والمغنية تصرّح بأنها ستذهب إلى بيت أبيها إذا لم يجلب لها ذاك الرّز! والرّز بعد خوف زوجها من التهديد الصريح يصبح وجبتنا الرئيسية المزينة بكل أنواع الخضار والبوبار والانتظار أن تنتهي مدّة الإعلان ونعود للرّز (الأصلي) وفلفلته بشكل لا يتناسب وقوام رّز الإعلان المشدود، وأن يكون محشوراً في بطن المحشي، عسى ألا يهدي الله معلنا أو تاجرا لحشوه بغيره! وغير الغناء والسجع (الضعيف) لا تمتلئ إعلانات التلفزيونات المحلية بشيء يحقق أصل قيمة الإعلان كواحدة من مواد دراسة الإعلام المهمة لدرجة قيام وكالات وشركات كبرى عالمياً بكوادر يتم التنافس عليها في سوق الإعلان، وتقام الدراسات النفسية والمجتمعية والورش والتحقيقات فقط لتصميم إعلان ما لمنتج قد ينجح عند نزوله السوق وقد لا! ولا يستطيع أي أحد له علاقة بالإعلام بمختلف ضروبه أن يقلل من قيمة الإعلان أو يدعي مجرد الادعاء بأن الإعلان فئة ليست ذات قيمة أو رسالة أو توجّه كما الصنوف الأخرى. فما تقرره وتقره مقررات مادة الصحافة في كافة المناهج الدراسية العالمية والمحلية يثبت عكس ذلك. لكن الحد الفاصل هو كيف ينفّذ؟ وما هي الرسالة المرسلة عبره؟ - غير الفائدة الاقتصادية طبعاً - وكيف يقرأ الأثر الرجعي منه؟ لتعديله أو تغييره في الرسائل الإعلانية القادمة. والقادم من شرق المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، هو مناقشة عن الإعلان والمعلنين وشركاتهم. وكيفية التوصل لصيغة مناسبة للإعلان الحكومي وذلك من خلال الصحف. وينتهي النقاش ويستمر الإعلان سيّداً للموقف والمكان والزمان. فعلى شاشات الفضائيات ينزل الإعلان كما أراده المعلن ما دام هو يملأ الخزانة التجارية للفضائية بمبلغ يستطيع أن يتم إعادة تدويره لإنتاج البرامج وتوزيع رواتب المذيعين والمعدين والمخرجين... الخ. فتسمح الإدارات بأن نسمع (يا بيت أبوي) ونشاهد سرقة الأطفال للدواليب ونتذوق العدس البدون بهارات! تبهر أموال الإعلانات لا شك! لكنها تؤثر بشكل أو بآخر على السياسة التحريرية في الصحف والفضائيات. وهذا ما يقره (د.هاشم الجاز) من خلال ورشة في أواخر العام الماضي بمجلس الصحافة والمطبوعات. ويزيد الأستاذ (عادل الباز) في ندوة حول مستقبل الصحافة السودانية متحدثاً فيها الأستاذ (طلحة جبريل)، ذاكراً أن الصحيفة تباع مرتين مرة للمعلن ومرة للقارئ! ومع ذلك فإن القارئ يحصل على الإعلان دون المادة التي يتوقعها. الوقائع والحيثيات لإدارة الإعلان بشكل يتناسب مع المبادئ والأعراف قبل القوانين الصحفية، هي مسألة تحتاج إلى جهد ووقت أكثر مما نتوقعه من التغيير بجانب إيمان قوي بأن الإعلان ليس سيئاً كما يصرخ البعض وليس سيّداً كما يحب أن يفرضه علينا البعض. إنما هو دراسة وعلم متقن وذكي وواحدة من مواد الإعلام مثله مثل التحقيق والحوار والمنوعات والأخبار لا يمكن أن يطغى على مادة أخرى لمجرد أنه يجلب المال كإعلان! إعلان واحد استطاع أن يقلب رأس مال شركة خيوط عالمية من المؤشر الأسفل للإفلاس إلى المؤشر الأعلى للربح؛ لرجوعه إلى وحي أصيل من تاريخ الإنسان وهو الحياكة اليدوية لربات البيوت، بعد أن كان يستخدم العارضات الجميلات النحيلات! فالمستهلك لم ير فيهنّ نموذجاً حقيقياً للحياكة إنما مجرد إعلانات. وذات الرّز والعدس وبيت أبوها، ليست نماذج حقيقية لما تريده ربات البيوت وقول أصيل في تاريخنا السوداني يعلن أن (سيدي بسيدو) لكن هل الناس بتريدو؟