كشفت جولة «الأهرام اليوم» داخل أسواق الخضروات بولاية الخرطوم عن وجود آثار تؤكد احتواء الخضروات على الأسمدة مما انعكس على زيادة حجمها وتغيير في طعمها وأكد ذلك ل«الأهرام اليوم» بائعو الخضر والفاكهة بتلك الأسواق والمهندسون الزراعيون والإدارة العامة للوقاية والمكافحة بولاية الخرطوم، مما دفعنا لأن نتساءل عن أثر الأسمدة والمبيدات على الإنسان وهل أسهمت في ازدياد عدد مصابي مرض السرطان والفشل الكلوي وهل هناك توعية للمزارعين عن طرق استخدام الأسمدة؟ طرحنا تلك التساؤلات على أهل الشأن وذوي الاختصاص فماذا قالوا؟: أجمع مزارعون وبعض بائعي الخضر والفاكهة على استخدام الأسمدة والمبيدات الكيمياوي في النبات وإنتاج الخضر والفواكه، السؤال الذي يطرح نفسه هل يتم استخدام المبيدات والأسمدة بطرق علمية مدروسة تحت إشراف مهندسين زراعيين وهل يستجيب البائعون في الأسواق والمزارعون لهذه التوعية والإرشادات من ذوي الاختصاص؟ إبراهيم يعقوب بائع الخضار والمزارع بمنطقة أم روابة ويعمل في منطقة الفتيحاب الشقلة قال ل«الأهرام اليوم»: الطماطم والباذنجان من أكثر الخضر التي تشكل خطورة على الإنسان ويظهر فيها السماد بصورة واضحة للعيان، وقال: «عندما أستلم الخضار أقوم بغسله ورشّه بالماء والزيت حتى يجذب المشتري ويزيل الطبقة الخارجية للسماد ولكن هذا بدوره يساعد في جذب الذباب للخضروات». آدم جعفر تاجر خضروات بالقطاعي يعمل بمنطقة أم درمان الشقلة قال: إنه يعمل في هذا المجال منذ (15) عاماً وأن المزارعين (يرشّون) الأسمدة في الخضروات بطرق عشوائية، مضيفاً أن السماد ضار بالصحة، وأشار إلى أن (العجّور) من الخضروات التي يستخدم فيها السماد ويزيد استخدامه في الأراضي الطينية أكثر من الرملية. وأكدت مديرة الإدارة العامة للوقاية والمكافحة الحيوانية المهندسة سعاد توفيق أنه يوجد مبيد يبدأ رشّه بعد (14) يوماً كما توجد مبيدات أخرى ترش بعد (3) أيام ويقوم المزارعون برش الخضروات (رشة) خفيفة، ومبيد آخر يستخدم في حالة إثمار الخضروات (نحن نتحفظ على ذكرها). وأضافت أن على المزارعين اتباع الإرشادات المكتوبة على الديباجة لتحديد فترة الأمان وفي تلك الفترة لا تتعرض الثمار للخطورة. ونحن لدينا برامج إرشادية كثيرة نفذناها في سوبا والرميلة والريف الشمالي لتوعية المزارعين حتى يستخدموا السماد والمبيدات بطريقة سليمة، خاصة الوقت والجرعة المحددة، والضرر يأتي نتيجة الاستخدام الزائد لكمية المبيدات. وذكرت المهندسة سعاد أن هناك ما يُعرف بنظام المكافحة المتكاملة الذي يبدأ من استصلاح الأراضي وحرثها ثم زراعتها ومتابعتها حتى مرحلة الحصاد وما بعد الحصاد وهذه تقلل من استخدام المبيد، ويجب أن يستخدم المزارع الجرعة المناسبة في الوقت المناسب حتى لا يكون هنالك ضرر كيماوي، ويقلل من استخدام الأسمدة العضوية وهي مخلفات الحيوان والأشجار بعد عملية التخمير، ويقلل من ضرر الأسمدة الكيماوية ويرفع من القيمة الغذائية للخضروات. وأضافت: الزراعة العضوية هي الإنتاج الزراعي أو الحيواني باستخدام المنتجات الطبيعية بديلاً للأسمدة والمبيدات والمركبات الغذائية للحيوان وهذا يتطلب عدم استعمال أي كيميائيات في جميع مراحل الإنتاج وأن تكون التربة ومياه الشرب والري والأوعية المستعملة للنقل والتخزين جميعها عضوية. ومن الملاحظ تحول العديد من الشركات العالمية الكبرى من إنتاج الأسمدة والمبيدات الكيميائية إلى إنتاج بدائل عضوية حيث هنالك سوق متنامٍ للبدائل العضوية عالمياً. وتؤكد سعاد: إن نقل التقانات الحديثة أقصر طرق التنمية الزراعية ونعني بها عملية تحريك الأفكار من معامل الأبحاث إلى مواقع الإنتاج. وأثر استخدام