، وعام آخر قد جاء يحمل في معيته الكثير مما خططناه ومما لا نتوقعه. ربما هو تقييم لما حققناه وما عجزنا عن تحقيقه، وما ناقشناه وما تركناه معلقاً على جدار الماضي، ما اجتهدنا في حلها من صعوبات، وما تكفل الزمن بها، هكذا هي الأيام، وهكذا هو الدهر. أما أنا فيكفيني شرفاً ومجداً وفخراً أن خرجت بك رغم أنف ما تذوقته من ظلم الزمن وقسوته. عاندتني الأقدار حتى كدت أسقط يأساً، وخاصمني الحظ عمراً من العمر، توقفت عند لحظة من اللحظات ساعة أفراحي وبدأت ثواني الحزن في الامتداد، تكالبت السنين عليَّ وأنا أغادر من غربة لغربة، وأهاجر من وجع لآخر. الليالي تأخذ نصيبها من البهارات كما تشتهي، وأنا أعاني علِّي أرى بشريات صبح آتٍ.. فتبوء أمنياتي بالفشل مراراً وتكراراً، وأعود في أقسى الظروف وفي أحضان البرد ألتفح الصبر هنداماً ودفئاً. كنت أتجنب الجلوس مع نفسي لأني كنت أهابها كما يهاب الرجل المرأة النقناقة، لأني كنت أعلم علم اليقين أنني إذا ما خلوت معها ستسألني ماذا جنيت لأعاقب هكذا، وأنا نفسي لا أملك إجابة لهذا السؤال، فأعود تارة أخرى أستغفر الله ثم أصلي فيغادرني الأسى إلى أجل!! هكذا كانت الدنيا، وكان للناس نصيب في أحزاني، كنت استمع أحياناً لما يقولون، فيسيطر عليَّ الحزن أياماً وربما شهوراً وكأني أرى في أعينهم شماتة، ولكني أعود فأجد من حولي من يعلمون أمري حقاً فيتبتبون على كتفي، ويمنحونني إذناً لأغادر عالم البكاء الحارق إلى عالم الابتسامة الذي لم أقطنه من قبل. كنت حزناً يمشي على قدمين حتى جئتني، فاستقر الكون عند بيتي، وجاءت الفرحة عند قدمي تسألني الغفران على غياب مضى وطال. أنا أودع عاماً من عمري، وكم هو مرهق للأنثى أن تستقبل عاماً آخر من عمرها، ولكني أودعه وأنا أتنفس الصعداء كحال من أغلق نافذة الظلام وغلق أبواب الريح وقال للأحزان هيت لك، راودها عن نفسها آملاً أن تنجب فرحاً، وحينما أبت أخرجها بمنتهى الهدوء وأغلق خلفها بابه، فكيف لها أن تجيء مرة أخرى. عام أتى وأنا أثق أنك زادي لرحلة السنين القادمات، وأدرك أنك باقٍ لتشرح لأجيال آتية ما معنى العشق الحلال!!