{ أعجبني جداً الموضوع الذي تم طرحه وتداوله خلال الحلقة الأخيرة من برنامج (للنساء والرجال) بقناة النيل الأزرق حول أيلولة بعض الرجال لمجرد (ديكورات) داخل منازلهم وبين أفراد أسرهم الصغيرة!. والحقيقة أن هذا البرنامج التلفزيوني الاجتماعي الناجح الذي ينتجه ويعده الأستاذ (محمد عكاشة) وتقدمه القديرة (نجود حبيب) يعد واحداً من نجاحات قناة النيل الأزرق كونه يمعن في طرح القضايا اللصيقة بالمجتمع متعمداً الطرح الجرئ للكثير من المسكوت عنه ومستعيناً بآراء ضيوف عاديين ينتمون لمختلف شرائح المجتمع ليطرحوا وجهات نظرهم المختلفة في الموضوع لنقف على الصورة المتكاملة من شتى الزوايا. واحسب أن البرنامج من الاهمية والحيوية بحيث أنك تعتقد أن كل حلقة يعرض فيها موضوع جديد تحتاج لأخرى تلحق بها وتواصل التقصي والتنقيب وذلك لأن الطرح الشيق والمداخلات الحرة تمنح البرنامج نكهة مميزة بينما تحاول (نجود) الإمساك بزمام التفاصيل ولملمة أطراف الحوار بتمكن وبراعة فتكون المحصلة فائدة كبيرة وإمتاع جميل. { وباعتباري واحدة من أصدقاء البرنامج الذي فتح أمامي يوماً آفاقاً من الصداقة الطيبة فعرفني على الوديعة (إيمان طلحة) ومن بعدها كل العقد الفريد، تجدني حريصة على المتابعة كونه يشير إلى بعض الأفكار التي تهمني تحديداً عبر الاندياح اليومي. وأذكر أنني كتبت منذ مدة قصيرة مقالاً بعنوان: (رجل مجرد ظل) يتوافق كثيراً في قناعاته مع فكرة هذه الحلقة التي التهبت بفضل ضيوفها المختارين بعناية والمفعمين بالفهم العميق والاراء المتباينة في الكثير من تفاصيل الحياة الزوجية. والذين اتفقوا واختلفوا كثيراً ثم خرجوا بنتيجة واحدة تؤكد أن المرأه هي الملكة المتوجة على عرش الزوجية وهى القادرة على تحقيق السعادة المطلقة لأسرتها أو إحاطتهم بالنكد والشقاء الدائمين. { وتطرق البرنامج لنقاط مهمة ومحورية أبرزها أن الحياة الزوجية لا تمضي على وتيرةٍ واحدة.. وأن الندية والعداء الخفي الذي ينشأ في البداية بحيث يحاول كل من الزوجين – في المجتمعات المفتوحة نسبياً – التمسك بهامش من حريته وبسط نفوذه على عش الزوجية، لا يلبث أن يتحول مع مرور الأيام بفعل العشرة والتآلف والاعتياد إلى صداقة ودودة تحتمل تقديم العديد من التنازلات عن طيب خاطر ودون أن يرى أحدهم في ذلك انتقاص من قدره أو تنازل عن سلطاته. وربما أكون قد كتبت كل هذا المقال وأنا مدفوعة بإعجابي بالسرد الموضوعي النبيل لوجهة نظر جديرة بالاحترام قدمها لنا بهدوء الاستاذ (محمد مبروك) مستشار التحرير الأول للزميلة (أخبار اليوم) خلال مشاركته القيمة في الحلقة والذي ضرب لنا مثلاً طيباً إذ أن ابنه يعمد للإستئذان من والدته عند الخروج رغم وجوده كأب بكامل سلطاته إلى جانبها، معللاً ذلك ببساطة وتسامح تام بأن ذلك تصرف فطري يعمد له الابن طلباً لدعاء والدته الطيب بالتوفيق أو لأن الغريزة والشرع والعرف قد منحا الأم مثل هذه الامتيازات التي تلعب بها العاطفة دوراً كبيراً. مؤكداً أنه لا يجد غضاضةً في ذلك ولا يعتبر أنه (طرطور) في حضرة زوجته بل يرى أنه بذلك قد تحول إلى (إمبراطور) داخل بيته له من يقوم بكامل الإشراف على رعاياه بينما يتمتع هو بدور المراقب ويقوم بالتدخل السريع والحكيم حالما دعت الضرورة. { وتمنيت لو أن جميع الرجال يتحولون داخل مجتمعنا إلى (أباطرة) بهذا الفهم العميق والقيادي والحميم.. دون أن يكون بعضهم جلادون في اقطاعياتهم الزوجية يمارسون الترويع على رعاياهم على اعتبار أن ذلك هو النموذج المثالي للرجل (الحمش) والمسيطر على الأوضاع.. وكذلك دون أن يتحول البعض الآخر إلى مجرد لوحات زيتية لزجة معلقة على جدران المنزل بسبب ما هم عليه من سلبية وجبن ولا مسؤولية، علماً بأن المرأة مهما كانت قوية ومتمردة تتوق لرجل (امبراطور) تعتني به بكامل رضاها دون أن يتحول إلى مجرد (ديكور) جميل لا تلبث أن تمل لونه الباهت. { تلويح : التحية للدكتورة (عزيزة مصطفى) وهي تقترح أن يكون مبدأ الشراكة الزوجية من أهم بنود الاتفاق... فاليد الواحدة لم تعد تصفق. ولا ضير في بعض التراحم والمساندة.. وأقول (بعض) حتى لا يستمرئها بعض الرجال.