التقانات الحديثة يتمثل في الزيادة الرأسية في إنتاج المحاصيل وتقليل تكلفة الإنتاج وتحديداً الأيدي العاملة وذلك عن طريق استخدام الآليات الزراعية الحديثة وتحسين نوعية المنتج وتقليل الفاقد في عمليات الحصاد وهنا يأتي الدور المهم للإدارة العامة لنقل التقانة والإرشاد بحسب ما ذكرت حيث تعمل على انتشار التقانات الحديثة وتوطينها وذلك بشتى الوسائل الزراعية والإرشادية مثل مدارس المزارعين والبرامج الإعلامية المسموعة والمرئية والمطبوعات الإرشادية والمعارض الزراعية، وبنهاية كل عام يتم تقييم الأداء والعمل ميدانياً ليتبنى المزارعون التقانات الحديثة في الزراعة. الدكتور أحمد مأمون جاءت إفادته ل«الأهرام اليوم» عن تأثير المبيدات والأسمدة على صحة الإنسان، قائلاً : إن المبيدات تؤثر تأثيراً مباشراً على الجهاز الهضمي والبولي وأن أثرها (تراكمي)، وهي عبارة عن (ملوِّثات) وتسبّب مرض السرطان. وتظهر هذه (الملوِّثات) في شعر رأس الإنسان وتحديداً (النساء) كما توصل لذلك العلماء. وتعتبر الأسمدة والمبيدات مثل (المواد الحافظة) في المعلبات. وعندما نقوم بغسل الطبقة الخارجية (للتفاح المستورد) تخرج منها مادة (شمعية). ويضيف الدكتور أحمد مأمون أن أغلب المزارعين يجهلون استخدامات الأسمدة والمبيدات ويتعاملون معها (دون فهم) فقط للمصلحة التجارية ويجب أن يكون هناك إرشاد زراعي مكثف للمزارعين. أما المهندس الزراعي حبيب محمد الباقر فقد حدثنا عن البيوت المحمية والهدف من إنشائها قائلاً إن الهدف هو مكافحة الأسمدة والمبيدات التي تستخدم في (المزارع المكشوفة) بطرق غير علمية ومن غير إشراف هندسي مما أدى إلى زيادة الأمراض التي تنتج منها مثل السرطانات والفشل الكلوي. وهي أيضاً تعتبر صناعة لجو ملائم للنبات، مضيفاً أن الخضروات تنتج بطرق سليمة تحت إشراف هندسي وبمقاييس محددة هي الخضروات التي لا يمكن إنتاجها في الصيف مثل الطماطم، الخيار، الفاصوليا، الكروم، الملفوف، الفلفل بأنواعه. وتوجد ضوابط في (البيوت المحميّة) أكثر من المزارع المكشوفة. وللأسف فإن الخضروات تدخل السوق دون (رقابة) من السلطات المختصة؛ لأن أصحاب المزارع المكشوفة يرشون المبيدات والأسمدة بدون ضوابط، ولكل مبيد فترة سماح محدودة إذا لم تتم بإشراف مهندس يصبح هنالك ضرر على المستهلك. و(مساحة البيوت المحميّة) تقريباً (34 متراً * 9 أمتار) وهي مساحة صغيرة لكنها تنتج كميات كبيرة، أما المزارع المكشوفة فتتراوح مساحتها مابين (270 300 متر) أو (40 50) فداناً، فأغلب المزارعين «يقوم برش المزرعة الليلة ويدخلها السوق بُكرة» على حد قوله. ٭ من المحررة: الأسمدة والمبيدات تضر بصحة الإنسان والحيوان معاً فلماذا نستخدمها في منتجاتنا الزراعية والحيوانية والسودان يمتاز بإمكانيات عالية في مجال الإنتاج العضوي وذلك لتميُّز أراضيه البكر التي لم تستخدم فيها كيميائيات كما في المناطق ذات الري المطري ومناطق الجروف والأودية والقيزان وضفاف الأنهار التي تمتاز بتربة متجددة الخصب. وعدد كبير من منتجاتنا على رأسها الصمغ العربي إضافة للنباتات العطرية والطبية التي تنمو برياً بجانب المحاصيل البستانية مثل حَب البطيخ في شمال كردفان والنيل الأزرق وسنار كلها منتجات طبيعية فقط كل ما نحتاجه هو الاعتراف من جهة معترف بها عالمياً حيث يمكن أن تعود هذه المنتجات بعائدات ضخمة على السودان والمنتجين. وكل هذه الإمكانيات تضع السودان في مكان متقدم لتوفير طعام صحي وآمن للعالم أجمع خالياً من الأسمدة والمبيدات التي أكثر من استعمالها بعض تماسيح المزارعين ضعاف النفوس لملء جيوبهم بمال فاسد مما أدى الى تفشي الأمراض مثل السرطانات والفشل الكلوي.