قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    النصر الشعديناب يعيد قيد أبرز نجومه ويدعم صفوفه استعداداً للموسم الجديد بالدامر    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    فاجعة في السودان    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    أكوبام كسلا يعيد قيد لاعبه السابق عبدالسلام    الأمر لا يتعلق بالإسلاميين أو الشيوعيين أو غيرهم    الخارجية: رئيس الوزراء يعود للبلاد بعد تجاوز وعكة صحية خلال زيارته للسعودية    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل رئيس وزراء السودان في الرياض    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تنفجر غضباً من تحسس النساء لرأسها أثناء إحيائها حفل غنائي: (دي باروكة دا ما شعري)    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى الرابعة لإعدامه شنقاً : صدام حسين ورحلة النهاية الأسطورية(3)
نشر في الأهرام اليوم يوم 01 - 01 - 2011


فريق أول جعفر حسن محمد أحمد
ج/ الفوضى التي تسود معظم أجواء المحكمة، حيث يبدو المتهمون في بعض الأحيان مسيطرين على أجواء المحكمة والقضاة يبدون كمتهمين ويرجع هذا إلى هيكلة المحكمة الجنائية المختصة والتي هي هجين أو خليط من القوانين العراقية والعالمية ولا تتوفر خبرة أو ممارسة كافية للقضاة في مثل هذا الهجين القضائي، وعلى سبيل المثال في قوانين العدل العراقية لا يسمح للمتهم على الإطلاق بمناقشة الشهود أو مناقشة القاضي، بل لا يسمح حتى للمحامي عن المتهم بمناقشة الشهود وإنما تتم هذه العملية كلها من قبل القاضي والذي له دور رئيسي ومركزي في إدارة الجلسات في هذه المحكمة بإمكان المتهم والمحامي عنه مناقشة الشهود وهي ظاهرة غريبة ودخيلة على القضاء العراقي، يعزو البعض هذه الظاهرة إلى محاربة المحكمة بإعطاء انطباع بأنها تستعمل المعايير الدولية. ومن الجدير بالذكر أن قضاة المحكمة الجنائية المختصة تلقوا تدريبات خارج العراق من مختصين عدليين أمريكيين.
د/ السيطرة على البث التلفزيوني للمحاكمة حيث تشرف عليه شركة أمريكية ولا يتم النقل حياً على الهواء وإنما بتأخير «20» عشرين دقيقة ويتم قطع لقطات معينة منها خاصة عندما يتكلم المتهمون حيث لم يحصل أي قطع للبث أثناء إفادة الشهود «المشتكين». وتعتبر المحكمة هذا الإجراء مناسباً لأسباب أمنية، بينما يعتبره البعض محاولة تزوير التاريخ.
تألف فريق الدفاع عن صدام حسين من «22» محامياً ويتخذ من عمان عاصمة الأردن مقراً له ويترأس هذا الفريق المحامي الأردني «زياد الخصاونة» وقد عبر الخصاونة مرات عديدة عن معاناة فريق الدفاع حسب تعبيره في إجراء لقاءات مع صدام حسين. وزعم الخصاونة أنه تعرض إلى التهديد بالقتل من قبل جماعات عراقية وبسبب قوانين العدل العراقية التي لا تجيز لمحام خارج العراق بأن يكون المحامي الرئيسي لمتهم يحمل الجنسية العراقية فإن المحامي «خليل الدليمي» انيطت به مسؤولية محامي الدفاع الرئيسي ويعتبر «الدليمي» العراقي الوحيد بين فريق الدفاع عن صدام حسين. والجدير بالذكر ان القانون العراقي يجيز تمثيل محامين غير عراقيين لمتهمين عراقيين شرط أن يكونوا مستشارين للمحامي الرئيسي والذي يجب أن يكون عراقياً وقد زعم «الدليمي» انه أيضاً تلقى رسالات تهديد متعددة بالاغتيال.
