شككت احزاب الجنوب في نوايا الحركة الشعبية تجاهها وذلك عقب الدعوة التي وجهتها لزعماء الأحزاب الجنوبية في ديسمبر الماضي للتشاور حول استفتاء تقرير مصير الجنوب، وبعد ضغوط كثيرة مارستها الولاياتالمتحدة لإشراك هذه الأحزاب في إدارة الحكم في الجنوب وعقب إعلان نتيجة الاستفتاء بات واضحاً أن الحركة تقوم باستخدام الأحزاب الجنوبية كأدوات سياسية لتنفيذ مصالحها ثم تضرب بهم عرض الحائط كما فعلت بتوصيات الحوار الجنوبي الجنوبى، بجانب دعوتها الأخيرة لمناقشة المسودة النهائية لدستور الجنوب الذي مازالت الخلافات قائمة حوله بين الأحزاب الجنوبية والحركة الشعبية . وللوقوف على الراهن السياسى بالجنوب وبصورة مفصلة التقى المركز السوداني للخدمات الصحفية البروفسير ديفيد ديشان رئيس حزب الجبهة الديمقراطية في حوار طابعه الشفافيه والوضوح حيث حذر من مغبة تجاوز الأحزاب الجنوبية في إدارة الحكم في الجنوب من قبل الحركة الشعبية، مطالبا الحركة بالاستماع لصوتهم، وأمهل الحركة حتى الخامس عشر من الشهر الجاري كحد اقصى لتنفيذ مطالبهم، كما تطرق ديشان إلى نقاط أخرى ساخنه.. فإلى مضابط الحوار: المسودة النهائية لدستور الجنوب؟ سألنا بروفسير ديشان بدءا ان كان قد تمت دعوتهم كأحزاب لمناقشة مسودة دستور الجنوب؟ فأجاب بالقول: نحن كما تعلمون انسحبنا من لجنة صياغة المسودة النهائية في شهر فبراير الماضي وذلك بسبب تنصل الحركة الشعبية عن اتفاقها معنا كأحزاب جنوبية من توصيات مؤتمر الحوار الجنوبي الجنوبي والتي تتعلق بمشاركتنا في صياغة الدستور بنسبة مقدرة من ممثلينا لكافة الأحزاب، وكذلك اتفقنا كأحزاب جنوبية على عدم الاستجابة لرغبات الحركة بتمثيلها بحوالي (41) عضوا في لجنة وضع المسودة بجانب (11) عضوا فقط يمثلون الأحزاب الجنوبية ومنظمات المجتمع المدني، لذلك رفضنا المشاركة في صياغة المسودة لأنها لا تعنينا بشئ، وقد أرادت حكومة الجنوب أن يتم اختيار الممثلين للجنة الدستور وفقاً لتصويت الأغلبية وليس عن طريق ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الجنوبي الجنوبي. بالإضافة لذلك نحن كأحزاب جنوبية نرى أن رئيس اللجنة وبعض اعضئها ليسوا من الكوادر القانونيه. وعندما اطلعنا على المسودة النهائية وجدنا هناك تناقضات تتعلق بعدم وجود نص دستوري واضح يتحدث عن دولة، فضلاًً عن عدم تضمين نصوص دستورية مهمة، لذلك نحن سنقوم قريباً بتحليل مسودة الدستور والخروج برأى نهائي حيالها وتحديد ان كان الدستور متوافق من الناحية القانونيه مع الوضع السائد بالجنوب من جميع جوانبه. وإذا كان بخلاف ذلك فسنقوم بمقاطعته ونحن نرى أن الحركة الشعبية تريد الانفراد بالسلطة وحكم الجنوب لوحدها كما تريد الاستمرار فى الحكم خلال الاعوام الاربعة القادمة كفترة انتقالية، ونحن من جانبنا لا نقبل بذلك ولابد أن تكون الفترة الانتقالية (21) شهراً فقط لأن دولة الجنوب ستكون دولة جديدة ويتم انتخاب رئيس جديد عبر انتخابات حرة ونزيهة وفقاً لقوانين الأحزاب والديمقراطية. هل استجابت الحركة لشروطكم حول الحكومة الجديدة؟ نحن اشترطنا عليهم إقامة انتخابات وفقاً لاتفاقية نيفاشا وقبل إعلان الانفصال لأن الجنوب سيكون دولة جديدة عقب التاسع من يوليو ولكننا لم نتوصل لاتفاق معهم كذلك حددوا فترة (4) أعوام كفترة انتقالية إضافة لتكوين برلمان منتخب من الشعب بإضافة عضوية الجنوبيين الذين سيأتون من برلمان الشمال، ونحن ايضا لم نقبل بهذا القرار لأنه قرار ديكتاتوري ، وإذا استمر هذا النظام الظالم في الجنوب فسينقسم الجنوب إلى ثلاث دويلات بحر الغزال، الاستوائية وأعالي النيل. ونحن نعتبر فترة الستة أعوام ونصف التي مضت عبارة عن حكم ديكتاتوري بالجنوب وظالم وغير ديمقراطي ولا نقبل استمرار هذا النظام لمدة (4) أعوام أخرى كفترة انتقالية لان ذلك سيؤدي لانشقاق كبير جداً. ما هي أهم مطالبكم ؟ نحن كأحزاب جنوبية لدينا جملة من المطالب تتمثل في إقامة نظام حكم جديد تشارك فيه كل ألوان الطيف السياسي بنسبة 50% لكل من الأحزاب والحركة ولابد أن يمثل دستور الدولة الجديدة رأي كل الشعب الجنوبي بدلاً عن رأي الحركة الشعبية لوحدها. هل ستشاركون في إجازة الدستور؟ نحن لم نحدد حتى الآن وسنجتمع كقادة أحزاب جنوبية وبعد دراسة مضمون مسودة الدستور دراسة مستفيضة سنقرر إذا كنا سنشارك أم لا. نحن نستنكر تهديد الحركة بالنسبة لنا كأحزاب جنوبية في حال عدم مشاركتنا في إجازة الدستور وقولها بطرد كل الأحزاب التي ترفض المشاركة . ونحن نتساءل من هو سلفاكير حتى يمنعنا من دخول الجنوب ونحن لدينا حقوق كثيرة في الجنوب وشعب الجنوب هو شعبنا وكل مؤسسات الحكم في الجنوب لدينا نصيب كبير فيها. الصراعات القبلية في الجنوب .. لاشك ان الحركة الشعبية هي السبب في حدوث الصراعات القبلية وهذا الصراع هو صراع من اجل التغيير وجميع المنشقين سواء كان جورج أطور، بيتر قديت، قلواك قاي، قبريال تانج وغيرهم، هؤلاء القادة يمثلون قبائل مختلفة وتمردوا على الحركة الشعبية نسبة للظلم والتهميش، إذن القبلية جاءت من هذا المنطلق لذلك إذا انعدمت الديمقراطية في الجنوب فيجب أن تحكم كل قبيلة نفسها، وقد يحدث ذلك نسبة لفشل الحركة الشعبية طوال (6) أعوام في إدارة الحكم في الجنوب ولكنها نجحت في الفساد فقط وازكاء روح القبلية والجهوية. هل يستطيع المنشقون تغيير النظام في الجنوب؟ نعم يستطيع هؤلاء المنشقون تغيير نظام الحكم في الجنوب وتكوين حكومة منتخبة تستطيع إدارة الحكم لأنهم منشقين عن الجيش الشعبي وهم جيش الحركة ونظموا أنفسهم، ونحن نعلم تماماً بأنهم لديهم مقدرات هائلة على ذلك التغيير لأن الحركة الآن فشلت في التصدي لهؤلاء المنشقين وهي تقوم الآن بقتل الأبرياء والعزل من النساء والأطفال بدلاً من مواجهة المنشقين ولذلك نحن نطالب منظمات حقوق الإنسان بمحاسبتها لأن الصراع في الجنوب صراع سلطة وظلم. ما هي رؤيتكم للدولة الجديدة بالجنوب ؟ نحن نرى أن تصبح الدولة الجديدة دولة شاملة ويكون الدستور يمثل كل الأحزاب الجنوبية وليس رأي حزب واحد وهذا هو السبب الذي جعلنا نقرر عدم المشاركة في صياغته لأنه دستور حزبي ويفتقر لنصوص دستورية مهمة لم تضمن فيه، كذلك يحتوي على تناقضات تتعلق بعدم وجود نصوص دستورية هامه مما يجعل الحركة تحاول عبره الانفراد بالسلطة. ماذا تم بشأن توصيات الحوار الجنوبي؟ كما تعلمون أن الحركة الشعبية تنصلت عن التوصيات الأخيرة في ديسمبر الماضي واتضح ذلك عبر تكوين لجنة صياغة للدستور التي تم اختيارها من أحزاب معينة وكذلك الحوار مع رئيس حكومة الجنوب لا يتم إلا عبر مستشاره وهو لم يجلس معنا ونحن قمنا بإرسال مناديب ولم يتم قبولهم وذكرنا له بأن الذين تم تعينهم لمناقشة الدستور لا يمثلون كافة ألوان الطيف السياسي بالجنوب ومن المفترض أن يتم دعوة زعماء الأحزاب الجنوبية لكي يشاركوا في هذا القرار لذلك نحن نعتبر هذا الشيء الذي حدث بمثابة تنصل عن توصيات الحوار الجنوبي ونحن لنا رأي آخر سنقرر ما سنفعله في الأيام القادمة بعد أن تجاوزتنا الحركة الشعبية في صياغة الدستور فنحن نعتبر ذلك خرق للقانون سيما ونحن ناس دستوريين وقانونيين نعرف ماذا نعمل في بلدنا والعمل من أجل مصلحة وتنمية الجنوب خاصة أن هؤلاء يهتمون بجمع المال فقط وممارسة الفساد والظلم. هل ترى أن الحركة تسرعت في الانفصال؟ افتكر أن النتيجة التي تم اعلانها من قبل الحركة يوم 7/2 بنسبة 97% تدل على أن الحركة تعمل بمفردها ولا تقوم بمشاركة الأحزاب الأخرى معها في الحكم ونحن طالبنا بإجراء استفتاء حر ونزيه وشفاف ويتميز بالديمقراطية وإذا تم اجراءه بهذه المواصفات لا يجب أن تكون النتيجة هي انفصال ، وكانت هناك خلافات بين الحركة والمؤتمر الوطني ونحن تدخلنا وكذلك رؤساء بعض الدول العربية لحلها لكي يقرر الجنوبيون هل يريدون الانفصال أم لا؟ نحن نشكك كثيراً في نسبة 97% التى تدل على أنها مزورة من قبل الحركة ، والبطاقة يتم التصويت عبرها ثلاث مرات.. وبنفس الاسم. الالتزام بترحيل الجنوبيين ..واوضاع العائدين .. الجنوبيون أوضاعهم الان ازدادت سوءًا اكثر مما كانت عليه خاصة بعد عودتهم الأخيرة للمشاركة في الاستفتاء، وتوجد مجاعة وعدم توفر الغذاء والمدارس والمستشفيات والتنمية والبنى التحتية مفقودة والحركة الشعبية لم تشرع في عمليات تنمية خلال فترة الستة أعوام التى امضتها في سلطة وفقاً لاتفاقية نيفاشا وتعللت بعدم وجود الاموال، رغم انهم يقومون بتحويلها إلى حساباتهم فى البنوك الخارجية في سويسرا وكينيا. إذن الأحزاب الجنوبية دورها محجم في الجنوب؟ هذا صحيح لأن الحركة الشعبية حركة دكتاتورية وقمنا بالتزام الصمت خلال (6) أعوام واتفقنا على عدم الاحتجاج على ممارسات الحركة لنرى كيف تستطيع إدارة الحكم ولكنها افتكرت نفسها بأن لديها جيش وستقوم بإدارة الجنوب ولكن عندما فشلت الآن الشعب الجنوبي ينتظر يوم 9/7 عندما تقوم الحركة برفع العلم وسنقوم بالإطاحة بها، وهناك من يرى بغير ذلك أي سيقومون بتغيير النظام قبل يوم 9/7 لأنهم إذا انتظروا ذلك اليوم سيكون هانلك صدام وقتل بين الحكومة والشعب ولذلك نحن كأحزاب جنوبية نقوم بإمهال الحركة الشعبية مدة (3) أسابيع إلى يوم (15/5) وإذا فشلت في حل هذه المشاكل وتنفيذ مطالبنا فسيكون هناك تغيير في نظام الحكم وان كان عبر الصراع بين المنشقون والجيش الشعبي. كلمة أخيرة؟ لابد لحكومة الجنوب من الاستماع لصوت الأحزاب الجنوبية لأن حكم الجنوب بدون الأحزاب سيجلب مشاكل كثيرة وسيتم تقسيم الجنوب إلى ثلاث دويلات لأنه لا يوجد شخص يريد الحكم الديكتاتوري بل الشعب يريد الحكم عبر الديمقراطية ولابد أن تكون الفترة الانتقالية (18-21 شهرا) وليست أعوام وتكون نسبة المشاركة (50%) للحركة ومثلها للأحزاب الجنوبية ، ويجب أن يتم اختيار اعضاء البرلمان عبر انتخابات حرة ونزيهة وعدم إرجاع عضوية البرلمان في الشمال إلى برلمان الجنوب دون انتخابات.