حتى أواخر تسعينيات القرن الماضي عندما كان ميخائيل جورباتشوف هو حاكم الاتحاد السوفيتي القوة العظمى الثانية في العالم بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، كان الحاكم السوفيتي مصدرا كبيرا للأخبار وكان الناس خاصتهم وعامتهم يعرفون الكثير عن نشأته ويلمون إلماما شبه تام بأهم المحطات في مسيرته وحدث ذلك مع جميع أسلاف جورباتشوف تقريبا ابتداء بلينين وستالين مرورا بخروتشوف وبريجنيف وتشيرنينكو وأندروبوف وانتهاء بجورباتشوف. ثم بعد تراكمات داخلية لم يكن كثيرون خارج الاتحاد السوفيتي العظيم منتبهين لها، انهار الاتحاد السوفيتي وكان حينها هو مكة وفاتيكان التقدميين الثوريين في كافة أرجاء العالم. لقد أصبح الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن الماضي من أخبار العصور الغابرة وتفكك إلى جمهوريات كثيرة كانت أهمها روسيا التي استهلكت زمنا بلغ أكثر من عقدين في ترتيب بيتها من الداخل. ورغم ترسانتها النووية ورغم احتفاظها بمقعدها الدائم في مجلس الأمن إلا أنها لم تعد بعد القوة العظمى الثانية التي كانها الاتحاد السوفيتي وكانت هي أهم وأقوى مكوناته وبالكاد يعرف الناس الآن الحد الأدنى من المعلومات عن الرئيس الروسي ميدفيديف ورئيس وزرائه بوتين وكان من قبل رئيسا للدولة ويتطلع إلى العودة إلى منصبه القديم بعزمه على خوض انتخابات الرئاسة المقبلة في مارس القادم. وقال الرئيس ميدفيديف السبت الماضي في موسكو إنه لن يترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة وسوف يكون المرشح هو رئيس الوزراء بوتين وقال بوتين إن اتفاقا حول ما ينبغي أن يحدث تم قبل سنوات بينه وبين الرئيس ميدفيديف وأكد الرئيس ميدفيديف كلام رئيس وزرائه. لقد حكم بوتين من قبل في الفترة من عام ألفين إلى عام 2008م وها هو ينتوي العودة إلى المنصب الأول ويظهر أن حواء لم تعقم فقط في السودان وإنما أصاب العقم حواء الروسية أيضا، وقال أحد المواطنين الروس لا أعرف كنه مشاعري حول قرار بوتين بالعودة إلى رئاسة الجمهورية ولكن يبدو أنه ليس لدينا بديل ومن هنا علينا أن نقبل بإمكانية عودة بوتين رئيسا. وقال آخر إن آماله في الإصلاحات الديمقراطية تبخرت من عقد من الزمان وأضاف أنه اتفاق خاص بين الاثنين رئيس الجمهورية ميدفيديف ورئيس الوزراء بوتين. وقالت جريدة الهيرالد تريبيون في عددها الصادر يوم السبت الموافق 24 سبتمبر الجاري إن الرئيس ميدفيديف طمح إلى تحقيق إصلاحات قضائية وسياسية تسهم في الحد من مركزية الكرملين مما جعله يحظى بتأييد كثيرين في الغرب لكنه خلال رئاسته لم يحقق ما طمح إليه وأصبح الانطباع عنه أنه رئيس ضعيف. هل يستطيع رئيس الوزراء فيلادمير بوتين صاحب الفرص الأكثر في الفوز في انتخابات رئاسة جمهورية روسيا مارس القادم أن يعيد لروسيا بعض ألقها وسطوتها ومكانتها عندما كانت هي أكبر وأقوى وأهم مكونات الاتحاد السوفيتي القوة العظمى الثانية في العالم طوال الحرب الباردة التي استمرت من عام 45 إلى عام 1991م؟ وهو سؤال وجيه وما أصعب الإجابة عليه.