وقد أبدى «الدليمي» اعتراضاته من أنه لم يتم الإبقاء على هوية فريق الدفاع سرية بينما يتمتع محامي الادعاء بسرية تامة وهنالك محامون دافعوا عن صدام حسين سواء أكان لك داخل هيئة الدفاع أو خارجها منهم : «رمزي كلارك» وزير العدل الأمريكي الأسبق ووزير العدل الأسبق في قطر الأستاذ «نجيب والنعيمي» و«عائشة القذافي» و«أحمد بن بلا» و«مهاتير محمد» «وكيرش دوبلر» من الولايات المتحدة «وايمانويل لوت» من فرنسا و«مارك هيبترلين» من سويسرا «وجيوفاني ديستفانو» من المملكة المتحدة وقد استطاعت هذه الهيئة أن تفضح كل مخالفات المحكمة وانتهاكاتها وخاطبت أغلب الشخصيات والمنظمات والهيئات الدولية بالإضافة إلى زعماء العالم وفي أثناء سير المحاكمة تمت تصفية وقتل بعض المحامين وهم «خميس العبيدي» نائب رئيس هيئة الدفاع «في عام 2006م» و«سعدون الجنابي «وعادل الزبيدي» في عام 2005» اغتيال المحامين هذا من فريق الدفاع أطاح بضمانات التحالف والحكومة العراقية أنه بإمكانهما ضمان أمن المشاركة كما قاد ذلك أيضاً إلى مقاطعة مؤقتة للمحاكمة من جانب المحامين وعزز من المطالب بنقل المحكمة إلى خارج العراق.
كشف دكتور خير الدين حسيب مدير مركز دراسات الوحدة العربية عن لقاء أخير تم بين الرئيس العراقي الأسبق ووزير الدفاع الأميركي الأسبق رامسفيلد وفي هذا اللقاء الساخن والذي تبودلت فيه أقسى الكلمات والأحاديث وبرزت فيه روح التحدي والجسارة وقوة المنطق التي واجه بها صدام وزير الدفاع الأمريكي عرض الوزير الأمريكي على صدام حسين عرضاً يتضمن الإفراج عنه وأن يختار لنفسه منفى اختيارياً في أي بلد يشاء على أن توفر له ضمانات العيش الكريم من مال وأمن له ولأسرته وأن يتم إشراك عناصر مقربة منه في الحكم مقابل أن يظهر صدام على شاشات التلفزيون ليعلن إدانته للإرهاب وأن يطلب من رجاله الكف عن ممارسة المقاومة.
وفي لغة فيها الكثير من التحدي والتعالي قدم صدام شروطه والتي تتضمن:
أ/ الانسحاب الأمريكي من العراق وفق جدول زمني وأن تلتزم أمريكا بهذا الانسحاب أمام العالم.
ب/ الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين العرب والعراقيين في السجون.
ج/ التعهد بتقديم تعويضات كاملة عن الخسائر المادية التي لحقت بالعراق وشعبه من جراء العدوان الأمريكي من العام 1991م وتحت إشراف لجنة دولية محايدة.
د/ استرداد أموال العراق التي تم نهبها من قبل القوات الأمريكية ويشمل ذلك النفط.
ه/ إعادة الآثار التي تم سرقتها.
و/ أن تسلم الحكومة الأمريكية أسلحة الدمار الشامل التي وجدتها بالعراق «حسب الزعم» مع إعادة كل حياة الشهداء الذين أزهقت أرواحهم وأن ترد أمريكا شرف الماجدات العراقيات التي تم سلبها.
