أخي أبشر الماحي محرر الملاذات الآمنة.. مشيراً إلى ما جاء بعمودكم الذي أواظب على قراءته دائماً في جريدة (الأهرام اليوم)، بتاريخ 30/11/2011م عن زراعة الخرطوم.. كيف ولماذا؟ متعجباً ومستفهماً أثناء مرورك في طريقك إلى العيلفون للعزاء، ببيوت الزراعة المحمية التي تمتلكها شركة تويلز (مجموعة البرير) وقلتم بأنكم عرفتم أنها لإنتاج التبش أي الفقوس والطماطم وخضروات أخرى لكل المواسم وطبعاً قصدتم تبش الخيار وأشرتم إليه على طريقة عادل إمام (خيار ررررااااارراايا) وأرجو أن أوضح لكم بأن كل دول العالم أو معظمها تستهلك الخيار ولا وجود لأي استهلاك للتبش أو عجور ويعزى ذلك لوعيها الغذائى، وفي سياق نقاشك ومرافقتك ساد الجدل الذي أسمح لي أنه جدل مجرد من العلمية ولا يستند للمنطق والحقيقة بالدرجة التي تقدمون بها العزاء لزراعة الخرطوم وإن كانت هذه طريقتها لتحقيق الأمن الغذائي وعجبي يزداد أكثر عند قول أحدهم بأن الغرب وبعد مرور عقود من ممارسة الزراعات المحمية عاد للزراعة الطبيعية ولا أدري ما المقصود بالعودة إلى الزراعة الطبيعية وغير الطبيعية في تفسيره أن الغرب أدرك خطورة الزراعة المؤكسدة والمعالجة بالكيماويات وهذه معلومة خاطئة لا تستند إلى علمية أو منطق وتدل على عدم معرفة بمعنى الأكسدة والكيماويات، فالأكسدة مهمة في كل الزراعات، سواء في داخل البيوت المحمية أو في زراعات الحقول المكشوفة، وكذلك الكيماويات والأسمدة وعناصر أخرى يحتاجها النبات، أظن المقصود بالزراعة الطبيعية هي الزراعات العضوية، وهي محاصيل زراعية غالباً بستانية (خضروات وخلافها) من دون استعمال أسمدة كيماوية ومبيدات سامة طوال فترة حياتها وتعتمد كلياً على سماد عضوي (زبالة) محضرة بطريقة خاصة لتمد النباتات مما يحتاجه من عناصر غذائية وهذه منتجات متدنية النوعية وتباع بأغلى الأثمان لمن يرغبونها تحاشياً للأمراض خاصة المبيدات الزراعية وبعض الكيماويات. عزيزي، أرجو أن أوضح أن تقانة البيوت المحمية ضرورية وأكرر ضروريتها لبلد زراعي مثل السودان وبكل اتجاهاته ولأن معظم ولاياته تصل درجة الحرارة فيها لأكثر من 50 درجة مئوية صيفاً في شرقه وغربه داخل الموسم وخارج الموسم، وأنك تقول بأن شتاءنا يسمح فلا شتاء بالمعنى بالسودان ولو وجد أنه فترة قصيرة جداً وفي بعض المواسم لا وجود له وقولكم بتميزنا بمناخات عدة بالسودان ولم تشغلها فهذا حديث ذو شجون يحتاج إلى مجلدات لشرحه. وأخلص بأن الزراعات المحمية ضرورية لبلد مداري كالسودان للتوسع الرأسي للإنتاج لا التوسع الأفقي الذي تقصدونه لاستغلال المناخات المتعددة بالسودان وهذا يحتاج إلى توضيح أكثر وشرح لا تسمح به مساحة العمود. أخي.. الواضح أنكم تجاهلتم مزايا الزراعات المحمية وأهدافها وحصرتموها في إنتاج (التبش) والطماطم التي لم تلمسوا لها وجوداً في معظم أيام السنة ولهذه أسباب سبق وأن كتبت عنها في جريدتكم الغراء «الأهرام اليوم» في عددين متتاليين بعمود «فيما يتعلق» وأوضحت أسباب فشل الخريجين في إنتاج الطماطم خاصة، فالأهداف كثيرة لإدخال تقانة الزرعات المحمية وأنا أول من أدخلها بالسودان عام 1994م واستطعت إدخالها بهيئة البحوث الزراعية والجامعات وبعض المؤسسات الزراعية وكان الهدف أن تقوم هذه المؤسسات والجامعات بالدور البحثي والتطبيقي وتجهيز كوادر مؤهلة ومدربة على العمل في مجال هذه التقانة لتصل إلى العامة من مزارعين ومؤسسات، خاصة بأسس علمية صحيحة لا كما هو الحال الآن توسع دون أي خبرة أو هدف أو استقلال كوادر مدربة لتدير العملية كما ذكرتم أن البعض يستعملها للترف والتباهي. انظر إلى دولة كهولندا التي مساحتها تساوي مساحة ولاية الخرطوم (150كلم في 150 كلم) وبفضل هذه التقانة صارت دولة تغذي معظم دول أوروبا بالخضروات والأزهار والمنتجات الحيوانية كاللحوم وألبان ومشتقاتها وكما هو الحال في معظم دول الخليج وبفضل هذه التقانة أصبحت مكتفية ذاتياً في معظم أنواع الخضر وتصدر بعضها وهي متوافرة على مدار العام وحتى أن دولة كالسعودية صارت تصدر بعض أنواع الزهور إلى الأسواق الأوروبية (هولندا) وثمة ملاحظتكم ونقدكم لثقافة زراعة ولاية الخرطوم وتحويل بعض المساحات إلى مزارع خاصة بواسطة الأثرياء وهذا حديث لا يستند إلى منطق ولا علمية، فهي مساحات غير مؤثرة على الإنتاج الزراعي بالولاية وليست بالكم الذي تتصورون فهي بادرة جميلة ومهمة ليت كل ولايات السودان تحذو حذوها وتضم مثل هذه المزارع والمنتجعات لأغراض سياحية وترويحية للإنسان المتعب والفاقد لروح الترفيه عن نفسه والآخرين همهم كلهم في بطنهم، وليس بالخبز وحده يعيش الإنسان، فوجود مساحات شاسعة في شكل مشاريع زراعية كسندس وغرب أم درمان وشرق النيل (السليت).. إلخ، هي المناطق المعنية باستغلالها لزراعة محاصيل مختلفة مصحوبة بإنتاج حيواني (أبقار - دواجن - أسماك) لتكفي ولاية الخرطوم وكل الولايات حولها ولكننا «منظراتية» أكثر من اللازم ولذا فمعظم هذه المشاريع فاشلة كسندس مثلاً.. وذلك لأنها قامت على أسس خاطئة دون دراسات جدوى فاعلة إلى جانب الفشل الإداري وركنها إلى كوادر غير مؤهلة ولعدة أسباب أخرى ونحن يا (أخوانا) دمرنا وحطمنا أكبر مشروع ناجح ومؤسس ببلادنا وإفريقيا وهو مشروع الجزيرة العملاق الذي كان محور اقتصاد السودان الزراعي لسنين عددا وكان العمود الفقري لاقتصاد السودان لأعوام طويلة خلت ومن فعل ذلك؟! الله أعلم. لكم الشكر والتقدير،، عمر مصطفى صالح أعمال الخضراء لبيوت الزراعة المحمية