اندهش لأحدهم يشيد عمارة شاهقة بمليارات الجنيهات، ثم في المقابل يعجز عن دهنها من الخارج، ليعلم السادة الملاك أن نصيبنا من عمائرهم تلك هو ما يصيبنا بالخارج من تلوث الذوق العام، ويفترض والحال هذه أن يكون هنالك قانون محلي يحمي أذواقنا فنحن جموع المارة نتأذى من الأدهنة الصارخة ومن البنايات الكئيبة التي لم يعرف الدهان طريقاً إليها! وهل يعيدنا هذا من جديد إلى جدلية «الخرطوم عاصمة بلا هوية معمارية وبلا شخصية». كنت ذات مرة بصحبة زميلنا الصحفي عثمان محمد محجوب والذي قايض مؤخراً الصحافة بالنفط، الصحافة مقابل النفط كنا نرتحل إلى مدينة عطبرة ومعروف عن صديقنا عثمان امتلاك ناصية الحكاوي والطرف، فاشترطت عليه في بداية الرحلة أن أتحمل أنا عبء قيادة السيارة من الخرطوم إلى عطبرة، على أن يتحمل هو عبء الكلام أثناء الرحلة، فمؤسسة الملاذات تنتمي إلى مدرسة «الصمت والاستماع» مما قلل فرصي في إنتاج «صناعة الكلام»، برغم ذلك تمكن صديقنا عابد سيد أحمد مدير فضائية الخرطوم من «جرجرتنا» إلى شاشته الأثيرة، انتهت الآن إلى دخول استديو «المقهى الصحفي» للمرة السادسة، وكما يقولون على الهواء مباشرة فالحلقة الواحدة تعدل عندي ستين مقالاً، فلقد ظللنا نكتب بانتظام لأكثر من عقد من الزمان دون أن يسألنا أحد. «ماذا كنت تلبس وأنت تكتب»! لأكتشف الآن فقط أني أعاني «أزمة قمصان فضائية»! «الحديث بالقمصان المزركشة»! وهذه تعيدني إلى تلك الأبيات الحلمنتيشية الشهيرة.. ننسى ونمثل هو التمثل كفر ننسى بيوتنا المبنية بالجالوص المدهونة بروث البهائم والبقر وألبس قميص عجيب ألوانه ذي صوت المطر في بطنه شجرة وديك يعوعي وخلا حافيها الشجر ننسى ونمثل هو التمثيل كفر والشيء بالشيء يذكر في إحدى حلقاته التوثيقية قال الأكاديمي دكتور حسن مكي: كنت ببريطانيا لما أهداني أحد الأصدقاء الباكستانيين «دستة قمصان» كأنها قميص واحد وهي تتفاوت في بعض خطوطها الرفيعة، قال: «فرجعت للسودان وطفقت ألبس من تلك القمصان حتى صاح التيجاني عبدالقادر يوماً: «يا جماعة قبل ما نبدأ اجتماعنا هذا تعالوا نجمع قروش نشتري بيها قمصان للأخ حسن مكي منذ عودته من بريطانيا وهو يلبس قميصاً واحداً!». قال: «فأخبرتهم بأمر تلك الدستة من القمصان المتشابهة»! وبالمناسبة أين مدير جامعة أفريقيا العالمية، رجل القرن الأفريقي البروف حسن مكي.. أين هو من «حرب المذكرات» التي تشتعل في الحركة والحزب، فلقد كان الأستاذ مكي ناشطاً في الحركة الإسلامية لدرجة ارتقى فيها ذات يوم مهيب «ليكون رسول شيخ حسن للإمام الخميني»، غير أن حسن مكي الآن خارج الكشفين؛ «كشفا الوطني والشعبي»، خارج أسوار «الحيشان الثلاثة»؛ «حوش الحركة وحيشان المؤتمرين». كانت تلك الوزيرة الولائية تسترد تفاصيل سيرتها الذاتية فذكرت في السياق أن ولدها وبنتها يعملان بأحد البنوك فتساءلت في نفسي كيف أمكن لها أن توظف ابنيها بمؤسسة مصرفية واحدة، لتذكر في نهاية ذلك السرد، أنها كانت تعمل مستشارة بتلك المؤسسة، فربما استشارت عليهم يوماً بتوظيف أولادها، ومع ذلك لم نستنكف من أن نجعلها على خزائن الأرض، بالأمس وفي هذه الصحيفة نفسها جدد أحد «الضيوف الكبار» ذات المقاطع الحزينة وهو يقول «إنه لما غادر منصبه الولائي أكرمته الحكومة بمزرعة وهو لا يملك غيرها من مزارع»، أعني الأمين العام للنهضة الزراعية الذي يمتلك مزرعة واحدة، لا أعرف إن كان السيد عبدالجبار بهذه الإفادة يبرئ ذمته أم يدخلها إلى دائرة الهواجس والظنون، برغم أنه معروف عن الرجل سيرته ومسيرته الناصعة إلا أن الزراعة أعيت من يداويها. مخرج.. مهداة للسيد باقان مع التحايا: ود بيت المحل ما تكوس معاه موده ما ننغش بي رزقة عمره الحجر ما انكده كل يوم العرق لي اصله ياخد مده مو قضاي غرض ود الإيدو خاتيه المده