قال أحد السياسيين العراقيين إن رئيس الوزراء نوري المالكي ديكتاتور وإن رئيس الجمهورية السابق صدام حسين كان ديكتاتورا لكنه كان ديكتاتورا يبني أي أنه كانت له إنجازات وأنه من الناحية العمرانية التنموية أحد بناة العراق الحديث. وما لم يقله السياسي العراقي هو أن ديكتاتورية الرئيس صدام أفضت في النهاية إلى احتلال العراق وهو أسوأ ما يمكن أن يقترفه حاكم في حق بلده وشعبه. وإذا كان الاحتلال كما قد يرى البعض لا يلغي الإنجازات التي حققها الديكتاتور فإنه يقلل كثيرا من قيمتها وترى الغالبية أن عدم الإنجاز مع استمرار الاستقلال أفضل من الإنجاز الذي يقود إلى الاحتلال وضياع الحرية. وفي العالم الثالث عموما فإن القدر الأكبر من الإنجازات تحقق في النظم والعهود الديمقراطية ولا يقدح ذلك في الديمقراطية التي عندما كانت تسود في أقطار العالم الثالث فإنها كانت تفتقر إلى أهم ما يمكنها من الاستمرار ومنه التعليم والصحة والحد الأدنى من مطالب الحياة اليومية والدستور المجمع عليه والأمن وتحديد دور الجيش في البلد. ويلاحظ أنه حتى إذا ما تحدد هذا الدور فإن الجيش عند نشوء الفوضى والانفلات الأمني والفساد لا يقف متفرجا لكنه يتدخل بل إن الجماهير تحرضه على هذا التدخل وعندما يتولى الأمر فإن الناس يشعرون بالارتياح ويخرجون إلى الشوارع هاتفين للحكام الجدد. ويقولون إن الانقلاب العسكري أصبح من أخبار التاريخ وإن حدوثه الآن مستحيل فقد انتشر السلاح في أيدي الناس. وبعض الأحزاب والحركات السياسية أصبحت أحزابا وحركات مسلحة كما إن القوى الكبرى في العالم أصبح لها رأي سلبي في الانقلابات العسكرية وقد كانت بعض هذه القوى هي التي ابتدعت فكرة الانقلابات العسكرية أو أنها كانت وراء كثير منها في الشرق الأوسط وفي أمريكا اللاتينية منذ أربعينيات القرن الماضي. ولم يكن الديكتاتوريون جميعا ضباطا فصدام حسين مدني لم يلتحق بالكلية الحربية ولم يكن في أي فترة من حياته جنديا محترفا وكان يمكن بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية عام 1977م أن يكون هو القائد الأعلى للقوات المسلحة مثل ما يحدث في بقية بلدان العالم محتفظا بمدنيته وبزيه المدني لكنه فرض نفسه ضابطا بل مشيرا يرتدي الزي العسكري المهيب ويخاطب به الشعب والجيش المحترف. وكان ماركوس ديكتاتور الفلبين المشهور مدنيا والآن يقول أحد الساسة العراقيين إن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وهو مدني ديكتاتور وإذن فإنه ليس بالضرورة أن يكون الديكتاتور من أبناء المؤسسة العسكرية فقد أتى ويأتي كثيرا من خارجها لكنه أحيانا أي الديكتاتور المدني كما في حالة الرئيس صدام يكون أفظع من الديكتاتور العسكري. لقد أفضت ديكتاتورية صدام إلى احتلال العراق وأدت ديكتاتورية الضابط عبدالناصر إلى بناء مصر الحديثة واحتلال سينا وأدت ديكتاتورية الضابط القذافي إلى فضيحة شخصية لا نظير لها وإلى تدمير بلده وتبديد موارده وقال صاحبي هناك ديكتاتوريات تخللتها أخطاء لكنّ أداءها كان معقولا ثم إنها حافظت على استقلال الوطن ومن هذه الديكتاتوريات ديكتاتورية الفريق عبود وديكتاتورية المشير نميري.