للقطاع. وطالبت مجموعة تطلق على نفسها (نوبة كوكس) بإقالة عرمان وشرعت المجموعة على الفور فى تشكيل مكتب جديد. هذا التطور الذى ربما بدا غير ذي أهمية كبيرة على اعتبار ان قطاع الشمال هو فى حد ذاته ومنذ أكثر من ست سنوات غارق فى المشاكل والخلافات، وتأزمت فيه الأوضاع غيرما مرّة ووصل بعضها الى أقسام الشرطة والنيابة والقضاء، وبلغ ذروة تأزمه حينما انفردت مجموعة من القطاع (الحلو وعقار وعرمان) بإشعال تمرد جديد بمنطقتي النيل الازرق وجنوب كردفان، بينما اتخذت مجموعة أخري ( الكمندة جودة، الفريق كودي، وتابيتا بطرس) منحي آخر بتكوين حزب جديد للحركة الشعبية جرت عملية تسجيله؛ غير أنه – اى هذا التطور – يعكس أزمة أخري أكثر تعقيداً هى التى قضت من قبل على ما أطلق عليه تحالف كاودا، وهى الكفيلة الآن للقضاء على ذات التحالف الذى يسمي حالياً بالجبهة الثورية او بالأحري تحالف جوبا ياي . ذلك ان دولة جنوب السودان التى تحكمها الحركة الشعبية تتطلع لأن تصنع حركة شعبية فى السودان تكون هى الاخري حاكمة او جزء من المنظومة الحاكمة ولكن – للأسف الشديد – بدت الفكرة عصية على التنفيذ، بل ربما وصلت لدرجة الاستحالة، فعلي سبيل المثال فان قيادياً بالقطاع مثل مالك عقار جرت تسميته رئيساً للقطاع، وفتحت له واشنطن أبوابها الأمامية والخلفية والتقي العام الماضي وبصحبته كل من نائبيه الحلو وعرمان بمسئولين أمريكيين رفيعي المستوي ووفرت له الأموال اللازمة، ووضعت حكومة جنوب السودان تحت يده أسلحة متنوعة، لم يستطع - رغم كل هذا الدعم الكبير - ان يصمد فى المواجهة التى اختارها بنفسه ضد الجيش السوداني، وكلنا يعلم كيف كان عقار يباهي بأن لديه جيشه وللخرطوم جيشها وان ( الكتوف إتلاحقت)، ولكن تكفل الميدان بحسم هذه المباهاة الجوفاء وما هي إلا أيام حتى تحول عقار الى مجرد لاجئ سياسي بائس، تارة فى أديس أبابا، وأخري فى جوبا. وغير بعيد عن عقار ومصيره رفيقه المتمرد عبد العزيز الحلو، الذى استعصم منذ أكثر من ثلاثة أشهر بجوبا، يداوي جراحه وجراحاته وتشن مجموعته هجمات فاشلة، حتى غدت كسيحة . المشهد بكامله ينبئ بأن قطاع الشمال وصل الى درجة من الضعف والكساح التى لا حياة بعدها والأكثر سوءاً الآن ان أبناء النوبة الذين لدغتهم الحركة الشعبية مراراً سواء باعتقال قادتهم المؤثرين أمثال اللواء تلفون كوكو المجهول المكان فى معتقلات الجنوب، أو بتخليها عنهم عقب فصلها لجنوبها، ومحاولاتها الزج بهم فى معارك فاشلة ضد دولتهم لم يعودوا على وفاق مع الحركة. هم الآن يشقون طريقهم لتحقيق أحلامهم بعيداً عن الحركة، فلا عرمان لديه الإحساس بمشاكلهم ولا عقار يعبر عن طموحاتهم، ولا حتى عبد العزيز الحلو، الذى لا ينتمي إثنياً إليهم حظي بتقديرهم. ومن المؤكد ان الحركة عموماً قد تحطمت مراكبها فى عرض البحر السياسي السوداني ولم يتبق سوي العقلاء الذين شكلوا حزب الحركة الجديد المسجل بقيادة الكمندة جودة واللواء كودي .