{ ساهمتْ قيادات كبيرة في (المؤتمر الوطني) في (تطويل) أمد التفاوض مع الحزب (الاتحادي - الأصل) حول موضوع المشاركة في الحكومة المرتقبة، وذلك بتشدُّدها ورفضها منح (الاتحادي الأصل) نسبة معقولة ومحترمة من (كيكة) السلطة التي ظلوا يتمتَّعون بها لأكثر من (22) عاماً طويلة..!! { بالله عليكم.. هل من الحكمة والعدالة أن يحصل الحزب (الاتحادي الأصل)، بقيادة السيِّد «الميرغني»، على ثلاث وزارات، هي رئاسة مجلس الوزراء، الشباب والرياضة، والثروة الحيوانيَّة، بالإضافة إلى وزيري دولة..؟!! { منذ أن (قمنا) نحن، و(قام) قادة المؤتمر الوطني، فإن البلد يحكمها، ويعارض فيها، حزبان كبيران، هما (الأمَّة) و(الاتحادي الديمقراطي)، فإذا ما اعتذر (الأمة) عن المشاركة في الحكومة القادمة، فإن تركيز (المؤتمر الوطني) ينبغي أن يكون مكثفاً لكسب (الاتحادي الأصل)، بتقديم عرض لائق ومحترم، ولو فعل (الوطني)، لما كان هناك رافضون - أصلاً - لفكرة المشاركة في السلطة. { لقد كنتُ قريباً من هذا الملف طول الأسابيع الماضية، وبلغت ذروة مبادرتنا لصالح (التقريب) بين الطرفيْن بمقابلتنا (النادرة) و(الاستثنائيَّة) مع مولانا السيد «محمد عثمان الميرغني»، التي لم تتوفر لرئيس تحرير خلال العقود الأخيرة من الزمان، ودار خلالها حوار بعضه نشرناه، وبعضه لم ننشره، وقبل لقائنا مع (مولانا)، وبعده، تحدثنا إلى عدد من قيادات (الاتحادي الأصل)، وآخرين من رموز (المؤتمر الوطني)، وتأكدنا - بما لا يدع مجالاً للشك - أن القضيَّة ما كانت بحاجة إلى (تطويل) و(مسلسلات تركيَّة)، لو أن مستوى (العرض) كان أفضل ممَّا هو عليه (مجلس الوزراء، الثروة الحيوانيَّة والشباب والرياضة)، و(19) منصباً في الولايات ال (17) (بين وزير ومستشار ومعتمد)، وتعلمون أن (مستشاري الوالي) ليست لديهم مهام تنفيذيَّة، ولا ملفات محددة، ولا مسؤوليَّات معلومة، فهي مجرد مناصب للترضيات!! { سيدي الرئيس: لماذا لا يحصل الحزب (الاتحادي الأصل) على (5) وزارات، إذا كان (المؤتمر الوطني) سيحصل على أكثر من (15) وزارة؟! سيقول قائل: لأن (المؤتمر الوطني) كسب الانتخابات بأغلبيَّة كاسحة، على مستوى الرئاسة و(البرلمان). فنقول له: إن الانتخابات ليست هي (المرجعيَّة) الأساسيَّة - الآن - في تقسيم الوزارات، وإلاَّ فلماذا يسعى (المؤتمر الوطني) والرئيس البشير - نفسه - إلى إشراك الأحزاب الأخرى التي حصلت على (نواب) والتي لم تحصل بسبب (الانسحاب)؟! إذا كان (المؤتمر الوطني) يملك الأغلبيَّة العظمى، ولا منافس له - إطلاقاً - في (البرلمان)، بل ليس هناك حزب حصل على (5) نواب.. خمسة فقط..!! فلماذا لا يشكل حكومته، وحده، لا شريك له؟! { إنَّ البلاد - بعد انفصال الجنوب - دخلت في أتون مرحلة سياسيَّة واقتصاديَّة بالغة التعقيد، تحتاج إلى تضافر جميع أبناء الوطن لضمان الأمن، والاستقرار، وتحقيق الحد الأدنى من متطلبات معيشة الإنسان. ولا يمكن بلوغ هذه الغاية إذا انعزل (المؤتمر الوطني) من (جميع) القوى السياسيَّة (الحيَّة) في البلاد. { إن السيد «محمد عثمان الميرغني» يخالف (تيار المعارضة) الذي يجهِّز نفسه لاستقبال مقدِّمات (الربيع العربي)، والكثير من المراقبين العرب يرشِّحون السودان ليكون المحطة القادمة، رغم أن ما تشهده «مصر» المجاورة من أزمات مستمرَّة، وأحداث (مأساويَّة) و(دمويَّة) وانتشار مخيف للجريمة المنظمة في ظل انفلات الشارع، منذ سقوط نظام الرئيس «حسني مبارك»، كلها تدعو إلى عدم التفاؤل بإحداث (التغيير) في السودان على طريقة (الربيع العربي). { تضحية «الميرغني» بالوقوف مع (المؤتمر الوطني) واختياره طريق (التغيير) السلمي عن طريق (المشاركة) في السلطة، ينبغي أن يكون له ثمنه، ولا شك أن هذه (التضحية) لا تعادلها (ثلاث) وزارات ووزيرا دولة!! { أكتب هذا، بعد أن علمت في (الثامنة مساء) أن اجتماع الحزب (الاتحادي الديمقراطي - الأصل)، الذي استمر من الساعة (الواحدة) ظهراً إلى (الثامنة) مساء، قد انتهى إلى الموافقة على المشاركة، مع السعي لتحسين العرض الضعيف في (المركز) و(الولايات). { لماذا يظل أحدهم وزيراً ووالياً لمدة (20) عاماً؟! لماذا يعود هؤلاء الوزراء الفاشلون إلى مقاعدهم مرة ثانية، والبلد تعاني من أزمة حادة في «السكر» وأزمة في «القمح»، وأزمة في «الدولار» و«اليورو»، وأزمة في التعليم العام والعالي، وأزمة في الطرق التي يشيدونها مخالفةً للمواصفات، وأزمة في الصحة، وأزمة في دارفور، وجنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق، وأزمة في....!! { ما هي الأسباب الموضوعيَّة التي تجعل السيد الرئيس يتمسك «بالمتعافي»، وزملائه من الوزراء، والقطاع الزراعي خاسر، والثروة الحيوانيَّة، وحجم صادراتنا من المواشي، أقل في هذا العام من الذي سبقه!! { السودانيُّون لا يريدون (تغييراً) على طريقة «مصر» و«تونس»، ولا على الطريقة الليبيَّة الدمويَّة العنيفة، لكنهم يأملون في (تغيير) يُحدثه الرئيس من تلقاء نفسه، ليقدم للعالم تجربة سودانيَّة رائدة ومختلفة. { شكراً مولانا السيد «محمد عثمان الميرغني» على دعمك لخط الوفاق الوطني، شكراً لتنازلك وتضحياتك الجسام.. ونأمل أن يقدِّرها السيد الرئيس و(المؤتمر الوطني).. كما نرجو أن تكون (الأسماء) المرشحة من (الاتحادي الأصل) بحجم المرحلة، وحجم الحزب. { وعاش السودان موحَّداً.. مستقراً.