قيام.. جلوس ثلاثة أيام نؤديها لخاطر (اللحمة)، أسبوع بحاله تشغلنا الحكومة بأنفسنا فبعد أن برعت في تحويلنا إلى شحادّين عبر برامج قنواتها الفضائية، جعلتنا الآن (جحمانين) في نظر أنفسنا والأجمعين، وتثبت بما لا يدع مجالاً لمحلل سياسي أو اجتماعي أن ينفي حقيقة أننا شعب بطيني - بضم الباء - لا تهمه سوى بطنه، لا تهمه التشكيلة الوزارية المكررة، ولا حاكم عام لأقاليم دارفور جمعاء كترضية، ولا تطبيق السلام على مناطق السودان الطرفية كضرورة، ولا سقوط شظايا قمر اصطناعي بتحديد جغرافي على منطقة محددة في شرق السودان كشنو؟! ولا تغيير نظرية أن نأكل مما نصنع ونلبس مما نزرع لمن روحنا تطلع! طلوع قائمة اللحوم من خيارات المائدة السودانية وضع طبيعي ولم تجئ بمقاطعة متقدمة تقيمها الجمعية السودانية لحماية المستهلك، لتثبت وجودها وتحلل رواتبها التي تخرج لها من وزارة المالية التابعة لحكومة السودان. فهذا المستهلك الذي تحاول الجمعية حمايته، مكشوف ظهره وبطنه منذ سنوات على سياط السوق والأغذية الفاسدة. أين هذه الجمعية الظريفة من سوق (بروس) الذي يبيع بقايا المصانع الغذائية ووجبات المطاعم والأعراس والفنادق وجبات دسمة ورخيصة للشعب السوداني بحسب توقيت الجنسية أو الرقم الوطني؟! وأين هي من سوق محطة (جاكسون) بقلب الخرطوم التي تقاطع اللحوم، حيث تشوى فيه (الكمونية) بعد لحظات من غروب الشمس وتباع مشوية على أنها وجبة عشاء فاخرة (للبروتاريا) الميسورين! أين هي من ألبان الأطفال الفاسدة على رفوف الصيدليات والبقالات؟ من قال إنها ليست سوى حائط جديد آخر يقف أمامنا كشعب يصطدم يومياً بحائط يكسّر أنفه ويورّم فمه ويسيل مخاطه على صدره؟ من ينفي أنها ليست سوى مقاطعة ثلاثية الأبعاد؟ بعد سياسي بجعل الحكومة لطيفة تقف إلى جانب رعيتها بإقامة مؤتمرات صحفية يكون الحديث العاطفي فيها عن تقليل القيمة المضافة أو نزع الدسم من دهن الصادر، تنسى أنها كحكومة مصادقة على سياسة التحرير الاقتصادي منذ سنوات ولن تتراجع عنها نظير رغيفة زائدة في كيس نايلون لمواطن أو ربع كيلو لحمة في كيس نايلون لربة منزل! وبعد ثان اقتصادي بأرباح مضافة تدخل إلى جيوب المصدرين للحوم إلى الدول المجاورة إذ أن التجار الذين يبيعون للجزارين رأوا أن الأمر لن يسلم من خسارة طفيفة فخير لهم أن تتحول لحومهم - عفواً لحوم المواشي - إلى مطار الخرطوم كصادر بربح قليل خير من ربح المواطن الكثير - فسعر كيلو اللحمة الضأني الصادر 13 جنيها والبقري 9 جنيهات!! - والدليل أننا لم نر لحوماً متعفنة على مكبات القمامة تأكلها الكلاب الضالة - أما البعد الثلاثي الأخير فهو اجتماعي ليثبت لنا كسودانيين أننا ما زلنا جسدا واحدا نتداعى لمقاطعة اللحوم كلما اشتكى التجار من حمى نقص المخزون الإستراتيجي للصادر بسبب الخريف والحرب! خاصة أن الحكومة توقع وزارة تجارتها الخارجية كل يوم بروتوكولا جديدا لنشاط تجاري يخدم الصادر السوداني المنحصر بعد خروج ماسورة البترول في الزراعة بكافة مشتقاتها، والرعي. (الراعي واعي) وهذا إثبات شرعي للوعي المسبق لديهم بخطوات ردود أفعالنا قبل الفعل المعاكس لها في الاتجاه. مما يمنحهم صك الوجود المطلق والإجماع السكوتي عليهم كحكام دائمين بلا استبدال أو انتقال أو تعريض - من حكومة عريضة - وليس بالضرورة أن يكون وعيا أخلاقيا أو اجتماعيا أو سياسيا بالتغيير للأفضل، فكما تحول بعض الشعب السوداني إلى أرزقية ومنافقين وأثرياء مرحلة، تحول البعض الآخر إلى شحادين وصامتين عن الحق وجحمانين لريحة لحمة!