مما يلفت النظر في الدكتور الصادق الهادي المهدي المستشار السابق لرئيس الجمهورية ورئيس أحد أجنحة حزب الأمة أنه ليس سياسياً محترفاً. فهو طبيب عاش ويعيش بصفة عامة من عزف سماعته وكان في مقدوره في هذا الوطن الذي لا يزال كثير من بنيه يهيمون ولاءً لآل المهدي وآل الميرغني أن يعيش سيداً، أي أن تكون مهنته الاساسية أنه سيد فهو حفيد المهدي من ناحية والده إمام الانصار وراعي حزب الامة الراحل السيد الهادي عبد الرحمن المهدي وحفيده أيضاً من ناحية والدته السيدة رقية عبد الله الفاضل المهدي. ويلفت النظر فيه أيضاً أنه إنسان نبيل كبير وتجلى ذلك من مواقف كثيرة منها أن أحد مقدمي البرامج التلفزيونية حاول مرة أن يستدرجه ليقول كلاماً ناقداً مسيئاً للنظام المايوي وتحديداً لرئيسه جعفر نميري، فقد أفاض السائل في الكلام عن حوادث ود نوباوي والجزيرة أبا في مارس 0791م التي كان أهم تداعيتها مقتل السيد الهادي المهدي والد الدكتور الصادق، الذي خيب توقعات السائل.. فقد تحدث الدكتور ومؤكد أنه كان ولا يزال وسوف يظل في أعمق أعماقه أفظع أشكال الحزن على مقتل والده لكنه لم يسجل سطراً واحداً مما كان يبتغيه السائل الذي أعمته جراحاته الخاصة وانتماءاته السياسية عن الالتزام بالقول المأثور الذي نصه: لكل مقام مقال. ولقد كان الدكتور الصادق الهادي المهدي في ذلك اللقاء التلفزيوني سيداً حقيقياً ولو أنه استغل المناسبة في الهجوم على النظام المايوي والإساءة للرئيس نميري لما لامه أحد. لكنه لم يفعلها فقد سقط النظام المايوي ومات رئيسه وليس من الرجولة محاربة الخصوم بأثر رجعي. وذكرني موقف الدكتور الصادق الهادي المهدي بموقف أو مواقف أخرى لشقيقه الأكبر الراحل الفاضل الهادي المهدي زميلنا في مدرسة القوز الثانوية بكوستي.. ولم يكن صديقي وحدي وإنما كان صديق كل الفصل وكل المدرسة. وما أكثر ما التقينا بعد المدرسة في القاهرة وهنا في أم درمان.. في بيتهم بودنوباوي وفي بيتنا بالثورة وفي بيت الدكتور محمد خضر يعقوب. وكان الفاضل يعرف أنني من ناحية والدتي من صميم آل نميري. فوالد الرئيس هو ابن خال والدتي عديل كده.. ووالدة جعفر نميري ووالدتي بنات خالات.. باللفة فجدة جعفر نميري لامه آمنة خليل نميري وجدتي لأمي هي آمنة أحمد نميري.. بنات عم لزم وأرجو ألا يغالطني في هذه المعلومة العائلية ذلك الذي غالطني مرة عندما قلت إن والد اللواء عبد الغفار نميري ووالد الرئيس جعفر نميري أولاد عم لزم.. ويستغرب المرء فعلاً أن يغالطه أحد في معلوماته العائلية؟!. ثم أعود للفاضل العزيز الغالي المحترم النبيل السيد فعلاً الذي كان رغم معرفته بعلاقتي بالرئيس نميري ورغم أن الرئيس نميري كان يقود النظام الذي قتل والده السيد الهادي المهدي. وإبان العهد المايوي وبعد زواله وعلى كثرة ما ألتقينا فانني لم أسمع منه حرفاً واحداً مسيئاً للرئيس نميري. ولو أنه قال عن نميري ما لم يقله مالك في الخمر لما لامه أحد.. ومؤكد أنه في داخله كان يحمل للرئيس نميري كل الذي يجب أن يحمله كل إنسان لمن هو يقود النظام الذي قتل والده لكنه لم يفصح عن ذلك في وجود أو أمام أهل نميري.. وهذه هي الأصول وهذا هو السودان.. ورحم الله الفاضل العزيز مع أصدق أمنيات التوفيق والعمر الطويل للدكتور الصادق الهادي المهدي.