كان رد رامسفيلد على هذه الشروط والمطالب، أنها تمثل نوعا من السرية وبالرغم من ذلك واصل الحوار وقدم عروضاً أكثر إيضاحاً وذلك أنه قال: أنهم بصدد إعادة تقييم الموقف الأمريكي بالنسبة للعراق والقوى الأخرى التي تناصب أمريكا العداء في الماضي وكذلك أنهم قرروا التحاور مع كافة الفصائل الإسلامية من المعتدلين وليس لدى أمريكا مانع من وصول الإسلاميين إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع والانتخاب وأن قنوات الحوار تشمل منظمات إرهابية مثل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وأي منظمات أصولية أخرى في العالم ويشمل أيضاً مشروع الانفصال حركة طالبان ودراسة مشاركتها في السلطة مقابل التخلي عن السلاح وبالنسبة لعملية الانسحاب من العراق قال رامسفيلد يمكن بحث إعادة الانتشار ويمكن سحب القوات من الشوارع والمدن على أن تبقى في القواعد التي أعدت من قبل لفترة من الوقت، وأضاف رامسفيلد موجهاً حديثه إلى صدام أنه بعد الإفراج عنه سوف تتاح له الفرص للتشاور مع أمريكا في كل ما يخص الحكم في العراق. وذكر وزير الدفاع أن الهدف من اللقاء والعروض التي قدمت من خلاله هي محاولة للتفاوض وإعادة التقييم لوقف الدماء التي تتدفق من كلا الجانبين.
وبالرغم من هذا العرض تمسك صدام بشروطه ولم يتزحزح عنها قيد أنملة وما زال على موقفه وصلابته ولم يبق لصدام سوى الشرف والكرامة، والشرف لا يباع ويشترى. وأكدت المصادر أيضاً أن صدام حسين تمت مساومته أمريكياً على ضمان محاكمة له لا تتضمن الإعدام مقابل الإدلاء بالشفرة الخاصة بأرصدته المالية في الخارج ليتم التصرف فيها وسحبها دون الحاجة إلى أوامر شخصية منه وأيضاً رفض الطلب والعرض بالرغم من الضغوط النفسية والجسدية والترغيب والترهيب الذي مورس معه وذكر أيضاً محامي الدفاع «خليل الدليمي» أن كل من «برهان صالح » نائب رئيس الوزراء العراقي السابق و«فلاح النقيب» وزير الداخلية الأسبق في حكومة «إياد علاوي» قد زارا صدام حسين في معتقله وجلسا معه ولمدة عشر دقائق في محاولة لفتح ملف الدور السياسي المستقبلي لصدام حسين ورجاله ولكنه وأمام إصرار صدام على عدم التحدث معهما وبعد عشر دقائق غادرا المكان دون الإساءة لصدام وهذا ما أكدته أيضاً الحماية الأمريكية الخاصة به.
«في 5 نوفمبر 2006» أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا قرارها القاضي بالإعدام شنقاً على المدان صدام حسين وكذلك أصدرت نفس الحكم الإعدام شنقاً على المدانين «برزان إبراهيم الحسن» مدير جهاز المخابرات الأسبق و«عواد حمد البندر» رئيس محكمة الثورة وأما «طه يس رمضان» فقد حكم عليه بالسجن مدى الحياة. بالنسبة لباقي المتهمين بالقضية فقد حكم على «علي دايح» «وعبد الله كاظم» «مزهر عبد الله» بالسجن 15 عاماً كما أفرجت عن المتهم محمد عزاوي لعدم كفاية الأدلة. «وفي 26 ديسمبر 2006م» أصدرت الهيئة التمييزية في المحكمة الجنائية العراقية العليا قرارها القاضي بتثبيت حكم الإعدام على صدام حسين وبرزان إبراهيم وعواد حمد البندر وأوصت بتشديد العقوبة والحكم على طه يس رمضان ..
وهكذا أصبح لزاماً على الحكومة العراقية تنفيذ حكم الإعدام شنقاً على صدام وأعوانه خلال ثلاثين يوماً تبدأ من «26 ديسمبر 2006». قرار إعدام صدام اتخذ بالفعل خلال القمة المثيرة للجدل التي عقدها «نوري المالكي» رئيس الوزراء العراقي مع الرئيس الأمريكي بوش في العاصمة الأردنية عمان وكان التنفيذ مسألة وقت. ويقول الأستاذ مازن شندب في كتاب الأعاصير عام 2007م إن سيناريو هذا الفعل الاستباقي الإيراني يبدأ في الموقف الذي اتخذه مقتدى الصدر بتعليق عضوية وزرائه في الحكومة فيما لو تم اللقاء نفذ مقتدى الصدر تهديده بعد حصول اللقاء بين الرجلين ولكن الصدرين عادوا إلى الحكم في 21/12/2006م وسبب هذه العودة وقبل إعدام صدام بأيام قليلة تعود إلى ذلك التهديد الذي وجه مقتدى الصدر.
