والفطور الذي يستبين للذين يغالطون حول مسائل التعليم الخاص وماهية تفاصيله الشيطانية ومراجعاته الحسابية يجعل من مشاهدة البرنامج الختامي لبرنامج التميز والإبداع التربوي متعة غير محسوبة بزمان نهاية وبداية. فبداية النهاية لتقرير الإدارة العامة للنشاط الطلابي وختام البرنامج القومي للتميز والإبداع التربوي (الثاني عشر) الذي شاهدناه عبر كافة الشاشات التي نقلت من قاعة الصداقة، يصنع نهاية لمبتدأ التعليم الذي يحاول تثبيت أجساد الطلاب داخل قاعات الدراسة والمناهج التي تمكنهم من آليات الحياة العملية من مهارات وطرائق الاتصال الجماهيرية التي تؤهلهم كي ما يصبحوا قادة مستقبليين، ويبدأ في تعزيز تغطية جوانب العملية التربوية التي جاءت في الترتيب قبل التعليم. فمنذ العام 1996 وبرعاية من المشير الراحل (الزبير محمد صالح) تنّبه القائمون على هذا البرنامج إلى أن السلوك والمعرفة والتحصيل الأكاديمي وجوه لعملة واحدة هي الطالب الجيد الخارج من بيئة جيدة ومدرِّس جيّد ليصبح قائداً ممتازاً. ما يميز البرنامج بجانب استمراريته طوال اثني عشر وباهتمام واسع من الإدارات العليا في الدولة والمجتمع، فإنه لا يقتصر على الطلاب فقط باعتبارهم الفئة المختارة للحصول على نتائج متميزة إنما على الأصلاء في هذا البرنامج وهم التربويون (المعلمون والموجهون) والمدارس كبيئة دراسية والمجلس التربوي كمعني بتنظيم ومراقبة العملية التربوية. بجانب تعزيز روح التنافسية الشريفة والنزيهة التي تخرج جيلا يتقبل النتائج كيفما جاءت! يجيء احتفال هذا العام - الشهر الماضي من السنة الماضية - في ذات الإطار للأعوام باختلاف في التوسع الاحتفالي والجوائز للفئات الفائزة، لكن ما كنا نرجوه إعلامياً هو إخراج كراسة أو مخطوطة تبين التميز في كل الفئات المذكورة (طالب/ طالبة المدرسة، المعلم، والعامل المتميز) ليس كنتائج وأسماء فقط إنما كخصائص لتعمم كما كراسة المواصفات المعايير للاختيار التي يوزعها البرنامج على المحليات والولايات. فما يلي التربية والتعليم من مستوى اهتمام يتناقص أمام المدّ الطاغي لفقه الخصخصة في التعليم - ربما يبدو كذلك في مسألة البرنامج والتميز! يدّعمه بلا شك النشاط الإعلامي المصاحب بنشر وتوعية وتدريب وتثقيف كافة المنخرطين في العلمية التعليمية ومن جاورهم (أولياء الأمور) لتعليم التميز وجعله سمة ماثلة ويومية في سلوك الطلاب وليس مجرد برنامج يحفّز له مادياً ومعنوياً وإن نحب ذلك. فرغم المجهود الكبير الذي يقوم عليه البرنامج في مستوياته الثلاثة (محلية، ولاية، قومية) ورغم كل الأخبار المنقولة عن البرامج المصاحبة وتغطية الاحتفال الختامي إلا أن كثيرين من المعلمين والمدارس والمحليات تغفل التثقيف به وتدريب الطلاب عليه. على قدمٍ وساق نقف من ذكرى حبيبتنا (الجمعية الأدبية) التي أخرجت الممثلين والمغنين والكتّاب والشعراء والخطباء، و(التدبير المنزلي) الذي أنتج أجمل الكيكات والبسكويتات وزرع شتلات المسؤولية والأخلاق والتقدير والتدريب في ربات المنازل القادمات. فالبرنامج القومي للتميز والإبداع الطلابي يحاول إعادة ذكرى تميز التربية والتعليم لكن هل سيستطيع إعادة ما تم مسحه ذات قرار بممحاة السلّم التعليمي الجديد؟!