{ حكايات كثيرة ومحزنة نتداولها هذه الأيام عن (الحجاج) الذين ناداهم المنادي لهذا العام فكانوا في فرحٍ غامر سرعان ما تحول إلى حنقٍ ظاهر بسبب شركات الطيران المعنية بتفويجهم إلى الأراضي المقدسة. ورغم أن اسم (سودانير) تراجع نسبياً عن أداء دور البطولة في هذه المسرحية الهزلية الممجوجة إلا أن ذلك لم يمنحها الدرجة الكاملة في جودة الخدمة حتى الآن, فالعبرة غالباً ستكون في رحلة العودة. أما المدعوة (صن أير) - هداها الله - فلم يعد بامكاننا الحديث عنها بالرمزية الصحفية المعتادة حرصاً على مشاعرها أو تأميناً لموقفنا القانوني أمامها, فما تفعله بالحجاج الآن داخل وخارج مطار الخرطوم لا يكفي معه ولا حتى الصراخ أو الدعاء عليها بالويل والثبور لا سيما وأنهم ميممين وجوههم صوب بيت الله الحرام، حيث تفتح أبواب السماء على مصراعيها وتبتهل القلوب بكل صدق وخشوع, أفلا تخشى شركة الطيران تلك من سخطهم عليها؟ { وأني لأعجب عن إقحامها لنفسها كل عام في هذا المأزق الحرج وتحملها لمسؤولية لا قبل لها بها وفوق طاقتها وامكانياتها, فالمعلومات تشير إلى التزام (صن أير) بتفويج حوالي 10 آلاف أي نحو أكثر من ألف حاج في اليوم بمعدل أربع رحلات يومية وكأنما هذه الطائرات - التي لا تضاهي المواصفات العالمية أصلاً - قد أصبحت أشبه ما تكون ببصات الولاية في الخطوط الدائرية لا تتوقف ولا تستريح, علماً بأن الطائرة لها نظام معين في الحركة ربما لا تكترث له (صن أير) كثيراً طالما تجني الأموال الطائلة من صفقة الحجيج هذه. والأدهى والأمر أنها تطوعت أيضاً لنقل الحجيج الأفارقة النيجيريين منهم تحديداً وكأنها تملك أسطولاً من الطائرات وهي على حد علمي لا تملك سوى بضع طائرات تعطلت أفضلهم مؤخراً عندما كسرت نافذتها بالمملكة العربية السعودية مما دعاها للاستعانة بإحدى الطائرات العاملة في خط الخرطوم – القاهرة وهذا ما أحدث بالمقابل فجوة في تلك الرحلات أثارت أيضاً سخط المسافرين من وإلى الشقيقة مصر. { الشركة الآن تتذرع بانتظارها لعودة طائرتها المدللة (الكابو) التي تعول عليها كثيراً في حل أزمة الحجاج المساكين الذين يفترشون الأرض في انتظار سفرياتهم, ليتحول انتظارهم إلى انفعالات متتالية تفسد عليهم ما كانوا فيه من سمو روحي وصفاء وجداني وسعادة إيمانية نقية, غير أنهم لا حل أمامهم سوى الانتظار الذى لا تعي (صن أير) أبعاده النفسية والمادية وتتعامل معه دون احترافية لأن المحترفين وحدهم في مجال الطيران هم الذين يكترثون لأمر الرأي العام ويجتهدون في سبيل خدمة منتظمة ومتطورة ومستقرة ملتزمين فيها بالصدق أولاً فكيف بها لو كانت خدمة مقدمة لحجاج بيت الله الحرام؟ { لقد كتبنا العام الماضي عما يحدث الآن من فوضى في التفويج وتهاون في خدمة الحجيج. وأمد الله في أعمارنا بفضله لنشهد ذات المأساة من جديد, وسيتكرر ذات المشهد عند العودة, ليجني الحجاج حينها سيئاتهم الأولى بعد عودتهم كما ولدتهم امهاتهم من فرط السباب والسخط والكدر. وأخشى أن تعاود شركات الطيران الكرة في العام القادم أيضاً. فقد أصبح الأمر معتاداً بالقدر الذي جعل التزامها بالمواعيد وتقديمها لخدمة ممتازة يبدو لنا خارجاً عن المألوف ومدهشا وغير مستساغ. وللأهمية لزم التوضيح للفرق الكبير بين شركات الطيران وإدارة المطار. فمطار الخرطوم الدولي الذي طالته مؤخراً يد العمران والترقية بشكل ملحوظ لا علاقة له بتلك الشركات أكثر من كونه (موقف) أو أرضية, فلا تدعونا نتحامل عليه فقد وقفت طويلاً على ما يبذله رجاله في مختلف الإدارات في سبيل التنمية وإرضاء المواطن خلاف ما نراه الآن من تلك الشركات التى لا يعنيها من أمر الحجيج سوى سعر التذاكر وكأنها لا ترجو الثواب وهي أحوج ما تكون إليه. { تلويح: (صن أير).... ماااااا بتكسبي خير.