خرج الألوف في العاصمة الروسية موسكو مطالبين بالانتخابات الحرة وبإنهاء حكم رجل روسيا القوي فيلادمير بوتين رئيس الوزراء الذي شغل من قبل منصب رئيس الجمهورية وكانت موسكو في عهدها الشيوعي الذي استمر من عام 17 إلى مطلع تسعينات القرن الماضي لا تعرف سوى المسيرات الحكومية الموالية بطبيعة الحال . وكانت أثناء الحرب الباردة التي امتدت من عام 1945م إلى أول التسعينات هي ثاني أهم عاصمة في العالم بعد واشنطن عاصمة الولاياتالمتحدةالأمريكية وكانت تعني الكثير لليساريين والشيوعيين والثوار في مختلف بقاع العالم ثم انهار النظام الشيوعي وهبت عليها رياح الديمقراطية لكنها تحتاج إلى بعض الوقت لتترسخ فيها الديمقراطية، ذلك أنها من العواصم المثقلة بالماضي الشمولي الطويل بفترتيه القيصرية والشيوعية . ورغم أن روسيا ما زالت عضواً دائماً في مجلس الأمن ورغم شأنها النووى الذي يحسب له الآخرون ألف حساب إلا أن نفوذها بعد زوال الشيوعية قل كثيراً. لقد خرج الروس في البرد وتحت الجليد المتساقط في شوارع موسكو متظاهرين وقبلهم خرج العرب في تونس ومصر والبحرين وليبيا وما زال التظاهر نشاطاً يومياً في اليمن وسوريا، ولذلك اختارت مجلة تايم الأمريكية المتظاهر رجلاً لعام 2011م الذي يوشك على الرحيل . وطالب ميخائيل جورباتشوف آخر زعماء الاتحاد السوفيتي رئيس الوزراء بوتين بالاستقالة وكان أحد هتافات المتظاهرين نحن السلطة أي أن الشعب هو صاحب الشأن وهو الخالد وهو الذي يجب أن تصب كل السياسات والقرارات في مصلحته، ولم تقتصر التظاهرات على موسكو وحدها وإنما اندلعت في بقية المدن الروسية . وكان أقوى أسباب التظاهر هو تزوير الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 4 ديسمبر الماضي وهذا التزوير دليل على أن روسيا بلد مستجد في مجال الديمقراطية وهو يحدث كثيراً في دول العالم الثالث ومن النادر أن يحدث في الديمقراطيات العريقة الراسخة . وقال جورباتشوف إنه سعيد بأن عاش حتى يشهد يقظة الشعب وهبته، وحثّ بوتين على أن يفعل ما فعله هو عندما قام بتسليم السلطة سلمياً أول تسعينات القرن الماضي، وقال إن الناس سوف يذكرون لبوتين إيجابياته إذا ما استقال الآن. ويرى المحللون أنه ليس لجورباتشوف الآن تأثير يذكر في السياسة الروسية ويقولون إنه ليس للمتظاهرين الروس قائد محدد يمكن أن ينافس بوتين الذي يعتزم خوض انتخابات رئاسة الجمهورية المزمع إجراؤها في مارس القادم . والقاسم المشترك بين المتظاهرين الروس هو أنهم لا يريدون بوتين رئيساً وهو نفس القاسم المشترك الذي جمع بين ثوار الربيع العربي، فالتوانسة كانوا لا يريدون بن علي، والمصريون كانوا يطالبون برحيل مبارك، والليبيون بإبعاد معمر القذافي وكالعادة فإن بوتين اتهم المتظاهرين بأنهم عملاء مأجورون وسخر منهم بطريقة بذيئة وكأنه العقيد القذافي قبل أن يضطر إلى أن يقول للثوار (حرام عليكم)، وما زالت التظاهرات مستمرة.