أنا راضٍ كل الرضا عن أداء البعثة.. وهذه هي حقيقة الأوضاع في سوريا @@ قناة الجزيرة تكفلت بتأشيرة "أنور مالك" وعرفنا لاحقاً أنه مجرم ومحكوم عليه غيابياً بالجزائر الأزمة السورية تتقدّم كافّة أوجاع أمّتنا العربية بالقدر الذي شغل العالم كله عن القضية المحوريّة للأمّة العربية؛ مسألة فلسطينالمحتلة..!! الإعلام دخل على خطّ الأزمة السّورية بكثافة غير مسبوقة ما صعّب من تبيان الحقيقة لدى الكثيرين، فانخرطوا من وحي التغطيات يرسمون مواقفهم، قبل أن يقود الإعلام الأزمة نفسها بعيداً عن الآليات العربيّة التي تم اعتمادها للتعامل معها، وفي مقدمة هذه الآليات بعثة مراقبي جامعة الدول العربية إلى سوريا التي يترأسها السوداني الفريق أول ركن محمد أحمد مصطفى الدابي. خبرات واسعة ومتنوعة جعلت الدابي أهلاً للمهمة التي يضطلع بها، وقيادة البعثة بكل حيادية واحترافية ومهنية.. فالرجل يعدّ من قيادات القوات المسلّحة، حيث تولى قيادة أشرس العمليات في الجنوب (الميل أربعين) مع الدّبابين عندما كان نائباً لرئيس الأركان للعمليات، ثمّ ممثلاًً لرئيس الجمهورية في غرب دارفور بكامل صلاحيّات الرئيس آنذاك، وقد شغل لاحقاً منصب المدير العام للإستخبارات السودانية ومن ثمّ سفيراً للسودان بدولة قطر. بعد عودته إلى السودان ترأس مفوضيّة الترتيبات الأمنيّة والمنسّق الوطني للقرار (1081) ومنسّق الحكومة مع الاتّحاد الإفريقي، ومساعد ممثل رئيس الجمهورية فى دارفور. الصورة غير واضحة الآن بسبب كثافة التناول الإعلامي، ولنكون قريبين من الحقيقة تنفرد (الأهرام اليوم) - كأول مؤسسة إعلامية - بهذا السبق مع الفريق الدابي، وهي المرّة الأولى التي يجلس فيها سعادته ليجيب على أسئلة وسيلة إعلامية، وهو يرفض لوسائل إعلام عالمية وعربية ولكنه يخصّ (الأهرام اليوم) ويخصّ عبرها أهل السودان بأول حوار صحفي وذلك بعد المكالمة التي جمعته بالأستاذ الهندي عز الدين رئيس التحرير عصر الجمعة الفائتة فإلى مضامين الحوار.. { سعادة الفريق.. نبدأ من النهاية.. صدر قرار من الجامعة العربية بتجميد عمل بعثة المراقبين العرب فى سوريا.. ماتعليقكم على القرار؟ - هذا القرار ناتج عن التصعيد بين الجانبين - الحكومة والمعارضة - الذى حدث خلال الثلاثة أيام الماضية، وما طال البعثة من عدم تعاون، ووفقاً لمجريات الأحداث وتطور نقل القضية إلى مجلس الأمن وبالتالى لابدّ من تجميد عمل البعثة مؤقتاً ومراجعة شاملة للموقف، خاصّة على ضوء ما يستجد من مجلس الأمن ومن ثمّ القرار بسحبها أو استمراريتها، وهو قرار تمّ التشاور حوله مع كافّة الأطراف التى تمثل البعثة ورئاستها. { ما طبيعة مهمّة بعثة المراقبين العرب في سوريا؟ - مهمة البعثة تنحصر في إنفاذ البروتوكول الموقّع بين الجامعة العربية والحكومة السورية وهو يتكون من (5) بنود أساسية؛ مراقبة وقف العنف من أي مصدر كان، ضمان سير المظاهرات السلمية دون تعرض، إطلاق سراح المعتقلين، سحب الآليات والمعدات الثقيلة من داخل المدن وضمان حريّة الصحافة والإعلام ودخولها للعمل في كافة أرجاء الدولة دون قيود. المهمة منحصره في المراقبة بالنظر والتصوير ولا يحقّ للبعثة تتعدى ذلك، بمعنى أنّ البعثة لم تحضر إلى سوريا لإيقاف العنف كما تشير بعض وسائل الإعلام وإنّما المهمّة فقط منحصرة في (مراقبة) وليس لديها صلاحيات بخلاف المراقبة. { إذن نود أن نتعرّف على الدول المشاركة في البعثة وحجم تمثيلها؟ - البعثة بدأت بأعداد بسيطة - (50) فرداً - وبدأ يزداد العدد تدريجياً حتى وصل بتاريخ الثاني عشر من يناير إلى (166) فرداً، رجع عدد منهم لأسباب خاصة وإنسانية، والدول المشاركة في البعثة عددها (15) دولة؛ هي دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية، قطر، البحرين، الإمارات، والكويت)، بالإضافة للجزائر، السودان، مصر، موريتانيا، تونس، المغرب، الصومال، العراق، الأردن، وجيبوتي. { وكيف يتمّ التحقّق من البنود التي حدّدها لكم البروتوكول؟ - تم توزيع الدول لقيادة المجموعات، بمعنى أنّ كلّ مجموعة تقودها دولة - ما عدا الصومال باعتبارها ممثلة بفرد واحد - بالإضافة إلى أنّ أكبر عدد من دولة كان العراق، فلديه قيادة (3) مجموعات، ويليه السودان يقود مجموعتان، وبالتالي لدينا (15) مجموعة، (10) منها تغطي (10) محافظات، وخمسة تغطي كلّ منهما محافظتين، لتقارب المناطق بمعنى الإجمالي (20) قطاعاً تحت مسؤولية (15) مجموعة والمجموعة تتكون من (10) أفراد. { التقارير التي قدّمتموها كيف يتم إعدادها؟ - هذه المجموعات لديها كاميرات ووسائل نقل، بعضها مصفّح، ولديها كافة المعينات المكتبية. في نهاية المدّة يطلب تقييم من كل مجموعة يشترك فيه أفراد المجموعة كلّهم ويرسل إلى غرفة العمليات بالرئاسة بدمشق، وقبل صياغة التقرير يتم استدعاء كل قادة المجموعات لدمشق للمراجعة النهائية معهم مباشرة، ومن ثمّ يصاغ التقرير، مع الاحتفاظ بنسخة من تقرير كل مجموعة مع رئيس البعثة، ومن ثمّ يرسل التقرير للجامعة العربية ويقوم رئيس البعثة بتقديمه للأخوة الوزراء. وهذا ما تم في التقرير الأخير، حيث وضّحت أنّ هذا التقرير لا يكتبه رئيس البعثة، وإنّما هو نتاج جهد كل فرق المجموعة ال(15) بما فيهم الأخوة من دول مجلس التعاون، وقرأت على السادة الوزراء رؤية كل فريق منفصلة للتأكيد أنّ هذا عمل كلّ البعثة، جماعي وليس من شخص واحد. تقريرنا الأخير يغطي الفترة حتى 17/1/2012، وأكّدنا فيه أنّ وجود البعثة ساعد خلال هذه الفترة على انخفاض درجة العنف. بالرغم من استمراريّة هذا العنف في عدّة مناطق ساخنة، إلا أنه وبالتأكيد أقلّ ممّا كان قبل وصول البعثة. بعد التقرير مباشرة - أي الأيام (24، 25، 26) بدأ تصاعد العنف بصورة واضحة، وبالقطع كلّ له أجندته من بيان الجامعة مع قرب عرض البيان على مجلس الأمن، وهو أسلوب مستخدم بعد كل تقرير. { لاحظنا في المرّتين اللتين قدّمتم فيهما تقريريكما تباين التغطية الإعلامية عن ما تقدمونه من تقارير؟ - الإعلام وقبل بداية البعثة لعملها بدأ في مهاجمة البعثة، حتّى قبل أن ينتشر المراقبون..!! وكلّ العالم شاهد تمثيلية المدعو المستشار محجوب، والذي ادّعى أنّه من البعثة وأصيب في حمص، علماً بأنّ البعثة لم تصل هذه المنطقة أصلاً..!! ثمّ واصل في القدح في الفريق أوّل الدابي، وأنّه مطلوب لمحكمة الجنايات، وواصل في اتّهام الدّابي بأنّه كان في الدوحة قبل تعيينه بأسبوع، وواصل في زيادة أعداد القتلى والجرحى بصورة مزرية، وواصل حتّى دبلج أفلاماً قديمة وربطها بالأحداث الحالية، بل وبعض التمثيليات كمن يلبسون لبس المراقب ويدّعون أنّهم موجودون أثناء القصف، وحذف بعض الألفاظ لمن صرّح (فمثلاًً أحد أعضاء فريق المراقبين سُئِل عن مشاهدته لقنّاصة وكانت إجابته: إنْ شاهدت قنّاصة سأبلّغ عنهم فوراً، فتمّ حذف كلمة (إنْ) لتصبح الجملة تأكيد وجود وهكذا، لإثبات ما يريدونه..!! وهذا كلّه عايشناه وتألّم كافّة المراقبين من ذلك، ولا حيلة لهم!! حتّى تصريحاتنا لهم يتم تحريفها أو عدم نشرها، وكلّها لأجندة خاصّة نحن نعلمها. { المراقب المنسحب (أنور مالك) ما حكايته؟ - أمّا في ما يخصّ المدعو أنور مالك فقد حضر للعمل مع البعثة باعتباره تابعاً للمنظّمة العربية لحقوق الإنسان، والتي مقرّها باريس، وأحضرته الجامعة مع آخرين من منظّمات أخرى، وللأسف فقد عمل يوماً واحداً عند زيارة رئيس البعثة ل(حمص)، وبعد التوزيع تمّ عمله ب(حمص)، ومنذ وصوله إلى المحطّة التي يعمل بها ظلّ بالفندق مدّعياً أنّه مريض لمدة (6) أيّام، حيث اتّصلت به شخصياً مستفسراً عن أحواله وعندها طلب منّي أن أسمح له بالعودة للسفر إلى فرنسا للعلاج، ولأنّ زوجته مريضة وكذا ابنته، وأنّه ينزف دماً، وعلى الفور وافقت له وطلبت حضوره، حيث قابلته أحسن استقبال، ووجّهت بإكمال إجراءاته الإدارية من نثريات وتذاكر، إلا أننا فوجئنا به في اليوم الثاني مساءً في قناة الجزيرة، حيث إنّه لم ينتظر تذاكر السفر، وسافر مباشرة من دمشق إلى الدوحة، وقال الكثير الغثّ من الحديث والأكاذيب والاتهامات الباطلة، بل لم يسلّم عهدته من أدوات خاصة بالبعثة..!! ولم نرد على مثل هذا حديث، لأنّ ما قاله غير أخلاقي، ولا يشبه الرجال الذين يمثلون (13) دولة عربية، وبعدها - ومن ما وصلنا من معلومات - علمنا أنّه مجرم ومحكوم عليه (15) سنة سجناً غيابياً في الجزائر، وله الكثير من الجرائم، بل وتبرّأت منه المنظّمة التي ينتمي إليها. وبالتقصّي علمنا أنّه دخل دولة قطر بناءً على تأشيرة بكفالة الجزيرة وبتذكرة على حسابها وهذا يكفي!! { المبادرة العربيّة جاءت تطرح طرحاً مغايراً لتقريركم، ما طبيعة ما يحدُث؟ - من المفترض أن يكون القرار في تقرير البعثة فقط، ورغم أن البعثة جدّد لها وتم التأمين على دعمها، فقد أضيفت الفقرة (4) كما تعلمون والتي تتحدّث عن المعالجة، علماً بأنّ البعثة من المفترض أن يكون دورها تهيئة الأجواء للحوار السياسي للوصول إلى المعالجة ولكن.... { ما حقيقة الوضع الآن في سوريا؟ - بعد اجتماع المجلس الوزاري الأخير، وبخاصة أيام (24، 25، 26) يناير، تداعت الأحداث ووضعت البعثة في موضع حرج، فقد تزايد العنف بصورة ممنهجة وذلك لأسباب أعلمها جيداً، وواضح أنّ هناك مسرحاً يعدّ يستبق جلسة مجلس الأمن نهاية هذا الأسبوع الحالي، وستبدي لك الأيام ما كان خافياً ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد..!! { هل أنت راضٍ عن أداء البعثة؟ - كل الرضا والحمد لله.. من كافّة أفراد البعثة، فقد كانوا مميّزين وصادقين ومحايدين. حتّى الأخوة الذين غادروا من دول مجلس التعاون كانوا قمّة في الإخاء والصّدق، علماً بأن منهم عدد (4) أفراد كانوا رؤساء مجموعات ممن شاركوا في التقرير الأخير، وكلّ ما قيل من كافة رؤساء المجموعات وهؤلاء الأخوة محفوظ لدينا بحمد الله. فلهم ولإخوانهم جميعهم كل الشكر والتقدير والتجلّة. { حديث الدكتور عصام أحمد البشير في خطبة الجمعة الفائتة بمسجد النور وهو يتعرّض لتقريركم، هل تراه يصيب الحقيقة أم يجافيها؟ وبماذا تردّ عليه؟ - لقد تحدّثت مع الدكتور شخصياً ووضّحت وجهة نظري وذكّرته بالآية القرآنية (فتبينوا) وكنت أتوقّع منه أن يتّصل بي لمعرفة الحقيقة بدلاً من معلومات الإعلام الأجنبي الذي يعلمه أكثر مني ويعلم أجندته، وأنّ شهادته من طرف واحد، وأخبرته أنّ ما قاله يجافي الحقيقة في حقّي ولا يشبهني، ورحم الله امرئاً عرف قدر نفسه، كما أوضحت له كل ما كان مخفيّاً عنه، ولا أحمل تجاهه شيئاً والحمد الله. { هل تتعرّضون لضغوط؟ - لم نتعرّض لأيّ ضغوط، ولم نسمح بذلك بإذن الله. لم أتعرّض لأي ضغوط من أي جهة كانت والحمد الله. { رئاستك للبعثة تمثّل وطنك، هل كلّ ذلك في حسباتكم؟ - السودان في حدقات العيون دائماً، وأهله بالقطع يعرفون رجالهم حقّ المعرفة، ولن يغيّر التشويه الإعلامي أيّ شيء، فالذهب لا يصدأ، وأهل السودان من هذا المعدن، وأنا منهم وبهم ولهم، وأفخر بتمثيله في هذه المهمّة رغم أن بالسودان العشرات بل المئات ممّن هم أفضل من الدّابي، وكلّهم بإمكانهم تمثيل الوطن، ولكن شاءت الأقدار أن يكون الدابي، فهو لها والحمد لله، وسيظلّ كما هو معدنه. { انسحاب المراقبين من دول الخليج، ما تعليقكم على ذلك؟ - كما قلت ولن أزيد عليه؛ أنّه أثّر نفسياً في زملائهم بالميدان، بل وأثّر فيهم أنفسهم ولا تعليق أكثر..!! { ما أبرز ما أنجزته بعثتكم منذ وصولها إلى سورية؟ { أبرز إنجازاتنا السياسيّة هي ترسيخ الحلّ العربي داخل البيت رغماً عن تدافع الإرادات. وفي مجال إنفاذ البروتوكول تمّ سحب المظاهر المسلّحة من المدن، ووقف العنف وتقليل نسبته قبل التقرير، وبعده تدهورت الأمور كما أشرت، والإفراج عن عدد من المعتقلين، وفتح المجال أمام الإعلام. أمّا الجانب الإنساني - وهو غير مشمول برحمة البروتوكول - فقد قمنا بالكثير منه، وهي الأشياء التي سيذكرها الشعب السوري. { (تقرير الدابي) عبارة نسمعها ونقرأها بصورة كثيفة في وسائل الإعلام، ما وقعها لديكم؟ - الدابي لا يكتب التقارير، من يكتبها قادة ورؤساء القطاعات المنفتحة في سوريا، وما على الدّابي إلا تنسيق ما كتبوه وقالوه ليقدّم في شكل تقرير للجامعة. { ماذا تقول للشعب السوداني في ظل ما تتعرّضون له من حملات إعلاميّة؟ - أنتم تعرفون رجالكم صادقي الوعد، رافعي الرأس، وسيظلّون في تفانيهم من أجل رفعة هذا الوطن وإبعاد الأذى عن إخوانهم العرب أينما كانوا، مهما تكالبت عليهم الأمم، ولنا فيما حدث لنا في السودان ولغيرنا من الدول العربية عبرة لا يراها إلا ذو بصر وبصيرة، ونسأل الله أن يجعلنا من أهل البصر والبصيرة، ولكم الشكر.