كان اللواء أركان حرب محمد نجيب رئيس مجلس قيادة الثورة ورئيس جمهورية مصر في الفترة من عام 1952م إلى نوفمبر 1954م هو موضوع الباب اليومي واسمه "زي النهار ده" الذي تنشره جريدة المصري اليوم، فقد وافق أمس الاثنين الموافق 14 نوفمبر الذكرى السابعة والخمسين لإقالة اللواء نجيب من جميع مناصبه والزج به في الإقامة الجبرية بفيلا زينب الوكيل حرم النحاس باشا بالمرج بالقاهرة. وكان من سيئات الرئيس عبدالناصر أنه لم يعامل سلفه نجيب المعاملة اللائقة الكريمة بل إنهم في ذلك العهد حذفوا اسمه من كتب التاريخ وزوروه، فكان يقال إن عبد الناصر هو أول رئيس لمصر في حين أن الحقيقة هي أن أول رئيس لمصر هو اللواء نجيب، ومع التسليم بأن تلك الرئاسة كانت اسمية وأن القائد الحقيقي للنظام الذي ألغى الملكية وأقام الجمهورية وجاء باللواء نجيب رئيسا هو المقدم جمال عبدالناصر، فإنه كان من صميم الحقيقة ومن صميم التاريخ ولا يزال أن اللواء نجيب هو أول رئيس لمصر. ولقد مات الرجل مقهورا في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي رغم التحسن الذي طرأ على معاملة الحكومة المصرية له خلال عهدي الرئيسين السابقين أنور السادات وحسني مبارك، وعندما مات اللواء نجيب كتبت عنه مقالا بجريدة الصحافة، ومما ذكرته عنه أنه كان قبل الثورة المصرية عام 52 وجها معروفا وكان جهاده مقدرا ولذلك فإنه لم يكن غريبا أن يثق به الضباط الشبان وأن يطلبوا إليه أن يسوق مصر بعصاه وبغليونه وابتسامته وبعمره وبماضيه العظيم. لكن المؤكد أن طلب الضباط الشبان كان مؤقتا أي أن مرادهم من نجيب كان أن يوطد لهم الأمر ثم بعد ذلك فإن المهمة مهمتهم هم وفي الأمر كثير من المكيافيلية والانتهازية، وقلت أيضا في ذلك المقال الذي نشر عام 1984م إنه جاء وقت صدق فيه اللواء نجيب أنه هو القائد الحقيقي لثورة يوليو 1952م وكان طبيعيا أن تنشرخ الثقة بينه وبين الضباط الشبان وأن يصبح ضيقهم منه أقوى من ضيقهم من الباشوات. وجاء فيه أيضا أنه لا يذكر نجيب إلا ويذكر معه السودان وقصته معنا معروفة وطويلة فدمه ممتزج بدمنا، وأبوه وخاله وجده مقيمون إلى الأبد في جوف هذه الأرض العظيمة، وكان له دور في قيام الحزب الوطني الاتحادي وهو الحزب الذي أعلن زعيمه استقلال السودان، وفي الختام قلت إن ما قدمه محمد نجيب للوادي كله يستوجب الكثير ومنه أن يكون هناك شارع يحمل اسمه. وكم كانت سعادتي غامرة عندما قرأت في صحف اليوم التالي في ذلك الوقت من عام 1984م أنه تقرر إطلاق اسم اللواء نجيب على الشارع الحالي الذي يحمل اسمه بالخرطوم، وكان معتمدها هو اللواء المهندس بابكر علي التوم، وفي نفس الوقت فإنني لا أستطيع أن أجزم أن إطلاق اسم نجيب على ذلك الشارع كان استجابة للمقال السالف ذكره، ورحم الله قريبنا الكبير.