أكد مستشار رئيس الجمهورية؛ الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، أن عدم مشاركة أمريكا وفرنسا في مؤتمر تركيا سيكون في مصلحة السودان، لافتاً إلى أن هناك خلطاً بين دعم قطر لدارفور ودعمها للسودان، مشبهاً «أوكامبو» بالكلب السعران الذي سيظل يعوي طالما أنه لم ينل من فريسته، معرباً عن عدم تفاؤله بعلاقة جيدة بين الشمال والجنوب في ظل دعم جوبا لتمرد الشمال، مؤكداً أن الجنوب هو الخاسر الأكبر من دعم التمرد.. وخيّر جوبا بين الاتفاق مع الخرطوم وبين ترحيل نفطها كما تشاء، معتبراً الدستور هو قرار الشعب السوداني، وأن أي اقتراحات في هذا الموضوع تمثل حراكاً إيجابياً يصب في النهاية في المسودة النهائية لدستور البلاد الفعلي، ورأى أن التغييرات الأخيرة بالمؤتمر الوطني صحيَّة، وأنها ربما قد تكون تأخرت، مشدداً على أنه لا يوجد مُحصن من الأخطاء ولا من الربيع العربي.. وقال الدكتور مصطفى عثمان في حواره مع (الأهرام اليوم) إن الذين يراهنون على خروج الشارع السوداني سيطول انتظارهم.. { هناك الآن مسودة لدستور إسلامي يتفق ويختلف عليها البعض.. ما هو رأي المؤتمر الوطني في هذه المسودة وهل تؤيدونها لتكون دستورا دائما للبلاد؟ - قرارنا أن الدستور السوداني الذي يقوم به والذي يجيزه هو الشعب السوداني، وموقفنا أن تشكل لجنة قومية لا يستثنى منها أحد، وهذه اللجنة القومية سوف توفر لها الدولة الإمكانات لتقوم باستقصاء آراء السودانيين والدستوريين وذوي الخبرة، وعندئذ تضع اللجنة مسودة لهذا الدستور ويلتف الشعب السوداني على هذه الوثيقة، والذي يقبل به الشعب سنقبل به، وحتى الآن هذه اللجنة لم تشكل بعد.. صحيح هناك مجموعات مختلفة داخل المؤتمر الوطني وخارجه كما يحدث بمصر الآن، ولكن كلها مسودات، وسوف تصب جميعها في المسودة التي سوف تقترحها اللجنة القومية، ومنها سنطلع على آراء الشعب، الذي أغلبه مسلم، وهذا لا يعني انتقاص حقوق الأقليات، فنحن نريد أن نعيش جميعا في هذا الوطن السودان، وعلى الأغلبية أن تحافظ على حقوق الأقلية، وعلى الأقلية أن تحترم الأغلبية، هذه هي رؤيتنا العامة للدستور، وهناك أصوات مختلفة، والذي سوف يحكم ذلك في النهاية هو اللجنة القومية للدستور. { هل اطلعت على مسودة الدستور الإسلامي وما رأيك فيها؟ - لم أطلع على هذه الوثيقة، ولكني اطلعت على وثائق أخرى فهناك من يحمل وثيقة الأزهر، وأنا اطلعت على وثيقة الأزهر، وهناك مجموعات أخرى لديها آراء مختلفة، بعضهم زارني وأطلعني، وأنظر إلى الكل بأنه حراك إيجابي يصب في النهاية في مصلحة إثراء الساحة والأفكار لدعم الوثيقة النهائية للدستور. { هناك تغيير كبير داخل المؤتمر الوطني وأماناته مؤخراً.. ماهو المغزى من هذه التغييرات في هذا التوقيت؟ - في تقديري التغيير هو سنة الحياة، وأسوأ ما في أحزابنا أن تتحكم مجموعة في الحزب وتظن أن غيرها غير قادر على العطاء. أنا الذي أمامك أشغل أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني، وهناك (6) قطاعات بالحزب، والدكتور نافع اقترح تغيير (5) منهم ولم يتم تغييري، ولم أحضر الجلسة التي تم فيها ذلك، ولو حضرت لطلبت تغييري أيضاً، فالأفضل تغيير كل القطاعات، فأنا أعمل منذ عام 2005 في هذا المكان، ويمكن أن تأتي وجوه جديدة وأذهب أنا إلى مكان آخر، ليس بالضرورة أن أغادر نهائيا، ولذلك سيتم تغييري وترشيح آخر. { هل سيصدر قرار بتغييرك من أمانة العلاقات الخارجية بالحزب؟ - نعم سيتم تغييري في الأيام المقبلة، والمكتب القيادي من حقه أن يغير إما لسوء الأداء وبالتالي لابد من جديد، أو الاستمرار لفترة طويلة وبالتالي لابد أن يأتي شخص جديد يضيف جديداً، وهذا ليس معناه أننا سنجلس بمنازلنا، فمجال العمل كبير، والذي يؤدي إلى الفساد هو بقاء القيادات فترة طويلة في مقاعدها، لأنه حتى لو كانت القيادات غير فاسدة تنشأ حولها مجموعات فاسدة، وهنا تبدأ بؤر الفساد، نحن مطالبون على مستوى الدولة والأحزاب أن يكون هناك تغيير جذري، ولذلك سينعقد المؤتمر العام للمؤتمر الوطني في العام القادم، وسيكون به تغييرات على مستوى عال في كافة مواقع الحزب، وهذا شيء طبيعي، فالتغيرات في المؤتمر الوطني طبيعية وصحية وقد تكون تأخرت، ولكن عندما ننظر للحزب مقارنة بباقي الأحزاب تجدينه متقدماً جداً، فمن من هذه الأحزاب لديه أمين عام سابق أو أمين أو رئيس قطاع سابق مثلنا، رغم عمرنا القصير مقارنة بهذه الأحزاب، التغيير يثري التجربة ويوفر كثيراً من القيادات لأماكن أخرى ويفتح الباب أمام الشباب حتى لا يحسوا بأن السقف مغلق تماما أمامهم. { بمناسبة الحديث عن الفساد هناك من يعتقد أنه رغم تشكيل آليات لمحاربته مؤخرا بالبلاد إلا أن الدولة لم ولن تستطيع ملاحقة الفاسدين الكبار؟ - المعارضة تريد أن تستغل الدعوة لمحاربة الفساد لضرب الحكومة واستغلال ذلك في العمل السياسي، وتريد من ذلك جر الحكومة خلف هذه الحملة، وبالتالي قيادات الدولة تكون أمام القضاء والمحاكم. نقول لا بد من محاربة الفساد، وهذه المحاسبة لا بد أن تندرج تحت قوانين، حتى لا نفتح المجال هكذا، وحتى لا يُتهم البرئ ويحاكم، لا بد أن يكون الاتهام للشخص الفاسد ويجب أن يحاكم، وهناك قيادات عليا في المؤتمر الوطني ومن خيرة قياداته داخل السجون، مثل ما حدث في (الأقطان)، وقد لا يكون الاتهام كاملاً، وأجزم أن هناك أخطاء أدت لذلك، ولكنها في النهاية مسؤوليات إدارية ويجب المحاسبة عليها، فعندما علمت الدولة من خلال الإعلام والأمن أن هناك فساداً لم تتأخر في المحاسبة، فما الذي تريده المعارضة؟ هل تريد أن ننصب المشانق دون محاكمة، لدينا آليات في البرلمان وكذلك النائب العام لديه ادارة لذلك، وآلية أخرى منفصلة على مستوى رئاسة الجمهورية وتستطيع جمع المعلومات التي ترد في الصحف والمواقع الإلكترونية وغيرها وتعطي هذه المعلومات للآليات القانونية، ونعتقد أننا أكثر جدية من غيرنا في محاربة الفساد. { رغم حديثك عن أنكم الأكثر جدية في محاربة الفساد وتأكيدك على دور الإعلام في ذلك، إلا أن هناك إجراءات لإغلاف الصحف من قبل السلطات الأمنية، كما تم اعتقال البروفسير زين العابدين.. هل هي إجراءات قانونية؟ - جهاز الأمن لديه فترة زمنية محددة أعتقد من شهر إلى 3 شهور لا يستطيع أن يتجاوزها في الاعتقال، وبروفسير زين العابدين خرج قبل هذه المدة، فهذا قانوني، وزين العابدين لم يتحدث عن أسرة الرئيس فقط، ولكنه تحدث عن القوات المسلحة، ومعروف أنها جهاز قومي، والغرض إشانة السمعة بما استوجب اعتقاله، فعلى أي شخص أن يتحقق أولاً دون الزج بأسماء دون دليل، ولو فتحنا الباب هكذا معناه أن منظومة الأخلاق والقيم التي تحكم الشعب السوداني سوف تنهار، وأقول للبروفسير زين العابدين لو لديه ما يدين الرئيس وأسرته عليه فتح بلاغ بذلك، ولكن أن تفتح الصحف للتشهير بالأشخاص فهو غير مقبول، فالجميع يمكنه نقد الحكومة والوزراء وحتى الرئيس وأسرته، ولكن بدليل، وغير ذلك مرفوض. أما عن الصحيفة التي أغلقت فالمقال الذي كتب فيها كان به هجوم على القوات المسلحة، وإغلاقها من قبل جهاز الأمن قانوني، وهذا القانون تمت إجازته وقت أن كانت الحركة الشعبية والمعارضة بالحكومة ووافقوا عليه، فجهاز الأمن لم يخرج على القانون، إذا تعسر القانون هذا ليس معناه أنه لا توجد أخطاء، لكن علينا جميعا من خلال الصحافة الحرة محاربة هذه الأخطاء. { ما تعليقك على مقتل سيدة برصاص الشرطة، ألا تخشون أن تكون هذه الحادثة شرارة لربيع عربي سوداني؟ - لا يوجد مجتمع محصن من الأخطاء، وأيضا لا يوجد مجتمع محصن من الربيع العربي، والسؤال هل نستطيع أن نأخذ مسيرة الإصلاح بجدية؟ إذا استطعنا أن نفعل ذلك فيجب أن نغير بأيدينا بدلاً من أن يغيرنا الآخرون، حادثة المرأة كل الذي أستطيع أن أقوله إن أخطأت الشرطة فيجب أن تحاسب، ولكن أولئك الذين يظنون أن مثل هذه الحوادث تقود إلى ربيع عربي بالسودان أقول لهم سيطول انتظاركم، الربيع العربي قام على الاستبداد والتسلط والفساد والمحسوبية، والهيمنة للغرب والابتعاد عن قضايا الأمة، ولو أردنا أن نقرأ الواقع السوداني من خلال هذه الأمور.. فمثلا الإخوان المسلمين في مصر كانوا في السجون وممنوعين حتى من تشكيل حزب وأموالهم مصادرة، أما في السودان فلدينا أكثر من (70) حزبا بها شيوعي، ونحن إسلاميون، ولم نمنع البعثيين ولا حتى الذين ينادون بالتطبيع مع إسرائيل، وهناك أحزاب قديمة وجديدة، فالكل له الفرصة في أن يشكل حياته السياسية، والصحف كلها معارضة للحكومة، والانتخابات في معظم الدول العربية تقوم بواسطة وزارة الداخلية، أما في السودان فتجرى بواسطة مفوضية يجرى الاتفاق عليها بين الحكومة والمعارضة وكان رئيسها مسيحياً مولانا «أبيل ألير» باتفاق أيضا مع المعارضة، وقانون الانتخابات تم الاتفاق عليه مع المعارضة، ورقابة الانتخابات كانت داخلية وخارجية، والرئيس لا يستطيع أن يمضي أكثر من دورتين.. أنا لا أريد أن أبرز السودان كنموذج متكامل، لكن مقارنة بغيره هو الأفضل، السودان به فساد محدود ربما لأن السودانيين ليسوا أغنياء، أو لأن القيادة السودانية بسيطة ليست من أصحاب الأموال كما حدث بمصر، أما عن هيمنة الغرب فمعارضتنا تعترف أننا لسنا تابعين، ولدينا مواقف ندفع ثمنها إلى الآن.. أقول للمعارضة أنها إذا راهنت على الشارع فهي لا تعرف الشعب السوداني، فالشعب السوداني ليس أقل شجاعة من المصري والليبي ومن قاموا بثورات، فقد قاد هذا الشعب ثورات من قبل ووقف أمام رصاص الإنجليز، فهو ليس شعباً جباناً، وإذا خرج لن تمنعه شرطة ولا أمن ولا غيرهم. { دكتور أنت تتولى ملف الاستثمار في السودان الآن ما هي آفاق الاستثمار بالبلاد وخاصة مع مصر الثورة؟ - الاستثمار يحتاج إلى بيئة، وإلى حد كبير وفرنا هذه البيئة، ولأول مرة في تاريخ العلاقات مع مصر لأكثر من 7 آلاف سنة لأول مرة يقوم شارع أسفلت تم في شرق النيل قبل أيام، وبعد شهرين هناك آخر في غرب النيل، وهناك الآن بروتوكول يقنن حركة البضائع والتجارة عبر هذه المنافذ، هذا جزء من تهيئة المناخ، وانتهينا من مسودة قانون الاستثمار وبه حوافز كثيرة للمستثمرين، وهناك زيارات عديدة متبادلة بين مسؤولي البلدين، ولا يمر يوم وإلا ونستقبل مستثمرين مصريين، والمستقبل واعد بيننا، والإرادة السياسية متوفرة الآن، وهناك قانون الحريات الأربع، وقبل أيام حضرت مؤتمراً للمصريين بالسودان ووجدت أعداد المصريين قد زادت كثيراً، فنحن في إطار الحريات والبيئة والطرق والقوانين ومجالات الاستثمار أمام استثمار واعد جدا بين البلدين.