لنوري المالكي قبل أن يتوجه الأخير للقاء بوش وتقول الرسالة الصارمة: إذا لم يسمح الأمريكيون بإعدام صدام حسين في أول أيام عيد الأضحى، فسيعلن شيعة العراق الحرب على أكثر من «150» ألف جندي في العراق». وبالطبع لم يكن أمام بوش من خيار سوى القبول الاضطراري بتهديدات مقتدى الصدر وهو القبول الذي عكسه مقتدى الصدر بعودة وزرائه إلى الحكومة. وتشير المصادر الأمريكية في محاولة لإلقاء مسؤولية ارتكاب جريمة قتل رئيس الدولة الشرعي بكاملها إلى حكومة الاحتلال الموالية لإيران، إلا أن عدداً من كبار الضباط الأمريكيين ضغطوا على السفارة الأمريكية للاتصال بواشنطن لتأجيل تنفيذ عملية قتل صدام.، تذهب هذه المصادر إلى حد القول إن بعض هؤلاء الضباط أوحى أنه سوف يرفض تسليم صدام للعراقيين، وأن الحاكم الأمريكي الفعلي بالعراق «زلماي خليل زاد» سفير أمريكا في المنطقة الخضراء قد فشل في إقناع المالكي بتأجيل عملية القتل، وتقول المصادر ذاتها في تشخيص هو أقرب إلى الحقيقة إن زعماء المليشيات الشيعية المهيمنة على حكومة الاحتلال قد وقعوا على صفقة مفتوحة مع الرئيس بوش لدى زيارته إلى الأردن وشارك في هذه الصفقة نوري المالكي، وعبد العزيز الحكيم ، ومقتدى الصدر، بصورة غير مباشرة عن طريق نوري المالكي. في يوم الجمعة 29/12/2006م أكد رئيس الوزراد نوري المالكي في كلمة لدى استقبال مجموعة من عائلات الضحايا في عهد صدام. إنه بعد تصديق محكمة التمييز العراقية على حكم الإعدام الصادر بحق صدام حسين من قبل المحكمة الجنائية العليا فإنه لا مراجعة ولا تأخير في تنفيذ حكم الإعدام في صدام حسين وأعوانه وقال «من يرفض إعدام صدام إنما يستهين بدماء الشهداء» مؤكداً على أنه لا يمكن لأحد نقض الحكم أو تأخيره بعد الآن .وهذا كان رئيس الوزراء نوري المالكي هو الذي وقع على قرار الإعدام على صدام حسين، بدلاً من الرئيس العراقي جلال الطالباني في مخالفة صريحة للقانون العراقي الذي يشترط موافقة الرئيس ونوابه، ومن جهته أكد الرئيس العراقي «طالباني» أنه لم يكن يعلم بمكان وزمان إعدام صدام حسين، نافياً بذلك تسريبات إيرانية نسبت له كلاماً يشير فيه إلى أنه تم التعجيل بالإعدام خوفاً من تهريب صدام، مشددا على أنه أبلغ رئيس الوزراء نوري المالكي ، الذي وقع على قرار التنفيذ الجمعة 29/12/2006م أنه لا يتدخل في قرار المحكمة الخاصة التي أصدرت الحكم، ومن جهة أخرى أكد مسؤول عراقي مقرب من رئيس الوزراء المالكي، أن قرار توقيت تنفيذ حكم الإعدام اتفق عليه في اجتماع بين مسؤولين عراقيين وأمريكيين، وقال إن الجانب الأميركي قرر تسليم الرئىس المخلوع إلى الجانب العراقي قبيل إعدامه. وفيما بعد أكد «زيجنيد بريجسكي» مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق أن عملية إعدام صدام حسين تمت باتفاق أمريكي مع الحكومة العراقية، وأن واشنطن تتحمل قدراً من المسؤولية فيما حدث. وأكد أيضاً عضو