{ ما استمعت إليه من حقائق وترتيبات انتظمت كافة مراحل تشييد سد مروي وبالذات الخطوات التي تتصل بالتوطين والتعويض بعد أن تم الوقوف على عدد من تجارب دول العالم بما في ذلك تجربة السودان مع السد العالي، وبحمد الله كنت قد قرأت للأستاذ حسن دفع الله كتابه عن تهجير أهل حلفا وكيف كانت عمليات التعويض والتوطين، وقد اتبع الإخوة في سد مروي أفضل السُّبل وبمشاركة لجان على مستوى المناطق بالإضافة للجنة مركزية. { في جانب التعويض توصلت إدارة السد واللجان المفوَّضة من قِبل المتأثرين بما في ذلك اللجنة المركزية وبعد نقاش إلى تثمين النخلة ب (350) جنيهاً رفعت ثانية إلى (500) جنيه بالإضافة لمنحة من السيد الرئيس وستة أفدنة لكل أسرة مقيمة، وذلك بعد تدخُّل السيد الرئيس. وشكر الوفد السيد الرئيس وغادر وبذلك أغلق باب الحقوق وهذه الحلول قد تتجاوز المعدلات العالمية، ولكن أهلنا في المناصير يستحقون أكثر من ذلك لتضحياتهم الكبيرة وهذا لن يكون مجال أخذ ورد، ولكن ما يجب أن يكون الناس فيه جميعاً صرحاء هو الحقائق العلمية التي يجب ألا تغيّب وأن يعلمها المتأثرون بدلا ًمن حجبها عنهم. { في جانب التوطين تم اعتماد مبادئ أولها أن يكون التوطين داخل الولاية وأن تكون المساحة كافية وأن تكون الأرض صالحة للزراعة وأن تكون المشروعات المصاحبة ذات جدوى اقتصادية وآخر هذه المبادئ أن يختار المتأثرون المناطق التي يرونها وأن تقوم الجهات المختصة بالدراسة الفنية. وهكذا سارت الخيارات حتى تم الاتفاق على منطقة المكابراب وكحيلة وتم التوقيع على هذا الاتفاق . { استحالة التوطين حول البحيرة تسنده الدراسة العلمية تؤكد أن الطمي سيقفل المجاري المائية (التُّرع)، وللحق أقول إن المجاري عندنا في بحر أبيض يعاني المزارعون من كميات الطين التي تغلقها في الموسم الواحد أكثر من مرة والنيل الأبيض ليس فيه طمي فكيف يكون الحال في نهر النيل واثنان من روافده يرفدانه بكميات كبيرة من الطمي حتى أن السمك في بعض المناطق يُقال إنه أعمى من شدة الإطماء. والسبب الثاني أن تذبذب البحيرة حسب كميات المياه التي تتغير من سنة إلى أخرى وقد أنجزت آخر دراسة في هذا الشأن شركة ألمانية أجرت تصويراً جوياً انتهت إلى استحالة التوطين حول البحيرة (الخيار المحلي). { نأمل أن تجد هذه المشكلة حلاً عاجلاً يستند على الحقائق. وما دامت الحكومة لا تمارس (التهجير القسري) فعلى الطرف الآخر عدم ممارسة سياسة (الإبقاء القسري)، حيث يتم الاعتداء على كل من اقتنع بالهجرة إلى المكابراب مثلما تم الاعتداء على الفنان عيسى برو لمجرد أنه غنى للسد ولم يخص أحداً بغنائه. ومن الحقائق التي تعرفت عليها من جهات أخرى أن عدد الأسر التي انتقلت إلى المكابراب ثلاثة آلاف أسرة وأن الأسر التي تبقت لا تتجاوز ألفي أسرة. { وفي ذات الأزمة نسمع تصريحات مرتجفة من بعض القيادات وهذا ما يجعلنا نوقن في ظل ما سمعناه من حقائق من إدارة السد أن القهر قد تسلل إلى دواخل هؤلاء فيعجز الواحد منهم عن قول الحقيقة وهو يدركها ولكن تنشأ أوضاع أمامه على شاكلة هذه الأزمة فتحبس لسانه أوتحمله على قول النقيض مجاملة وخشية من أن تناله سهام القوم وإن كانوا يصرّون على مجابهة الدراسة العلمية التي تقول (من المستحيل توطين الناس حول البحيرة) وهذه الحقيقة خلصت إليها جامعة الخرطوم وخلصت لها شركة وطنية فرفضها من يتولون كِبر الأزمة واستُعيض عنها بشركة أجنبية وجاءت دراستها تؤكد الدراسات السابقة. { من المؤكد أننا في حاجة لسماع وجهة النظر الأخرى إن كان بين يديه ما يكذب هذه الدراسات العلمية أما ما دون ذلك من تعويض وإعادة إحصاء وغيره فنأمل أن تستجيب الحكومة فهؤلاء قدموا تضحيات كبيرة لا تقدر بثمن.