حسناً فعلت رئاسة الجمهورية وهي تخطط لإلغاء وزارة الاستثمار في التشكيل الوزاري المتوقع إعلانه في غضون أيام والاستعاضة عنها بمجلس أعلى للاستثمار تحت إشراف رئاسة الجمهورية وذلك حسب ما أكده مستشار رئيس الجمهورية د.مصطفى عثمان إسماعيل. وبالفعل هنالك الآن مجلس أعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية ويمثل د. مصطفى عثمان إسماعيل مقرره العام فهذا المجلس منوط به تذليل كافة العقبات التي تعترض مسيرة الاستثمار في السودان خاصة وأن البلاد تعوِّل كثيراً على الاستثمار المرحلة القادمة وذلك في ظل البرنامج الاقتصادي الذي وضعته الدولة والتي هدفت من ورائه إلى حدوث الاستقرار الاقتصادي وإحداث تنمية اقتصادية شاملة في ظل تنامي الإيرادات. وبالرغم من أن وزارة الاستثمار هذه تم إنشاؤها منذ وقت ليس بالقصير، إلا أن هنالك معقوِّمات ما زالت ماثلة أمام الاستثمار وتحد من الانطلاق مما جعل الحجم الاستثماري ضعيفاً مقارنة بالإمكانيات والموارد الطبيعية الهائلة التي يتمتع بها السودان فالمستثمرون ما زالت شكواهم دائمة ومستمرة ومتكررة جراء عدم تنفيذ النافذة الواحدة وعدم توفُّر البنيات التحتية من طرق ومياه وكهرباء وفنادق في الولايات التي تمتاز بالمشاريع الاستثمارية فعدم توفُّر هذه المقومات جعلت المستثمر يذهب لأهله لغير رجعة. يذهب وهو يحمل انطباعاً سيئاً وغير جميل عن طبيعة الاستثمار في السودان وبالطبع فإن هذا الانطباع السيء يؤدي إلى عدم مجيء العديد من المستثمرين للسودان فالذي يريد الاستثمار في بلد كالسودان أو غيره سيسأل بلا شك من سبقوه ما إذا كان كل شيء على ما يرام. جاء وفي معيته خططه وبرامجه وماله من أجل أن يستثمر في السودان لذا فإن المستثمر الذي يرجع إلى بلاده ويحمل انطباعاً جميلاً سيأتي بعده آخرون دون مقدرة مالية وخبرة طويلة في مجال العمل الاستثماري الذي سيعود بلا شك بالمنفعة المشتركة بين الجانبين. وما دام نحن نتحدث من المستثمر الجاد فلا بد أن نوفر له كل معينات العمل والتي على رأسها البني التحتية المتطورة وخارطة كاملة على كل المشاريع المطروحة للاستثمار بعد أن يتم حل كل النزاعات الخاصة بالأراضي حولها.. فالكثير من المشاريع يتم تصديقها كمشاريع للاستثمار فالنزاعات حولها تقف عائقاً دون أن تنطلق وبعد ذلك تصبح أرضاً صحراء جرداء وبوراً لا تجد من يفلحها. ولو عرف أهل الأرض قيمتها بعد فلاحتها، لما ترددوا في الدفع بها للاستثمار. إذن.. لا بد من نشر هذه الثقافة بين محبي الأرض التي يعشقونها ولا يريدون أحداً أن يقترب منها واضعين على جنباتها مجموعة من «العكاكيز» لزوم الضرب المبرح لكل من يتقدم لفلاحتها بحجة أنها موروثة من الأجداد. فنشر مثل هذه الثقافة سيؤدي بلا شك إلى التخلص من الأراضي الصحراء فالأرض لمن يفلحها فلماذا تعثر على الإبقاء عليها دون فائدة في حين أن الفلاحة ستكون لها فوائد جمة لك ولولايتك ولدولتك. فعلى المجلس الأعلى للاستثمار وضع هذه الأمور في الاعتبار وهل النزاعات حول الأراضي أولاً وإصدار قوانين بهذا الأمر وتعويض الذين ورثوها من الأجداد إذا أصروا على عدم فلاحتها هذا بجانب تذليل كل المعوِّقات الأخرى التي تعترض المستثمرين وتوفير كل مقومات الحياة بالمناطق النائية والتي تُحظى بأراضٍ استثمارية ذات جودة. كذلك لا بد من متابعة العمل الاستثماري والتميز بين المستثمر الجاد وغير الجاد وكم من مستثمر يأتي ويتم الاهتمام به إلا أنه يذهب ولم يأتِ بعد ذلك الأمر الذي يؤكد عدم الجدية، أضف إلى ذلك ضرورة متابعة المشاريع التي صُدِّقت بالفعل وإعطاء أصحابها مهلة 3 أشهر فقط على أن يتم تضمين ذلك في العقد بعد ذلك يتم نزعها .. قال 3 أشهر كافية جداً للمستثمر الجاد فالإهمال وعدم المتابعة قد يضيع علينا الكثير من الفرص ونحن بحاجة كبيرة إلى ضرورة الاستفادة من كل الأراضي التي يتمتع بها السودان والتي صنفته من ضمن 3 دول يمكن أن توفر الغذاء للعالم وصنفته كذلك بأن يكون «سلة غذاء العالم» فهذه المقولة ظللنا نرددها إلا أنها وبكل أسف لم تطبَّق بعد. فنحن مازلنا نعاني الغذاء محلياً حيث يصبح من الصعب جداً أن يتم توفيره عالمياً. فلا بد إذن من تكاتف الجهود لإخراج السودان من سباته العميق خاصة في مجال العمل الاستثماري فالاستثمارات في السودان تراجعت بنسبة مخيفة جداً وصلت 20.4% وذلك حسب تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية للعام 2010م.