في مجلس النواب العراقي وثيق الصلة بنوري المالكي، أن مسؤولين أمريكيين اقترحوا تأجيل تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في الرئيس صدام ولمدة 15 يوما، ولكن المالكي أصر على تنفيذ الحكم في اليوم اللاحق السبت 30/12 أو بعد عطلة العيد مباشرة كأقصى حد ، في إشارة منه إلى مخاطر أمنية تحيط بالعاصمة في حالة تأجيل التنفيذ . وأكدت مريم الريب مستشارة رئيس الوزراء نوري المالكي لشؤون العلاقات الخارجية لصحيفة (الحياة) إن الحكومة تأخرت ثلاثة أيام في تنفيذ حكم الإعدام بالرئيس صدام حسين، مشيرة إلى أن ضغوطاً شديدة قد مورست على الحكومة العراقية من أطراف إقليمية وأخرى دولية، خصوصاً أن الأنباء كانت تتحدث عن صفقة بموجبها يتم إطلاق صدام حسين أو تهريبه لقاء مبالغ مالية كبيرة . ومن جانب آخر قال النائب سامي العشري عضو كتلة الائتلاف وأحد الشهود الذين حضروا عملية الإعدام ذكر أن المالكي أخذ على عاتقه هذه القضية كاملة، وتابع تفاصيل القرار الذي اتخذه بشكل شخصي، وأضاف أن المالكي أرسل في اليوم ذاته الجمعة 29/12 وفداً من مكتبه للتفاوض مع القوات الأمريكية لتسليم صدام، وأكد العسكري أن المفاوضات استمرت حتى منتصف الليل في ذلك اليوم، قبل أن تسفر عن موافقة الجانب الأمريكي، وقد تم خلال تلك المفاوضات تحديد وقت التسليم وآلياته، وذكر عضو كتلة الائتلاف العسكري إلى أن زفاف نجل المالكي كان في ليلة إعدام صدام، إلا أن المالكي أولى موضوع المفاوضات اهتماماً أكبر بكثير من زفاف ابنه.
اثناء تلاوة قرار المحكمة الجنائية العراقية والقاضي بإعدام صدام حسين، بدأ صدام بمقاطعة الحكم ضده.. وعلا صوته قائلاً : «الله اكبر اللعنة عليك وعلى محكمتك ..» وذلك احتجاجا على الحكم. في يوم الثلاثاء 26/12/2006م أصدرت دائرة التمييز في المحكمة الجنائية العراقية، حيثيات حكمها بالتصديق على إعدام الرئيس صدام حسين شنقاً حتى الموت، لارتكابه جرائم ضد القانون الإنساني والدولي. الخميس 28/12/2006م يودع صدام اثنين من إخوته غير الأشقاء، وطبان وسبعاوي المحتجزين أيضاً في معسكر كروبر قرب مطار بغداد، وكان صدام بعد أن قابل أخويه ذا روح معنوية مرتفعة ومن الواضح أنه يجهز نفسه وقال لأخويه: أنه سعيد لأنه سوف يلقى حتفه على أيدي أعدائه ويصبح شهيدا، وبعد أن ودع أخويه في المعتقل تم تجريده من ملابسه ومقتنياته وإلباسه البدلة البرتقالية الخاصة بالمحكوم عليهم بالإعدام، وفي نفس اليوم كان اللقاء الأخير بين صدام وهيئة الدفاع من المحامين، وقد بدا صدام رابط الجأش واثقاً بنفسه إلى أقصى درجة وكان يبدو ساخراً من الحكم حين قال : «هذا الأمر لا يزعجني بل أحمد الله على كل شبء. فمهما يكن الثمن فإن كل هذا قليل على العراق، لقد انفضح أمر أعدائنا وظهرت وجوههم على حقيقتها ).
نواصل
خبير وباحث في الشؤون العسكرية والسياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.