{ كان الفاضل الهادي المهدي رحمه الله زميلنا في مدرسة كوستي الثانوية وكان فاضلاً فعلاً مهذباً نبيلاً مبتسماً وكان الجميع يحترمونه وكنا ومعنا آخرون نلتقي في المدرسة وخارجها. { وكنا إنتوينا أن نحضر حفلة أم كلثوم عام 1968م بالمسرح القومي المطل على نيل أم درمان وحضرها الفاضل بالفعل ومعه زميلا المدرسة معاوية الصادق حميدة وهاشم أحمد المصطفي وتخلفت أنا. { وقد رافق الفاضل والده السيد الإمام الهادي المهدي في خروجه الأخير من الجزيرة أبا « وأبا وليس آبا كما يقول الأستاذ هيكل»، ولما قُتل إمام الأنصار في الكرمك في أبريل 1970م كان الفاضل في مقدمة مرافقيه وقد حضر الحادث المؤسف لكنه واجه الموقف بكل شجاعة الأنصار. { وبعد فترة في السجن المايوي سافر إلى فرنسا للدراسة. وفي ذات إجازة من الإجازات أشرقت القاهرة بنور السيد الفاضل والسيدة والدته وكان ذلك عام 1974 تقريباً وكنا تلك الأيام نتلقي الطب في القصر العيني وكان علي محمد عمر وبشرى هباني يتلقيانه في جامعة عين شمس والتقينا جميعاً بالسيد الفاضل أكثر من مرة. { ثم عاد الفاضل المهدي إلى السودان وقابل الرئيس نميري ونُشر الخبر مصوراً في الصفحة الأولى من جريدتيْ الأيام والصحافة. { والتقينا خلال هذه الفترة من أوائل الثمانينات كثيراً، هنا في بيتنا بالثورة وفي بيتهم بودنوباوي، ومن المؤكد أنني سألته أكثر من مرة عن تفاصيل الحادث المؤلم الذي حضره، حادث مقتل والده، الورع التقي إمام الأنصار وراعي حزب الأمة الذي تأتمر بإشارته الملايين هناك في الكرمك على الحدود السودانية الإثيوبية. { ولم يرِد على لسان السيد الفاضل قط خلال كلامه، عن ذلك الحادث، ذكر لأية فاكهة من الفواكهة! مفخّخة كانت أو غير مفخّخة. { وهكيل كاتب كبير ما في ذلك شك لكنه ليس متحدثاً كبيراً. وكثير ممن كانوا يقرأون مقاله الأسبوعي «بصراحة» الذي كان ينشره في «الأهرام» كفوا عن متابعة برنامجه التلفزيوني «مع هيكل» الذي بثته قناة الجزيرة. { واستخفاف هيكل بالسودان وحوادثه وبالسودانيين أقدم من ثورة أكتوبر 64، وكراهيته لنميري معروفة ومحبته للقذافي معروفة أكثر. { وكنا نعتقد أنه يستند في مقالاته وأحاديثه على مصادر موثوقة وأنه مثل كل الأصحاء لا يصدِّق كل كلام يسمعه. أما وقد صدّق الأستاذ هيكل أن الإمام الهادي مات مسموماً بالمنقة؟ يصبح من حقنا أن نشك في كل «معلومات» هيكل منذ أيامه صحفياً يافعاً في «الإجبشان جازيت» أربعينات القرن الماضي. ورغم ذلك ولأنه كانت له مكانة فإننا نرجو أن يقنعه أصحابه وأبناؤه بالتوقف فوراً عن الكتابة وعن الكلام في أجهزة الإعلام.